استمع إلى الملخص
- تأثرت السوق بقرارات البنك المركزي الروسي برفع سعر الفائدة إلى 21%، مما أدى إلى انتقال المشترين للسوق الثانوية وخفض الأسعار لتعويض الفوائد المرتفعة على القروض غير المدعومة.
- يتوقع الخبراء تحول السوق إلى "سوق المشتري" مع فرض المشترين شروطهم، بينما ترتفع أسعار الإيجار بنسبة 30% نتيجة تأجيل شراء العقارات.
أنهت سوق العقارات في العاصمة الروسية موسكو عام 2024، وسط حالة من الاستقرار اللافت، إذ سجلت أسعارها بالروبل ارتفاعاً طفيفاً لم تتخط نسبته 1%، بينما دفع تهاوي العملة الروسية في نهاية العام بالأسعار بما تعادله بالدولار إلى التراجع بنسبة 11.2% إلى نحو 2650 دولاراً للمتر المربع، وفق أرقام مركز مؤشرات سوق العقارات للتحليل. إلا أن حتى الزيادة الطفيفة للأسعار بالروبل لم تواكب نسبة التضخم التي ناهزت الـ10%، وفق تقديرات المصرف المركزي الروسي.
ويخيم شبح الركود على سوق العقارات بعد إقدام المركزي الروسي في النصف الثاني من العام الماضي على عدة عمليات متتالية لرفع سعر الفائدة الأساسية من 16% إلى 21%، فيما يعد أعلى مستوى لها تاريخياً وجعل تحمل أقساط قروض الرهن العقاري خارج متناول الأغلبية الساحقة من العائلات.
وأوضح "مؤشرات سوق العقارات" في تقرير له عن العام 2024 أن السوق وصلت إلى مفترق طرق بعد أن أصبح غياب قروض الرهن العقاري بأسعار فائدة تنافسية يدفع بالأسعار نحو الانخفاض من جانب، ولكن معدلات التضخم المرتفعة تدفع بها نحو الارتفاع من جانب آخر.
وكذلك لفت التقرير إلى تنامي ظاهرة انتقال قسم مهم من المشترين من السوق الأولية إلى السوق الثانوية ذات أسعار أقل مقارنة مع الشراء من المطور مباشرة. ونجم هذا الفارق في الأسعار عن إقبال العائلات على قروض الرهن العقاري المدعومة من الدولة التي تقتصر على السوق الأولية، مما كان يضطر الباعة بالسوق الثانوية لخفض الأسعار لتعويض الفوائد المرتفعة على القروض غير المدعومة من الدولة. إلا أن كبرى المصارف الروسية بدأت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتعليق منح القروض المدعومة نظراً لاستنفاد الدعم المخصص لها.
ويتوقع نائب رئيس اتحاد الوسطاء العقاريين في روسيا، قسطنطين أبريليف، أن تتحول سوق العقارات الروسية في العام الجديد إلى "سوق المشتري" لا سيما في حال كانت بحوزته قيمة العقار كاملة، مما سيؤهله لفرض شروطه على البائع سواء أكان فرداً أم مطوراً، مستبعداً في الوقت نفسه احتمال انهيار الأسعار نظراً للمعدلات المرتفعة للتضخم ووتيرة زيادة الأجور.
ويقول أبريليف لـ"العربي الجديد": "لم يكن العام الماضي سهلاً على سوق العقارات الروسية، وبصفة خاصة على المطورين من الفئة الاقتصادية الذين تراجعت مبيعاتهم بالسوق الأولية، نظراً لاستنفاد الموارد المخصصة لقروض الرهن العقاري المدعومة من الدولة، مما أدى إلى تراجع المبيعات بنسبة 30% وحتى أكثر من 50% في بعض المدن".
وحول رؤيته لتأثير الوضع الراهن على أسعار العقارات الروسية في العام الجديد، يضيف: "السيناريو الأرجح أن تحذو أسعار العقارات بالسوق الأولية حذو السوق الثانوية التي قد تراجعت الأسعار بها بالروبل بنسب تتراوح بين 5 و15%، علماً أن الأسعار النهائية قد تكون انخفضت أكثر من تلك المذكورة في إعلانات العقارات قبل التفاوض بين البائع والمشتري وإتمام الصفقة، ما يعني أن بعض المطورين قد يقدمون للمشترين الجديين تخفيضات تصل إلى 30% ببعض المشاريع".
ومع ذلك، يقر بأن هناك عوامل مثل ارتفاع دخول الأفراد والتضخم ستمنع الأسعار من الانهيار، لافتاً إلى أن الوضع الراهن يصب في صالح مؤجري العقارات، نظراً لارتفاع أسعار الإيجار بنسبة تصل إلى 30% بعد أن قرر العديد من العائلات تأجيل مشترياتها العقارية إلى حين تراجع الفوائد على القروض. وخلص إلى أن السوق تتحول إلى سوق المشترين من أصحاب قيمة العقارات كاملة والذين أصبحوا في موقع القوة عند التفاوض مع الباعة.
وبذلك تواجه سوق العقارات الروسية نذر الركود بعد بضع سنوات من الصعود، إذ بدأت أسعار العقارات السكنية في روسيا بارتفاع حاد بوتيرة تجاوزت معدلات التضخم بشكل ملحوظ منذ عام 2020. وبعد بدء الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا، واصلت أسعار العقارات في عامي 2022 و2023 نموها، ولو بوتيرة أقل، بالروبل مع بدئها في التراجع بما تعادله بالدولار.
إلا أن الطلب المرتفع على العقارات كان يعود بدرجة كبيرة إلى تدني أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري، إذ كان سعر الفائدة الحقيقي لدى البنك المركزي الروسي سالباً (أي أقل من معدل التضخم)، مما جعل شراء العقارات بواسطة الرهن العقاري استثماراً مربحاً، لكن المصرف المركزي الروسي قلب المعادلة برفعه الفائدة على نحو تدريجي من 7.5% في منتصف عام 2023 إلى 21% حالياً، وسط مساع حثيثة لكبح جماح التضخم وتحفيز الأفراد على إيداع مدخراتهم بالودائع المصرفية بدلاً من إنفاقها ورفع الطلب على السلع والخدمات.