لسنوات عديدة، شكلت سلطنة عُمان وجهة سياحية بيئية بالنسبة للعديد من الزوار، خاصة من الدول الغربية. وقد يكون مناخها ومناظرها الطبيعية أو كما يُطلق عليها "العجائب الطبيعية"، وحتى مواقعها التراثية والكنوز الأثرية، عوامل شجعت الكثيرين على زيارتها.
ومع ذلك قد تكون الزيارة أبعد من مجرد التوافد إلى معالم طبيعية أو تاريخية، والتقاط مجموعة من الصور. إذ تحمل الزيارة خاصة في فصلي الخريف والشتاء الكثير من المعاني، فهي أولا محطة ثقافية بالنسبة للعديد من المستكشفين، أو حتى محبي التاريخ العربي والخليجي. وثانيا، هي رحلة لاختبار معاني الحياة التقليدية، بكل ما تحمله من تفاصيل صغيرة. وثالثا فرصة للتعرف على شعبها الودود المحب للضيافة، وتذوق أطعمتها المختلفة.
هناك الكثير من الأشياء التي يمكن رؤيتها في عُمان التي تُعد مثالية لجميع أنواع المسافرين، بما في ذلك العائلات والسيدات اللواتي يسافرن بمفردهن، بفضل بيئتها الترحيبية والآمنة.
السحر الطبيعي
تتربع 3 مناطق على قائمة الأماكن الطبيعية الأكثر جذبا للسياح في سلطنة عُمان. وتُعد منطقة "مسندم" وهي عبارة عن مثلث صغير من اليابسة والمياه، يحده الإمارات ومضيق هرمز، من أكثر المناطق جذبا. إذ إن تجاور البحر مع الجبال من الميزات الحصرية في هذه المنطقة، والتي يقبل عليها الزوار للاستمتاع برحلات القوارب والسفن التقليدية التي تعطي فرصة وتجربة لا مثيل لها، كما تعد المنطقة، ذات أهمية لمحبي الغوص في الشعاب المرجانية الجميلة.
أما الوجهة الثانية، فقد تكون جبال الحجر أو كما يطلق عليها جبل الشمس (التي تمتد من خلف مسقط مباشرة لعدة ساعات بالسيارة في اتجاه دبي) والتي يتشابه شكلها مع سطح المريخ، ورغم ذلك تعد مكانا جديرا للتخييم، لأنها تضم واحدة من أعلى القرى الجبلية الحجرية التي يبلغ عمرها 500 عام.
وثالث المناطق، قد يكون وادي الغول، حيث بساتين النخيل، والقرى القديمة والوديان ولذا فهي وجهة محببة للتنزه والتعمق في الحياة العُمانية.
البيئة الحاضرة
تهاجر آلاف السلاحف البحرية سنويا من شواطئ الخليج العربي والبحر الأحمر والصومال لتضع بيضها في شواطئ سلطنة عُمان التي تؤوي 5 من أنواع السلاحف البحرية الأساسية السبعة العالمية. ولذا تعد زيارة جزيرة السلاحف في ولاية مصيرة، واحدة من أكثر الوجهات استقطابا لمحبي الطبيعة، وخاصة أن المنطقة تقدم العديد من النشاطات الترفيهية، منها التخييم على الشاطئ.
الطابع البيئي لا يقتصر فقط على هجرة السلاحف، إذ إن شواطئ عُمان تعد منطقة أمنة لهجرة العديد من الطيور أيضا، خاصة في فصل الخريف. يقصد الزوار العديد من الشواطئ في العاصمة مسقط، للاستمتاع بهجرة مئات الأنواع المختلفة من الطيور.
وترى مؤسسة موقع "بولينا Paulina On the road "المتخصصة بالسياحة البيئية والتراثية، "أن زيارة شواطئ عُمان، تعد بمثابة دعوة للتعرف على الحياة الطبيعية، والعيش ببساطة". زارت بولينا السلطنة فترة أسبوع تقريبا، ووثقت خلال رحلتها العديد من المناظر الطبيعية التي قد لا نراها في أي مكان في العالم.
الغنى التاريخي
تصف مؤسسة موقع "بولينا أون ذا رود" Paulina on the Road رحلتها إلى عُمان بالرحلة "الهادئة - الصاخبة"، فتقول "تعد سلطنة عُمان لؤلؤة نادرة، تمنح الزائر فرصة لاكتشاف معاني مختلفة في الحياة، ويعود السبب في ذلك، إلى اعتزاز الشعب العُماني بهويته، وتقاليده القديمة، التي لا تزال حاضرة وبقوة".
وما سيجده الزوار في هذه المملكة الصحراوية هو فرصة نادرة لرؤية الخليج العربي دون ثروته. البلدات المنخفضة الارتفاع بعيدة عن السحر العُماني بينما تظل الثقافة البدوية التقليدية قلب كل ما تمثله عُمان.
أولئك المتحمسون للتاريخ والثقافة موجودون للاستمتاع خلال عطلة في عُمان. هناك أكثر من 500 قلعة وحصن منتشرة في جميع أنحاء البلاد ومخبأة في الصحراء. أشهرها قلعة بهلاء، وهي أحد مواقع التراث العالمي ليونسكو التي بنيت في القرن الثالث عشر.
المشهد المعماري في عُمان متنوع مثل طبيعته، ويمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة مسجد السلطان قابوس الأكبر، الذي يتميز بقبة مركزية بارتفاع 50 مترا.
التقاليد الحاضرة
بمجرد وصولك إلى أي مدينة عُمانية، سوف تميل للدخول إلى مطعم أو سوق أو كليهما. يظل المطبخ العُماني تقليديا وأصليا. ويعتمد على مكونات مثل الأرز واللحوم والخضروات المطبوخة بطرق متنوعة وتشكيلة رائعة من التوابل والأعشاب.
ولعل أشهر طبق هو الشواء وهو عبارة عن لحم متبل مغطى بأوراق الموز ويترك لينضج في فرن تحت الأرض في الرمال.
كما يشتهر العُمانيون بصناعاتهم اليدوية، من الأواني الفضية والفخارية إلى الحقائب والملابس المصنوعة يدويا، ستجد أن الأسواق المحلية ما هي إلا عبارة عن منجم ذهب تذكاري.
إضافة إلى الصناعات اليدوية، فإن الأسواق الشعبية خاصة، أسواق التمور والتوابل، تأخذكم في رحلة إلى عالم من العجائب.
أما أولئك الذين يحبون العلامات التجارية المرموقة فسيستمتعون بالتأكيد بجلسة تسوق في أحد مراكز التسوق العديدة في العاصمة مسقط.
الوجه الآخر
يعد اقتصاد سلطنة عُمان من اقتصاديات الدخل المتوسط، ويتميز بوجود مصادر النفط والغاز وفوائض الموازنة والفوائض التجارية الكبيرة. حيث يشكل البترول نسبة 64% من إجمالي عوائد الصادرات ونسبة 45% من الإيرادات الحكومية ونسبة 50% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب بيانات حكومية. ويعتبر قطاع المنتجات النفطية من أهم القطاعات للاقتصاد العُماني.
كما تمتلك سلطنة عُمان قطاعا خاصا يتميز بالقوة والتنوع ويغطي عدة أنشطة منها الصناعة والزراعة والنسيج والتجزئة والسياحة، وتشمل صناعتها الرئيسية تعدين وصهر النحاس وتكرير النفط ومصانع الإسمنت. كما أنها تسعى إلى المستثمرين الأجانب في مجالات الصناعة، وتقنية المعلومات، والسياحة، والتعليم العالي.
تتميز السلطنة بكونها وجهة سياحية مميزة، ولذا فهي تحتل مركزا متقدما بين دول الخليج لناحية جذب السياح. التكاليف السياحية ليست مرتفعة، ويمكن الإقامة في بيوت أو شقق مخصصة للسياحة، بأسعار لا تتعدى 20 دولارا في اليوم.
أما بالنسبة إلى الطعام، فهو أيضا ذات أسعار منخفضة جدا، إذ يمكن تناول الوجبات في المطاعم بسعر يبدأ من 10 دولارات.