استمع إلى الملخص
- التحديات المناخية تهدد الاقتصاد التونسي بخسائر قد تصل إلى 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، مع تأكيدات على أهمية القطاع الزراعي كرافعة للنمو الاقتصادي ودعوات لدعم المنظومات الغذائية.
- الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضًا قدره 919 مليون دينار، بفضل ارتفاع صادرات زيت الزيتون ومنتجات الصيد البحري، مع استمرار التحديات كالجفاف ونقص المياه التي تدفع نحو تبني سياسات تقشفية في استخدام المياه.
أبدى القطاع الزراعي في تونس قدرة على الصمود في وجه الجفاف والصدمات المناخية التي تعصف به في السنوات الأخيرة، حيث كشفت أحدث البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي أن القطاع الفلاحي حقق نمواً بنسبة 3.1% خلال الربع الأول من العام الحالي ونمواً بنسبة 1.6% على أساس سنوي.
وجاء قطاع الزراعة في صدارة القطاعات الاقتصادية التي حققت نمواً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي وذلك في أعقاب موسم فلاحي صعب عاشته البلاد السنة الماضية بسبب الجفاف الذي أدى إلى إتلاف نحو 70% من محاصيل الحبوب وراكم خسائر كبيرة في قطاع الزيتون والأشجار المثمرة.
وتتفوق الزراعة على باقي الأنشطة الاقتصادية التي سجلت تراجعاً في نسب النمو على أساس سنوي بنسب تتراوح ما بين -3.5 % في ما يخص الصناعات المعملية أو التحويلية، كما تراجع قطاع الطاقة والمناجم والماء والتطهير ومعالجة النفايات.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أنّ تأخر تونس في اتخاذ الإجراءات المطلوبة لمعالجة تداعيات أزمة المناخ على القطاعات الحيوية قد يؤدي إلى ارتفاع خسائر الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4% بحلول عام 2030، مما يعادل خسائر سنوية متوقعة تناهز 5.6 مليارات دينار (1.8 مليار دولار).
يقول عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري (منظمة المزارعين) محمد رجايبية إن قطاع الزراعة رافعة مهمة للنمو الاقتصادي وهو من أكثر القطاعات تشغيلية في البلاد، معتبراً أن الصلابة التي يبديها القطاع أمام الصدمات تبرز عمق هذا القطاع في النسيج الاجتماعي والاقتصادي التونسي.
وأكد رجايبية في تصريح لـ"العربي الجديد أن المزارعين في تونس لديهم قدرة كبيرة على الصمود والتكيّف مع التغيرات المناخية، غير أنهم يواجهون صعوبات جمّة تمنع من تقدم القطاع نحو زراعة عصرية وذات مردودية أعلى.
وتابع رجايبية: "طالبت منظمة المزارعين بدعم المنظومات الغذائية وإحداث مجلس أعلى للسيادة الغذائية لرفع مستوى الأمن الغذائي للبلاد باعتبارها عنصراً أساسياً في الأمن القومي للبلاد".
وحقق الميزان التجاري الغذائي خلال الربع الأول العام الحالي فائضاً قدره 919 مليون دينار مقارنة بعجز قدره 111 مليون دينار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية مدفوعاً بارتفاع صادرات زيت الزيتون بنسبة 103.2% ومنتجات الصيد البحري بنسبة 45.9%.
ويقول الخبير في التنمية والمياه حسين الرحيلي، لـ"العربي الجديد"، إن القطاع الزراعي هو الأكثر تأثراً بالجفاف يظهر صلابة في مقاومة العوامل المناخية، غير أن ذلك لا يحجب هشاشة نموه نظراً إلى غياب السياسات العام لإيجاد حلول للأزمة وضعف استثمارات في مجال تحلية المياه أو تخزين طاقتها التخزينية.
حقق الميزان التجاري الغذائي خلال الربع الأول العام الحالي فائضاً قدره 919 مليون دينار مقارنة بعجز قدره 111 مليون دينار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية
ومنذ مارس/ آذار 2023، تنفذ سلطات تونس سياسة تقشفية في التصرف في المياه بعد حظر استعمال مياه الري في نحو نصف المساحات المروية المقدرة بما يزيد على 402 ألف هكتار.
والقطاع الزراعي هو المستهلك الأول للمياه بنسبة تزيد عن 80%، غير أن تراجع مخزونات السدود يمنع منذ أشهر برمجة أصناف أساسية من الخضروات والفواكه بما يدفع المزارعين إلى تغيير وجهتهم نحو نشاطات أقل استهلاكاً للمياه.