سياحة المنتجعات والفنادق عصيّة على التونسيين

16 يوليو 2024
تراجع الحجوزات في الفنادق والمنتجعات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

 

باتت السياحة في الفنادق والمنتجعات عصية على التونسيين المنهكين من الغلاء، إذ يشكو طيف واسع من السياح المحليين من عدم قدرتهم على مجاراة نسق أسعار الحجز في الفنادق في فترة الإجازات الصيفية.
ويتعزز شعور التونسيين بالإقصاء من إمكانيات النفاذ إلى الخدمات السياحية داخل الفنادق بين عام وآخر نتيجة تراجع قدرتهم الإنفاقية ما يدفعهم عن البحث عن بدائل رخيصة من بينها الهروب إلى الشواطئ العمومية أو تأجير منازل في مناطق ساحلية بأقل كلفة.
وتقدر كلفة الإقامة لليلة واحدة لأسرة متكونة من 4 أفراد في فندق من فئة أربع نجوم بحسب الشهادات التي جمعتها "العربي الجديد" ما بين 1000 و2000 دينار (أي ما بين 330 و660 دولاراً أميركياً) ما يعادل ضعف متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع الحكومي الذي لا يتجاوز 924 ديناراً وفق أحد البيانات الحكومية.


غلاء الفنادق

يقول كريم سنوسي، وهو أب لثلاثة أطفال إن قضاء إجازة صيفية في أحد الفنادق بات حلماً صعب المنال للتونسيين من ذوي الدخل المتوسط، مؤكداً أن محاولات الحجز التي حاول إجراءها عبر المنصات ووكالات الأسفار قدرت كلفة الإقامة لعائلته المتكونة من خمسة أفراد بأكثر من 1400 دينار يومياً في فندق من فئة أربع نجوم.
وأكد سنوسي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه قد يحتاج إلى إنفاق أربعة رواتب لقضاء إجازة لا تتجاوز خمسة أيام في فندق سياحي يقدم الخدمات ذاتها إلى السياح بكلف أقل بكثير.

وتابع: "لا تسمح إمكانيات التونسيين بالذهاب إلى الفندق، نحن مرهقون بنفقات المعيشة والفواتير، لم يبق لنا خيار سوى الشواطئ العمومية وهي مكلفة أيضاً".
وتشير آخر الإحصائيات حول الترفيه نشرها معهد الاحصاء الحكومي إلى أن المستهلك التونسي يخصص 6.69% من ميزانيته للترفيه والثقافة، أي معدل 18 دولاراً للفرد الواحد، وتشهد هذه النسبة تراجعاً منذ سنوات، حيث كانت في مستوى 8.9% من الميزانية سنة 1985.
وعلى امتداد الفترات الصعبة التي عاشتها سياحة تونس شكلت السوق الداخلية الحزام الداعم للقطاع الذي سجلت نسب إقبال مهمة من التونسيين ممن منحوا هذه الصناعة جرعة أكسيجين ساعدت على تخفيف الخسائر التي خلفتها الضربات الإرهابية ثم جائحة كورونا.


تذمر المغتربين

لا يقتصر التذمر من غلاء سياحة الفنادق على المحليين، فقد أبدى التونسيون في المهجر أيضاً، قلقاً من غلاء أسعار الفنادق ما يدفع العديد منهم إلى تغيير وجهاتهم خلال إجازة الصيف نحو بلدان تقدم عروضاً أقل سعراً.
وتقول التونسية المقيمة في النمسا سماح الخميري إنها فكرت مبكراً في برمجة إجازتها الصيفية في بلادها، غير أنها صعقت بتعريفات الفنادق، حيث بلغت كلفة قضائها لأسبوع في فندق من فئة خمس نجوم بجهة الحمامات إلى ما يزيد عن 3 آلاف يورو من دون احتساب سعر تذكرة الطائرة وباقي مصاريف الإجازة.
وأكدت المتحدثة في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الغلاء دفعها إلى تغيير وجهتها والبحث عن وجهات أقل كلفة، مشيرة إلى أنها تمكنت من الظفر بفرصة إجازة في جزيرة يونانية بكلفة لا تزيد عن 1800 يورو تشمل الإقامة الكاملة في الفندق ومصاريف التنقل.

وبداية الموسم توقعت تونس هذا العام استقبال ما لا يقل عن عشرة ملايين سائح، غير أن نسبة الحجوزات في الفندق سجلت تراجعاً خلال شهري يوليو/ تموز الحالي وأغسطس/ آب بنسبة تصل إلى 15 % وفق بيانات صدرت عن جامعة وكالات السفر والفنادق.


تراجع الحجوزات

أعلن رئيس الجامعة أحمد بالطيب، تسجيل تراجع في نسق الحجوزات في فترة ذروة الموسم الصيفي بنسبة تتراوح ما بين 10 و15%. وعبر بالطيب في تصريح لـ"العربي الجديد" عن قلق من تراجع الحجوزات، مؤكداً أن نسبة الامتلاء في الفنادق لم تصل إلى طاقتها القصوى في عدد من الوجهات الساحلية الرئيسية على غرار جربة والحمامات وسوسة.
ورجح أن يكون ارتفاع أسعار الفنادق خلال فترة ذروة الموسم السياحي من بين أسباب تراجع نسق هذه الحجوزات.
ويحد تراجع الحجز في الفنادق من عائدات القطاع السياحي وقدرته التشغيلية بعد أن قدرت إيراداته إلى مايو/ أيار الماضي بما يزيد عن 2.1 مليار دينار أي نحو 700 مليون دولار وفق بيانات البنك المركزي التونسي بزيادة تصل إلى 7.8% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ويقدر رئيس منظمة إرشاد المستهلكين لطفي الرياحي نسبة الزيادة السنوية في أسعار الحجوزات في الفنادق التونسية بنحو 25 %، مؤكداً أن الأسعار المعتمدة تجعل السائح المحلي "عجلة احتياط" يتم اللجوء إليها في زمن الأزمات.
وقال الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن سياسات تنمية السياحة الداخلية وفق قدرة التونسي على الإنفاق غائبة تماماً، ما يسبب إقصاء آلياً للسياح المحليين في مواسم الذروة والسنوات التي تشهد إقبالاً من الأسواق الخارجية.
وتقدر مساهمة السوق الداخلية بنحو 27%من الحجوزات، بحسب بيانات لجامعة وكالات الأسفار التي تعتبر أن هذا المنتج سوق قائمة، لكنها سريعة التأثر بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

المساهمون