تدور سياحة الطهي، التي تعرف أيضاً باسم سياحة الطعام، حول استكشاف الطعام كشكل من أشكال السياحة، سواء كان ذلك تناول الطعام أو الطهي أو حضور مهرجانات الطعام والشراب، أو حتى زيارة سوق المزارعين.
حسب بيانات منظمة السياحة والسفر، فإن الكثير من السياح، يضعون الطعام في قائمة الأولويات لدى زيارتهم أي بلد، وتقدر المنظمة أن قيمة الأموال التي تنفق على الطعام والشراب أثناء السفر تمثل من 15 إلى 35 في المائة من إجمالي الإنفاق السياحي.
السبب في ارتفاع نسبة الإنفاق على الطعام يعود إلى الرغبة بالتعرف على أنماط وثقافات جديدة، فالطعام يعكس إلى حد كبير مدى ارتباط الدول بالتاريخ والتقاليد القديمة.
على سبيل المثال، تعد مصر واحدة من الدول التي تعكس التنوع الثقافي للحضارة القديمة، من خلال تمسك الكثير من المواطنين بأطباق يعود تاريخها للحقبة الفرعونية.
انتعشت سياحة الطهي قبل انتشار فيروس كورونا، إذ كانت مهرجانات الطعام، خصوصاً في أوروبا، تجذب الملايين. خلال فترة الوباء، وما تبعه من تأثيرات، ضعفت إلى حد كبير، لكنّها اليوم تعود بقوة من خلال مهرجانات دولية تقام في أكثر من دولة، ولذا إن كنتم تحبون الغوص في التاريخ القديم، والتعرف على الثقافات المتنوعة، قد يساعدكم تذوق الأطعمة في اكتشاف بعد آخر للوجهة السياحية المقصودة.
أماكن مختلفة
عند زيارتكم أي مدينة جديدة بهدف اكتشاف ثقافتها، وتذوق تنوع أطباقها، ينصح دائماً بالانخراط في نشاطين أساسيين. الأول: التسجيل أو الانتساب إلى دروس الطهي التي تقام في المدينة، لمدة يوم أو يومين، سواء أكانت دروساً فردية تقدمها بعض السيدات في القرى، أو دروساً جماعية تقوم بها مؤسسات تروج لسياحة الطعام.
أما النشاط الثاني، فيكون بزيارة سوق المزارعين، لشراء المنتجات الطازجة، ويعد شكلاً من أشكال السياحة الغذائية.
وفي هذا الإطار، تعد الأسواق الآسيوية نموذجاً رائعاً للتعرف إلى أسواق المزارعين.
تجمع تايلاند، على سبيل المثال، هذين النشاطين، ويتعرف السائح إلى أنماط جديدة في الطعام، من خلال زيارته المزارع الضخمة والتعرف إلى طرق الطهي.
وتعد بانكوك من المدن الرائعة التي تقدم فرصة لتجربة طعام الشارع، ويعتبر سوق وانغ لانغ أحد أشهر الأماكن لتناول الأطعمة التقليدية، ولا تفوتوا فرصة التنزه في الأسواق العائمة، وتناول الفواكه الاستوائية.
هونولولو... وروائح ذكية
الكثير من السياح يفضلون زيارة هونولولو للاستمتاع بالأنشطة الصيفية، خاصة على شواطئها الخلابة، لكن هذه المدينة الرائعة الواقعة في ولاية هاواي الأميركية تحتوي أيضاً على أنواع مختلفة من النشاطات الاستثنائية، وفي مقدمتها الاستمتاع بفن الطهي، وكيفية مزج الفاكهة الاستوائية عند إعداد الأطباق الرئيسية.
يعد المطبخ المحلي في هاواي مزيجاً فريداً من ثقافات المهاجرين التي لا تعد ولا تحصى، مما جعل الجزر موطناً لهم. متأثرة بثقافات سكان هاواي الأصليين، والآسيويين، والأميركيين، والأوروبيين، وثقافات جزر المحيط الهادئ الأخرى. يعكس طعام هاواي عنوانها "بوتقة انصهار المحيط الهادئ".
السياحة في تلك المنطقة لا تقف عند حدود تذوق الأطعمة، بل يشعر السائح براحة كبيرة نظراً لاستقبال السكان المحليين له عبر طهي أفضل الأكلات. يسعى السكان إلى تعريف الزائر بالعديد من الأنشطة التي تصور حياتهم اليومية، ولذا فهي فرصة رائعة لاكتشاف حضارة جديدة.
التاريخ في نابولي
تاريخها وتقاليدها في الطهي جعلا نابولي في مقدمة المناطق الإيطالية التي يسعى السياح إلى زيارتها، والتعرف إلى التقاليد الإيطالية فيها.
تساعدكم جولة في المدينة على اكتشاف ما تختزنه من ثقافة مختلفة عن باقي المناطق. ما يميز هذه المدينة عن غيرها أنّ لكلّ شارع قصة فريدة مع الطعام. فلا يمكن للزائر أن يمر بأي شارع أو منطقة أثرية من دون أن يتذوق طبقاً مختلفاً عن الآخر.
تبدأ الجولة عادة في نابولي، خارج أسوار المدينة القديمة في منطقة بورتا كابوانا مع كوب من الإسبريسو وقطعة من Sfogliatelle، وهي أنواع من الحلوى اللذيذة. بعدها، لا يمكن أن يغفل السائح عن تناول الغذاء التقليدي، وقد يكون طبقاً من السمك الطازج واحداً من الأطباق التي لا يمكن أن يغفل عنها. أما في العشاء، فتعد البيتزا التقليدية حاضرة وبقوة.
في الفترة الماضية، ومن أجل تعزيز السياحة الشعبية، بدأ المرشدون بنسج العلاقات مع الخبازين والبائعين والطهاة الذين يجعلون مشهد الطعام فريداً، إذ يصطحب عادة المرشدون الزوار للتعرف إلى تقاليد صناعة الخبز الإيطالي، كجزء من برنامجهم السياحي.
الشرق والغرب في تركيا
كونها مقسمة عبر قارتين، فليس من المستغرب أن تكون إسطنبول مدينة تتمتع بمجموعة كبيرة من الأنشطة اللذيذة المتعلقة بالطعام. لا يمكن للسائح أن يمر بأي منطقة سياحية دون أن تداعبه روائح الطعام الذكية، سواء أكانت أطعمة مالحة، أو حلويات.
في كلّ شارع من شوارع المدينة لا بدّ للزائر من أن يقف ويتذوق العديد من الأصناف، من الكباب التركي إلى أطباق اللحوم مع الخضار، وصولاً إلى أطباق الحلويات. تتميز أيضاً إسطنبول بمطاعمها الرائعة على مضيق البوسفور، حيث أطباق منوعة ومختلفة من الأسماك ستجعلكم تخوضون تجربة فريدة.
إضافة إلى ذلك، ولاختبار التنوع الثقافي، ننصحكم بحجز جولة متخصصة بالطعام، مع أي شركة سياحية والتي تعرف باسم "Two Markets ،Two Continents"، حيث يمكنكم زيارة سوقين متخصصين بفن إعداد الطعام، وبيع المنتجات الغذائية التقليدية. تشمل الجولة عبور مضيق البوسفور بين منطقتي كاراكوي (أوروبا) وكاديكوي (آسيا)، حيث تستمتعون بوجبة الإفطار والشاي والقهوة والمقبلات والحلوى وغير ذلك الكثير خلال هذه الجولة التي تستغرق 6 ساعات ونصف.