يبدو أن روسيا ماضية بلا هوادة في تعزيز تجارتها مع الصين والسعودية رغم العقوبات الغربية القاسية على اقتصادها، وأحدث المؤشرات على هذا التقدم بلوغ تجارتها مع بكين أعلى مستوياتها منذ بدء حرب أوكرانيا، واستيراد الرياض كميات قياسية من زيت الوقود الروسي في يونيو/حزيران.
في التفاصيل، أظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية، اليوم الخميس، أن حجم التجارة الثنائية بين الصين وروسيا ارتفع في يونيو/ حزيران إلى أعلى مستوى منذ بدء حرب أوكرانيا، في وقت قالت فيه الجارتان إن علاقاتهما وصلت إلى مستوى عال جديد.
وبحسب البيانات، ارتفعت قيمة التجارة الثنائية إلى 20.83 مليار دولار في يونيو/ حزيران لتسجل أعلى مستوى لها منذ فبراير/شباط 2022، رغم تباطؤ الطلب العالمي وتزايد المخاطر الجيوسياسية، وفقا لبيانات "رويترز".
وزادت واردات الصين من روسيا 15.7% إلى 11.28 مليار دولار مقارنة مع زيادة 10% في مايو/أيار، علما أن الصين تشتري النفط والفحم وبعض المعادن من روسيا بأسعار مخفضة.
وارتفعت الشحنات الواردة إلى روسيا 90.9% الشهر الماضي إلى 9.55 مليارات دولار إجمالا، تراجعا من 114% في مايو. ولم تنشر إدارة الجمارك الصينية البيانات بالتفصيل اليوم.
ووفقا لوكالة "أوتوستات" لتحليل البيانات، فإن 6 من أعلى 10 علامات تجارية من حيث الحصة السوقية في صناعة السيارات في روسيا هي شركات صينية، مثل "هافل" و"شيري" و"جيلي" التي ملأت الفراغ الناجم عن انسحاب الشركات الغربية.
وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم الاثنين، بمواصلة العمل مع روسيا على تطوير شراكة تعاون استراتيجية شاملة. وقال الكرملين، أمس الأربعاء، إن زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الصين مطروحة على جدول الأعمال، مضيفا أن هذا هو الوقت المناسب للحفاظ على العلاقات الجيدة بين البلدين.
خليجيا، استوردت السعودية كميات قياسية من زيت الوقود الروسي مخفض السعر في يونيو/حزيران، بزيادة سنوية نحو 10 أمثال، بهدف تلبية الطلب على توليد الكهرباء في الصيف والحفاظ على مستوى صادرات الخام في ظل تخفيضات الإنتاج التي أعلنها تحالف "أوبك+"، وذلك بحسب تجار ومحللين وبيانات "كبلر".
وتستفيد روسيا من تنامي تجارتها النفطية مع أكبر بلد مُصدر في العالم، إذ تمكنها من الاستمرار في ضخ إنتاجها إلى مشترين عالميين رغم العقوبات الغربية التي تمنع منتجاتها النفطية من دخول أسواق رئيسية منها أوروبا.
وأظهرت بيانات من شركة "كبلر" للتحليلات أن السعودية استوردت كمية قياسية بلغت 910 آلاف طن (193 ألف برميل يوميا) من زيت الوقود من روسيا في يونيو.
وكثفت المملكة وارداتها من زيت الوقود الروسي هذا العام في أعقاب حظر فرضه الاتحاد الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية. وأظهرت البيانات أن واردات السعودية من زيت الوقود الروسي بلغت 2.86 مليون طن في النصف الأول من العام الحالي متجاوزة واردات العام الماضي بأكمله والتي بلغت 1.63 مليون طن.
المحلل في شركة "إنرجي أسبكتس" الاستشارية رويستون هوان قال إن الشحنات الروسية، وأغلبها من زيت الوقود عالي الكبريت، غالبا ما تُوجه إلى محطات الكهرباء السعودية التي تعمل بالنفط.
وأعلنت السعودية هذا الشهر تمديد خفض إضافي للإنتاج قدره مليون برميل يوميا لشهر ثان في أغسطس/آب، بهدف دعم الأسعار، وذلك في إطار اتفاق لتحالف "أوبك+" الذي يضم "منظمة البلدان المصدرة للبترول" (أوبك) وحلفائها، ضمنهم روسيا.
وأضاف هوان: "نعتقد أن هناك صلة مع التخفيضات، إذ ستعطي المملكة الأولوية لتصدير الخام، وبالتالي فستعطي الأولوية لاستهلاك زيت الوقود في مرافقها على استهلاك النفط الخام".
وقال تجار ومحللون إن السعودية تستورد زيت الوقود الروسي الرخيص وكذلك الديزل، وتكثف الصادرات من أجل تحقيق أرباح أعلى. وأظهرت بيانات "كبلر" أن من المتوقع أن تعزز السعودية صادراتها من زيت الوقود إلى 1.2 مليون طن في يوليو/تموز ارتفاعا من 750 ألف طن في يونيو مع ارتفاع هوامش الوقود.