زيارة تونس مُكلفة: غلاء تذاكر السفر يعرقل إجازات المغتربين

10 يوليو 2022
الانتظار في مطار قرطاج (وسيم جديدي/ Getty)
+ الخط -

يواجه مغتربون تونسيون صعوبات في العودة إلى بلادهم لقضاء الإجازة الصيفية نتيجة ارتفاع غير مسبوق في كلفة تذاكر الطيران، بينما تستمر مشكلات شركة الخطوط التونسية الحكومية التي تحول دون زيادة عدد رحلاتها نحو البلدان التي تتركز فيها الجاليات التونسية، ولا سيما البلدان الأوروبية ودول الخليج العربي.

ومنذ بداية موسم الإجازات الصيفية، قالت سلطات تونس إنها تعمل على خفض أسعار تذاكر السفر المخصصة للمغتربين، سواء على متن الرحلات الجوية أو على بواخر الشركة التونسية للملاحة.

غير أن مغتربين أكدوا لـ "العربي الجديد" بلوغ أسعار التذاكر مستويات قياسية هذا العام، لافتين إلى أنهم يواجهون صعوبات في العودة إلى تونس لقضاء إجازات الصيف والأعياد، فيما ألغى بعضهم خططهم. وقالت سماح البوغانمي، وهي تونسية تقيم في النمسا، إنها حاولت الحجز مبكرا للعودة إلى تونس بداية شهر يوليو/تموز، غير أن أسعار التذاكر تتراوح ما بين 800 و900 يورو، وهو سعر وصفته بالخيالي.

وأكدت المتحدثة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن أسرة مكونة من أربعة أفراد عليها إنفاق نحو 4 آلاف يورو من أجل تأمين تذاكر السفر فقط دون احتساب باقي مصاريف الإجازة. وأشارت إلى أن المغتربين لا يتمتعون بأي دعم لتذاكر الطيران على متن شركة النقل الجوي الحكومية، بينما يحصل المهاجرون من جنسيات أخرى على تخفيضات لتشجيعهم على العودة إلى بلادهم وقضاء الإجازة مع عائلاتهم.

وأفادت البوغانمي بأن غلاء تذاكر الطيران عموما أصبح يحول دون لقاء المغتربين بأسرهم، ما يضطر العديد منهم إلى تغيير برامج إجازاتهم والانتظار إلى شهر سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول على أمل انخفاض كلفة السفر. غير أن هذه الحلول غير متاحة للعديد من الأسر التي تخطط لإجازاتها خلال العطلة المدرسية لأبنائها.

وطلبت المتحدثة إيلاء اهتمام أكبر بظروف تنقّل المغتربين وتسهيل عودتهم إلى تونس صيفا، عبر تكثيف الرحلات الجوية نحو الوجهات التي تضم جاليات تونسية كبيرة، مع دعم أسعار التذاكر، لا سيما وأن المغتربين يواصلون القيام بواجبهم تجاه بلادهم، عبر التحويلات المالية التي تساعد على دعم مخزون البنك المركزي من العملة الصعبة.

وأظهرت بيانات البنك المركزي نشرت في مايو/أيار الماضي، ارتفاع تحويلات التونسيين العاملين في الخارج بنسبة 13.3 في المائة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، وزيادة إيرادات السياحة بنسبة 58 في المائة.

وبلغت التحويلات 2.43 مليار دينار تونسي، أي نحو 800 مليون دولار، وارتفعت إيرادات السياحة إلى 796 مليون دينار. وتساعد تحويلات التونسيين في الخارج على إسعاف خزينة البنك المركزي بموارد بالعملة الصعبة، بينما يعاني الاقتصاد المحلي من تراجع أنشطة تصدير الفوسفات والسياحة، وهما المصدران الأساسيان للنقد الأجنبي. ولا تسمح الصعوبات الهيكلية التي تعاني منها شركة الطيران الحكومية بتوفير عروض تجارية جيدة لفائدة التونسيين في المهجر.

وقال مصدر مسؤول في شركة الخطوط التونسية (فضّل عدم ذكر اسمه) لـ "العربي الجديد" إن الشركة بصدد التفاوض حول استئجار 4 طائرات ستخصص لدعم الرحلات نحو الوجهات الأوروبية التي تعرف طلبا مكثفاً. وأضاف المصدر أن الشركة تحاول توفير عروض تجارية لفائدة المغتربين، معتبرا أن غلاء أسعار تذاكر الطيران يطاول كل الشركات العالمية، نتيجة زيادة كلفة المحروقات وقطع الغيار بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وتكبّد شركات النقل الجوي خسائر مالية كبيرة في فترة الجائحة الصحية.

وفي عام 2020، وجدت الحكومة التونسية حلولا لمساعدة المغتربين على قضاء الإجازات في بلدهم، عبر فتح باب الاقتراض للتونسيين المقيمين في الدول الأوروبية لتمويل شراء تذاكر الطيران أو النقل البحري. وطلبت الحكومة حينها من المصرف الخارجي منح قروض ميسرة في حدود 6 آلاف يورو، بعد أن عجزت عائلات عن توفير أسعار التذاكر التي قفزت بشكل كبير عقب استئناف الناقلات الجوية للرحلات في اتجاه أوروبا.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ومنح المصرف المغتربين قروضا من دون فوائد تسدد على 12 شهرا لاقتناء تذاكر السفر، سواء من الخطوط الجوية التونسية أو الشركة التونسية للملاحة الحكوميتين. ويطالب التونسيون في المهجر بتحسين آليات العناية بالجالية التونسية في بلدان الإقامة مع تغير خارطة الهجرة في السنوات الأخيرة، وذلك عبر مضاعفة جهود التمثيليات الدبلوماسية في هذه البلدان، وإجراء تغييرات على نشاط شركة الطيران الحكومية عبر توفير رحلات منتظمة إلى هذه الوجهات.

وبحسب بيانات رسمية صادرة عن ديوان التونسيين، يقيم نحو 12 في المائة من التونسيين في الخارج، أغلبهم في دول أوروبية، حيث تحتل فرنسا المرتبة الأولى بنحو 800 ألف تونسي، تليها إيطاليا بـ 200 ألف، وألمانيا بما يقارب 100 ألف، ثم بلدان الخليج بحوالي 121 ألفاً. وأشارت بيانات ديوان التونسيين بالخارج إلى أن تواجد المغتربين في بلدان الخليج قد شهد ارتفاعا في السنوات الأخيرة، خاصة في قطر والإمارات والسعودية وسلطنة عمان.

المساهمون