سياحة مصر والتلكؤ الروسي

01 فبراير 2021
حطام الطائرة الروسية المنكوبة في 2015/ الأناضول
+ الخط -

عقب سقوط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في شهر أكتوبر 2015، وهو الحادث الذي راح ضحيته 224 سائحا وهوى بصناعة السياحة المصرية، فرضت روسيا حظرا كاملا على رحلات الطيران المتجهة إلى مصر ومنتجعاتها السياحية، ومنها شرم الشيخ والغردقة الواقعتان على البحر الأحمر.
بعدها دخلت السلطات المصرية والروسية في مفاوضات مطولة بهدف الاتفاق على خطوات مطمئنة للروس تدفعهم لاتخاذ قرار بمعاودة استئناف رحلات السياحة والطيران إلى مصر.
وأسفرت تلك المفاوضات عن الاتفاق على قيام القاهرة بتطبيق إجراءات أمنية مشددة على الطائرات المتجهة إلى موسكو، وتوفير الظروف الآمنة لتلك الرحلات، وتأكد السلطات الروسية من سلامة الإجراءات الأمنية المطبقة في المطارات المصرية، وكذا انتهاء مرحلة التحقيق في أسباب سقوط الطائرة الروسية وصرف تعويضات مقبولة لأسر الضحايا.
ورغم إنجاز معظم تلك الخطوات إلا أن القرار الروسي كان هو استمرار منع السياحة الروسية من السفر للمدن السياحية المصرية، وهو ما يمثل لغزاً كبيراً بالنسبة للمصريين، خاصة العاملين في قطاع السياحة والطيران.

صحيح أن البعض ربط التلكؤ الروسي في استئناف الرحلات الروسية إلى المقاصد السياحية المصرية، بعدم سداد القاهرة قيمة التعويضات التي اشترطت السلطات الروسية سدادها كاملة لأهالي ضحايا الطائرة المنكوبة، لكن آخرون يرون أن القرار الروسي سيادي بالدرجة الأولى، وأنه إذا ما أرد فلاديمير بوتين إزالة الحظر المفروض على السياحة المصرية فيمكنه على الفور.
وعلى مدى أكثر من خمسة أعوام وعدت موسكو الحكومة المصرية باستئناف الرحلات الروسية إلى مصر، وكانت أغلب تلك الوعود يتم إعلانها خلال مناسبات رسمية أو شبه رسمية، مثلا خلال زيارة بوتين إلى القاهرة أو زيارة السيسي إلى موسكو، أو خلال زيارات متبادلة لوزراء نقل وطيران وسياحة من الجانبين. 
ومع عدم تنفيذ بوتين وحكومته لوعودهما وتلكؤ موسكو في الالتزام بتعهداتها تحول الموقف الروسي إلى لغز كبير يستعصي على فهم الكثيرين في مصر ويطرح علامات استفهام حول السبب الحقيقي الذي يدعو الجانب الروسي إلى التلكؤ في هذه الخطوة المهمة للاقتصاد المصري، خاصة إذا ما علمنا أن عدد السياح الروس إلى مصر كان يتجاوز 3 ملايين سائح سنويا قبل حادث سقوط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء، وأن السياحة الروسية تمثل أحد الروافد المهمة لإيرادات مصر من النقد الأجنبي، وأن الروس وحدهم كانوا يمثلون نحو نصف السياح في مدينة الغردقة. 
كما أن البلدان التي كانت تفرض حظرا على المقاصد السياحية المصرية ألغت هذا الحظر مثل بريطانيا وغيرها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

الموقف الروسي مستغرب، خاصة وأن العلاقات المصرية الروسية شهدت تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث هناك تقارب سياسي، ومفاوضات لتأسيس المنطقة الصناعية الروسية ضمن مشروع تنمية إقليم قناة السويس، وكذلك مشروع إقامة محطة الضبعة للطاقة النووية السلمية والممولة من روسيا.
وعود وراء وعود ولا يزال الموقف الروسي الغامض لا يراوح مكانه، وربما تتكرر تلك الوعود خلال الزيارة المقبلة للرئيس الروسي لمصر في شهر مارس المقبل، والتي سبقها زيارة مسؤولين روس الغردقة الأسبوع الماضي لفحص الإجراءات الأمنية المتبعة في المطار.

المساهمون