روسيا تحصد مكاسب فوضى الطاقة

13 أكتوبر 2021
محطة لإسالة الغاز في جزيرة سخالين قبالة الساحل الشرقي لسيبيريا (Getty)
+ الخط -

لم تعد المكاسب الروسية من قفزات أسعار الطاقة عالمياً تنحصر في جني خزائنها عشرات مليارات الدولارات الإضافية، وإنما تنتعش عملتها وتكتسب أسواق المال فيها زخما أكبر، فضلا عن تحول العديد من صناديق الاستثمار العالمية في الأشهر الأخيرة للرهان على شركات الطاقة وغيرها من الأصول.

وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني العالمية ارتفاع عوائد روسيا من تصدير النفط والغاز بنسبة 70% خلال 2021، مقارنة بالعام الماضي بما يعادل 50 مليار دولار، على خلفية ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 80 دولاراً للبرميل، والغاز إلى أكثر من ألف دولار لكل ألف متر مكعب.

عوائد الميزانية الروسية عن النفط والغاز قد تبلغ نحو تسعة تريليونات روبل (حوالي 125 مليار دولار)

ونقلت وكالة "تاس" الرسمية الروسية، أمس الثلاثاء، عن دميتري مارينتشينكو، مدير مجموعة الموارد الطبيعية والمواد الخام في وكالة "فيتش"، قوله إن عوائد الميزانية عن النفط والغاز قد تبلغ نحو تسعة تريليونات روبل (حوالي 125 مليار دولار).

وقال مارينتشينكو: "هذا أكثر بمقدار 50 مليار دولار مقارنة مع عام 2020، أو بمقدار 40 مليار دولار مقارنة مع ما كان الوضع يمكن أن يكون عليه حسب توقعاتنا عند بداية العام".

وكان من المتوقع آنذاك أن متوسط سعر النفط سيبلغ 45 دولاراً للبرميل، وسعر تصدير الغاز 200 دولار لكل ألف متر مكعب. وتوقع أن تتجاوز إيرادات النفط والغاز خلال العام الجاري مستوى عام 2019، حين بلغت نحو 120 مليار دولار.

وتعتمد تقديرات مستوى العوائد الروسية جراء تصدير الهيدروكربونات في عام 2021 على متوسط سعر نفط "برنت" بواقع 70 دولاراً للبرميل، مقابل 43 دولارا للبرميل في عام 2020، ومتوسط سعر صادرات عملاق الغاز الروسي "غازبروم" بواقع 320 دولاراً لكل ألف متر مكعب، مقابل 143 دولارا في عام 2020.

لكن مستويات الأسعار الحالية قفزت عن تقديرات العوائد السابقة بأكثر من 15% بالنسبة للنفط وأكثر من 250% بالنسبة للغاز الطبيعي. إذ كشفت إدارة الجمارك الفيدرالية الروسية، قبل يومين، أن عائدات "غازبروم" من تصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب، تضاعفت من حيث القيمة السنوية لتصل إلى 28.4 مليار دولار.

كما ارتفع حجم الصادرات خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام بنسبة 11.7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، ليصل إلى 140.6 مليار متر مكعب.

وعلى أساس شهري ارتفعت إيرادات الشركة في أغسطس/ آب بنسبة 36.3% مقارنة بشهر يوليو/ تموز لتصل إلى 4.74 مليارات دولار، كما نما حجم الصادرات بنسبة 18% إلى 16.8 مليار متر مكعب.

أضحى ارتفاع أسعار الطاقة الذي ترى الدول المستوردة أنه وصل إلى حد الفوضى، يثير في المقابل رهانات متفائلة للدول المصدرة، لا سيما روسيا، التي تكتسب عملتها وأسواق المال فيها زخماً كبيراً

وبحسب توقعات سابقة صادرة عن "غازبروم"، فإن إنتاجها في السنة الحالية قد يتجاوز 510 مليارات متر مكعب، وهو أعلى مستوى خلال آخر عشر سنوات.

وتوقع نائب مدير صندوق أمن الطاقة الوطني في موسكو أليكسي غريفاتش أخيراً، أن تحقق "غازبروم" أرباحا في 2021 تزيد بنحو الضعف عن العام الماضي.

وأضحى ارتفاع أسعار الطاقة الذي ترى الدول المستوردة أنه وصل إلى حد الفوضى، يثير في المقابل رهانات متفائلة للدول المصدرة، لا سيما روسيا، التي تكتسب عملتها وأسواق المال فيها زخماً كبيراً.

وارتفع الروبل الروسي هذا الشهر أكثر من أي عملة أخرى في الأسواق الناشئة، مدعوماً بارتفاع عائدات الطاقة، كما تفوق أداء الأسهم الروسية رغم تراجع المقياس الواسع للأسهم النامية.

ويمثل ذلك تغيراً مفاجئاً في وتيرة مستثمري الأسواق الناشئة الذين أمضوا الأسابيع القليلة الماضية في قلق بين تبعات الديون المتكدسة من أزمة مجموعة "إيفرغراند" العقارية في الصين واحتمال تشديد مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) سياسته، ما أدى لتدهور الطلب على الأسهم والسندات والعملات في الاقتصادات الناشئة في جميع المجالات إلى أن تغير ذلك الآن.

وتحول المستثمرون لتقييم أصول مصدري الطاقة، لتحديد أفضل رهان، فيما تستعرض روسيا نفوذها في أزمة الغاز الأوروبية بتقديم مزيد من الإمدادات.

وقال علي أكاي، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق التحوط "كارهي كابيتال"، الذي يتخذ من لندن مقراً له، في تصريح لوكالة بلومبيرغ الأميركية: "ستظل أسعار الطاقة مرتفعة، وستستفيد الشركات في الدول المصدرة للسلع الأساسية من الشح العالمي في إمدادات السلع المرتبطة بالكهرباء.. يجب أن تستمر هذه الخلفية الأساسية بإعادة تقييم مصدري الطاقة والمواد".

ووجهت نزاعات سوق الطاقة الأنظار نحو مكانة روسيا كقوة عظمى في مجال النفط والغاز ونحو مواردها المالية. حيث تمتلك أكبر دولة مصدرة للطاقة في العالم أكثر من 600 مليار دولار من الاحتياطيات، وعبء ديونها منخفض لحد تُحسد عليه، كما تضغط بقوة عبر رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم.

واستجاب مديرو الأموال، مثل صندوق التحوط "كارهي كابيتال"، بالتحول جزئياً من أسهم التقنية الصينية إلى شركات الطاقة الروسية في الربع الثالث من العام الجاري، وفق بلومبيرغ، التي أشارت إلى أن "ولز فارغو لإدارة الأصول" متعددة الجنسيات نقلت استثماراتها من الصين إلى روسيا.

كما عززت شركة الخدمات المالية الأميركية "جي بي مورغان تشيس أند كو" مركزها في "مؤشر الودائع الروسية"، حيث إنها لا تزال متفائلة بشأن السلع والمراهنات المتعلقة بالنفط حتى نهاية العام، حسب تقرير لها.

المساهمون