رياح الخريف تهوي بالجنيه المصري إلى مستوى قياسي

30 سبتمبر 2022
العملة المصرية تعيش أوقاتاً صعبة (الأناضول)
+ الخط -

سجلت العملة المصرية خلال تعاملات أمس الخميس، أدنى مستوى في تاريخها عند 19.58 جنيها مقابل الدولار، بعد أن كسرت المستوى السابق المسجل في ديسمبر/كانون الأول 2016، البالغ 19.5 جنيها.
ويتداول الدولار في السوق الموازية بسعر يتراوح ما بين 23 – 25 جنيها، مدفوعا بعدم قدرة البنوك على توفيره للعملاء، وخاصة المستوردين لمستلزمات الإنتاج، والشركات الصناعية، والتجار المعطلة بضائعهم في الموانئ منذ مارس/ آذار الماضي، بعد توقف البنك المركزي عن تلبية تلك الطلبات، مع استمرار تراجع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة للشهر السابع على التوالي، ليصل إلى 33 مليار دولار في أغسطس/ آب الماضي.

الضغوط التي تشهدها السوق النقدية في مصر تتزامن مع قوة مؤشر الدولار لقمّة 21 عاما هذا الأسبوع، وتراجع عملات قيادية مثل اليورو والجنيه الإسترليني، حيث ساهمت هذه الضغوط في دفع الجنيه إلى خريف مبكر، حسب مراقبين.

وخارج القطاع المصرفي، يجرى تداول العملة المحلية بنحو 19.66 جنيها للدولار، وسط توقعات بنوك استثمار أميركية باستمرار تراجع أسعار الصرف حتى 24 جنيها للدولار.

وحتى قبيل الحرب الروسية الأوكرانية، كان سعر الدولار داخل مصر 15.6 جنيها، إلا أن الضغوط التي واجهتها الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المحلية دفعت إلى هروب الأموال الساخنة.

تعترف الحكومة على لسان وزير المالية محمد معيط ووزيرة التخطيط هالة السعيد بوجود اتجاه لديها لتخفيض قيمة الجنيه، يراه خبراء أنه يأتي تنفيذا لتعليمات صندوق النقد الدولي، الذي أجل إقراض الحكومة عدة مرات لحين تحقيق نسبة الخفض التي يريدها.

تسعى الحكومة إلى جعل التراجع تدريجيا، لتفادي صدمة تعويم جديدة، تؤدي إلى صدمة سعرية لكافة المنتجات، تدفع إلى عدم الاستقرار الاجتماعي، بينما يرى خبراء أن الحكومة تسرب حالة من زعزعة أحوال الجنيه، لدفع الناس إلى التقشف القهري، وتسليمهم بخفض قيمته على المدى القريب.

وقالت عضو مجلس النواب، آمال عبد الحميد في بيان موجه لرئيس الوزراء، إن التراجعات المستمرة شبه يومية في قيمة الجنيه، تشير إلى أن البنك المركزي ينفذ بالفعل سياسة التعويم التدريجي للدولار، بتخفيض الجنيه.

من جانبه، يؤكد كبير مستشاري البحوث بوزارة التجارة، عبد النبي عبد المطلب، سابقا لـ "العربي الجديد" إن التراجع المتواصل في قيمة الجنيه أدى إلى رفع معدلات التضخم، وتراجع الحجم الحقيقي للدخل، بما يؤثر نفسيا وماليا على المصريين، مبينا أن تلك السياسة المالية أصبحت مستهدفة، لتضمن الحكومة الحصول على قرض صندوق النقد، الذي تأجل البت فيه إلى نهاية أكتوبر المقبل.

تعترف الحكومة على لسان وزير المالية محمد معيط ووزيرة التخطيط هالة السعيد بوجود اتجاه لديها لتخفيض قيمة الجنيه

يطلب صندوق النقد من الحكومة، إصلاحات مالية وهيكلة حاسمة، لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وتحسين الحوكمة، ودعم قدرته على الصمود في مواجهة الصدمات. وطلب مسؤولو الصندوق مرونة أكثر للجنيه، متهما الحكومة بإهدار الاحتياطي النقدي في دعم سعر الصرف المدار منذ عام 2016، بما يتطلب تراجعا في قيمة الجنيه، بنحو 20% عما كان عليه عندما اندلعت الحرب الروسية في أوكرانيا.

فازت رؤية صندوق النقد، بعد أن فقد الجنيه نحو 24% من قيمته خلال 6 أشهر، مع توقع خبراء بتفاقمها قبل أن يصل الجنيه إلى قاع جديد، قبل منتصف العام المقبل، مع التزام الحكومة بسياسات نقدية متشددة، والحد من الاستيراد وتنفيذ حزمة الدعم المالي من دول الخليج المقدر لها أن تصل إلى 22 مليار دولار، والحصول على قرض من صندوق النقد يتراوح ما بين 3 – 5 مليارات دولار.

تخطط الحكومة لتوظيف القروض الأجنبية والاستثمارات الخليجية، لمواجهة الانخفاض الحاد في الأصول الأجنبية. وتوجد مطالبات بأقساط ديون وفقا لجدول السداد بالبنك المركزي، تستدعي دفع 5 مليارات دولار للجهات المقرضة، في الربع الأخير من العام الحالي.

المساهمون