روسيا تحقق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية رغم العقوبات

15 أكتوبر 2024
بوتين حظر استيراد المنتجات الزراعية من الدول الغربية، ستافربول في 5 مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الصادرات: نجحت روسيا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وزيادة الصادرات بفضل حظر الواردات الغربية، مما دعم القطاع الزراعي المحلي.

- نمو الإنتاج الزراعي وتنوع الصادرات: ارتفع الإنتاج الزراعي الروسي بنسبة 33.2% بين 2014 و2023، وزادت صادرات الحبوب وزيت الطعام، لتصل قيمة الصادرات الزراعية إلى 43.5 مليار دولار في 2023.

- تأثير الحظر على الاقتصاد المحلي: عزز الحظر الأمن الغذائي الروسي ونمو الصناعات الغذائية، مما أدى إلى إحلال الواردات وخلق فرص عمل جديدة، وتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية.

نجحت روسيا وفقا لتأكيدات حكومية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية وزيادة الصادرات منها رغم العقوبات الغربية المفروضة عليها منذ 2014 بعد احتلال جزيرة القرم والتي تم تشديدها منذ 2022 على خلفية الحرب في أوكرانيا، ويشير خبراء اقتصاد إلى أن أحد أهم العوامل الرئيسية التي ساهمت في تحقيق ذلك هو قرار الرئيس الروسي منذ عام 2014 بحظر الواردات من الدول الغربية التي وقعت عقوبات على بلاده، ما ساعد على دعم القطاع الزراعي والغذائي الروسي.

وأكد رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين خلال منتدى "صنع في روسيا" أن روسيا لم تعد بحاجة إلى المنتجات الغذائية الأجنبية، حيث أصبحت قادرة على إنتاج كميات متزايدة منها محليًا. وأشار ميشوستين خلال المنتدى، أمس الاثنين، إلى أن روسيا كانت في الماضي، وفقًا لمعايير تاريخية، تعتمد على استيراد العديد من المواد الغذائية الأساسية، مثل الحبوب والدواجن ولحم الخنزير ومعظم أنواع الخضروات، لكنه أوضح أن الوضع تغير بشكل كبير، وهو ما يُعتبر تطورًا إيجابيًا. 

وأوضح ميشوستين أن روسيا أصبحت الآن واحدة من أكبر الدول المصدرة للمواد الغذائية، حيث يتم تصدير 40% من الحبوب المحلية إلى الأسواق الخارجية. كما أضاف أن صادرات المنتجات الغذائية الجاهزة أيضًا تمثل نسبة كبيرة، حيث يُصدر 17% من زيت الطعام الروسي إلى الخارج، وأكد على أهمية تلبية الطلب المحلي أولاً قبل التفكير في التصدير. وفي يوليو/ تموز الماضي، رأى ميشوستين أن روسيا تمتلك ما يكفي من المواد الغذائية، مثل الحبوب واللحوم والسكر والأسماك والزيوت النباتية، لتلبية احتياجات السوق المحلية وأيضاً للتصدير، كما أشار إلى زيادة إنتاج الفواكه والخضروات بنسبة 11%، مع التركيز على هدف زيادة صادرات المنتجات الزراعية بمعدل 1.5 مرة. 

من جانبه، قال الصحافي الاقتصادي الروسي فاديم ميكيف لـ"العربي الجديد"، إن "ما ذكره ميخائيل ميشوستين يدل على تحول كبير في سياسات روسيا، حيث استطاعت البلاد تقليل اعتمادها على المنتجات الغذائية الأجنبية، لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، وهو أمر حيوي في ظل العقوبات الغربية والظروف الاقتصادية الحالية للبلاد". وأضاف ميكيف أن "روسيا أصبحت قادرة على إنتاج كميات كبيرة من المواد الغذائية محليًا، ما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الروسي، وأن تتحول إلى دولة مصدرة للمواد الغذائية وهو ما يعكس نجاح السياسات الزراعية". 

وتابع ميكيف أن "التركيز على تلبية احتياجات السوق المحلية أولاً يُظهر وعي الحكومة بأهمية الاستقرار الغذائي للسكان"، وأوضح أن "الحكومة تحتاج في الفترة المقبلة إلى تنويع الصادرات وعدم التركيز على بعض المنتجات، حتى لا يكون الاقتصاد عرضة للصدمات إذا حدثت تغيرات في الطلب العالمي أو أسعار السلع". 

حظر استيراد المنتجات الغربية دعم خطط الاكتفاء الذاتي

من جهة أخرى، لم يساهم الحظر المفروض على المنتجات الغربية منذ 2014 فقط في تحويل القطاع الزراعي الروسي نحو التصدير، بل ساهم أيضا، وفقا لتقرير لصحيفة "إيزفيستيا" الروسية، في بناء آليات للأمن الغذائي في البلاد، مما ساعدها على تجاوز العقوبات الغربية غير المسبوقة التي فرضت في عام 2022 على خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا. 

وفي 6 أغسطس/ آب 2014، أصدر الرئيس الروسي قرارًا بحظر استيراد المنتجات الزراعية من الدول التي فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا ردًا على ضمها شبه جزيرة القرم. وشمل الحظر في البداية دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا وكندا والنرويج، ثم تم توسيعه ليشمل دولًا أخرى، مثل أيسلندا وليختنشتاين وألبانيا ومونتينيغرو، وفي عام 2016، انضمت أوكرانيا إلى قائمة الدول المحظورة. تشمل القيود اللحوم والأسماك والأجبان والحليب والفواكه والخضروات وغيرها من المنتجات.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، مدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحظر المفروض على استيراد المنتجات الزراعية من الدول الغربية حتى نهاية عام 2026.

ويتفق الخبراء على أن الحظر الغذائي ساهم في تطوير القطاع الزراعي الروسي. فقد أتاح للمزارعين الروس تحقيق مزايا تنافسية، ما أدى إلى بدء عملية إحلال الواردات. بين عامي 2014 و2023، شهد الإنتاج الزراعي زيادة بنسبة 33.2%، بينما ارتفعت إنتاجية المواد الغذائية بنسبة 42.9%. كما زادت كميات إنتاج الحبوب والفواكه والخضروات واللحوم والحليب والأسماك، وذلك وفقاً لما ذكرته صحيفة "إيزفيستيا". 

نمو الصادرات الغذائية

في السياق، قالت وزيرة الزراعة الروسية أوكسانا لوت في المنتدى ذاته، إن روسيا باتت في العام 2023 واحدة من أكبر 3 دول في العالم تصديرا للمواد الغذائية من حيث الكميات، بينما تحتل المركز الـ16 من حيث الإيرادات.

ووفقاً لبيانات الوزارة، فمنذ عام 2020 تجاوزت صادرات المنتجات الزراعية الروسية الواردات، ما يشير إلى تحول نحو نموذج زراعي يركز على التصدير. في عام 2023، بلغت صادرات المنتجات الزراعية الروسية 43.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.5 مرة مقارنة بعام 2013، حيث تُصدر هذه المنتجات إلى 160 دولة حول العالم. في المقابل، انخفضت الواردات إلى 35.2 مليار دولار. 

ومن حيث الحمولة، ارتفعت الصادرات وفقا للوزيرة من 78 مليون طن عام 2018 إلى 103 ملايين طن عام 2023.

وعلى الرغم من زيادة الضغوط العقابية على روسيا في عام 2022، إلا أن القطاع الزراعي لم يتأثر كثيرًا بسبب الحظر المفروض منذ عام 2014. بفضل هذه القيود، لم تكن لدى الغرب وسيلة ضغط كبيرة مثل تقييد استيراد المواد الغذائية، حيث تمكنت روسيا بالفعل من تحقيق سيادتها الغذائية. وفي الوقت نفسه، بدأ إحلال الواردات بوتيرة متسارعة في المجالات المستهدفة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "إيزفيستيا" الروسية. 

وبلغ النمو المادي لصادرات الحبوب 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسبما قال نائب رئيس دائرة الجمارك الفيدرالية في روسيا فلاديمير إيفين في المنتدى ذاته، وأشار إلى أن حصة الدول الآسيوية في هيكل الصادرات الروسية زادت. وأضاف "لقد حدث التحول نحو الشرق، وقد أصبح هذا أمرًا معتادًا بالنسبة لنا، وأود أيضًا أن أشير إلى أن حصة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي قد زادت، بما في ذلك من خلال التعاون المتبادل". 

ووفقاً للصحيفة الروسية، فقد أدى إحلال الواردات في الزراعة إلى تعزيز قطاعات اقتصادية أخرى أيضًا. فقد أدى الطلب المتزايد على المنتجات المحلية إلى نمو في مجالات مثل صناعة الآلات والتكنولوجيا المتخصصة والبيوتكنولوجيا وتطوير العلوم الزراعية والتعليم. كما ساهم ذلك في خلق فرص عمل وزيادة الحاجة للكوادر المؤهلة في هذا القطاع.

كما نمت الصناعات الغذائية في روسيا، فقد شهدت صناعة الأجبان نموًا ملحوظًا، حيث تضاعف حجم الإنتاج ليصل إلى 801 ألف طن سنويًا. وتمكن المنتجون من إنتاج أنواع جديدة من الأجبان، مثل البارميزان والكامامبير، التي كانت تُستورد سابقًا بالكامل. كما حققت صناعة الزيوت النباتية نموًا كبيرًا، حيث زاد الإنتاج بمقدار 2.5 مرة ليصل إلى 9.8 ملايين طن سنويًا. وارتفع إنتاج الأسماك التجارية بنسبة 2.1 مرة ليصل إلى 402 ألف طن، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء "تاس" في وقت سابق، نقلاً عن وزارة الزراعة الروسية.

المساهمون