رمضان ليبيا: غلاء في الأسعار ومبادرة خيرية تطاول 200 ألف أسرة فقيرة

13 ابريل 2021
يكافح الليبيون لتوفير احتياجات رمضان وسط أوضاع مضطربة (Getty)
+ الخط -

لم تتمكن الأرملة سعيدة بن سليمان من شراء السلع لشهر رمضان. هي تعيش في حالة من القلق المتواصل وتقول: "لا سيولة في المصارف الليبية ولا فرصة عمل يمكن الاعتماد عليها بدلا من الفاقة وضيق الحال". وتضيف لـ "العربي الجديد" أنها أمّ لثلاثة أبناء تحت سن 18 سنة وراتب زوجها التقاعدي الذي كانت تستند إليه بعد وفاته، لم يصرف منذ مطلع العام، فيما تنتظر المبادرات الخيرية لتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم.
 ويؤكد عدد من المواطنين في العاصمة الليبية لـ "العربي الجديد"، أن المواطن بات مكتفيًا بالسلع الأساسية فقط لأن الراتب لا يكفي لتغطية نفقات الشهر الفضيل أسوة بالسنوات السابقة.

الارتفاع في الأسعار، مدفوعًا بهبوط سعر الصرف إلى 4.48 دنانير مقابل الدولار، وصفه الخبير الاقتصادي صقر الجيباني بما يشبه "رفع الدعم عن الدينار الليبي لتخفيض قيمته". فيما يقول رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك أحمد الكردي في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن الأسواق منفلتة ولا توجد معايير للسوق، مؤكدا وجود احتكار مع غياب الرقابة الحكومية.
 وأطلق رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة مبادرة بقيمة 100 مليون دينار ليبي، تستهدف 200 ألف أسرة ليبية تشمل الأسر المعوزة والنازحين، والأرامل والمطلقات، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وستساهم في المبادرة مجموعة من الشركات الخاصة الكبرى، بالإضافة إلى الشركة القابضة للاتصالات، وهيئة صندوق التضامن، من منطلق تعزيز الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في قضايا المسؤولية الاجتماعية، وسيتولى صندوق التضامن الاجتماعي الإشراف على المبادرة التي جرى إطلاقها تحت شعار "هدية رمضان".
 ودعت وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية جميع رجال الأعمال إلى ضرورة تخفيض الأسعار الأساسية خلال شهر رمضان. وأوضحت عبر بيان لها أن السلع التي يزداد الطلب عليها تشمل "زيت الطعام، الدقيق، البيض، الحليب، الأجبان، اللحوم، المكرونة والبيض". وقالت إنها سوف تمنح شهادات وعدداً من المزايا للشركات التي تقوم بتخفيض الأسعار.

ويتزاحم المواطنون على الأسواق والتجمعات التسويقية لشراء السلع لشهر رمضان، مع الارتفاع القياسي للأسعار، وخلال جولة "العربي الجديد" في مختلف الأسواق في العاصمة طرابلس، تبين أن سعر لتر الحليب قفز إلى 5.5 دنانير، وارتفعت أسعار الأرز من 2.75 دينار للكيلو إلى 3.5 دنانير، وكذا علبة معجون الطماطم إلى 3.250 دنانير، وارتفع سعر لتر زيت الطعام إلى 8.5 دنانير، وسعر كيلو السكر إلى ثلاثة دنانير، أما سلعتا المكرونة والكسكس فبقيتا على حالهما ولم يحدث تغير في سعرهما.
 وعلى صعيد اللحوم، قفزت أسعارها بنسب تتراوح ما بين 15% إلى 20%، وارتفعت أسعار لحوم الدواجن من 5 إلى 8 دنانير للكيلو الواحد بالإضافة إلى طبق البيض الذي ارتفع إلى سعر 13.5 دينارا لعدد ثلاثين بيضة.
 ويأتي ذلك وسط التحديات الاقتصادية التي تواجه السلطة التنفيذية الجديدة، خاصة وأن الشرق والغرب شهدا مظاهرات واحتجاجات بسبب تردي الأوضاع المعيشية.
 ومن مدينة الرحبيات بالجبل الغربي، يؤكد المواطن عبد السلام عبعوب لـ "العربي الجديد" أن الأسعار زادت بمناسبة شهر رمضان، والحكومة تطلق الوعود فقط بشأن السلة الرمضانية.
 فيما يقول أبو لقاسم بن عروس في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إنه مريض ولا يستطيع شراء حقنة لمرض السكري بقيمة 35 ديناراً وإن الدولة لا توفرها للمواطنين في السنوات الأخيرة، "ولا نحصل عليها إلا بشق الأنفس"، ويضيف أنه يلجأ لشراء السلع الرمضانية بالدين.

 وتشير الباحثة الاقتصادية، زينب أبو لقاسم لـ "العربي الجديد"، إلى أن هناك زيادة في الإنفاق الأسري خلال شهر رمضان مقارنة بالأوقات العادية بنسب تتراوح ما بين 90% إلى 110%. وتتابع: "الفاتورة هذا العام ستكون كبيرة جدا مع تعديل سعر الصرف فيما الرواتب لم تتغير وبالتالي فإن إنفاق الأسر سيتضاعف، حيث إن الأسرة المكونة من أب وأم وثلاثة أطفال تحتاج إلى 3500 دينار لتأمين حاجياتها".
ويشرح المحلل الاقتصادي وئام المصراتي لـ "العربي الجديد"، أنه نظرًا لإقبال المستهلكين على السلع ارتفعت أسعارها بنحو 30% ومن ثم من المتوقع أن تتراجع خلال الأسبوع الثاني من الشهر الفضيل. ويوضح أن شهر رمضان يعتبر من أهم المواسم الاستهلاكية للمواطنين، فيما تزيد عمليات الاحتكار والاستغلال من قبل التجار.
 ويبلغ الحد الأدنى للأجور في ليبيا 450 دينارًا (نحو 100 دولار)، وتستحوذ الرواتب على 56% من إجمالي الإنفاق العام، حسب بيانات لمصرف ليبيا المركزي.

وألغت ليبيا الدعم السلعي للمنتجات الأساسية منذ عام 2015 ولم توفر دعما نقديا للمواطنين بسبب الأزمة المالية التي تمر بها، ما أدى إلى تفاقم الأزمات المعيشية لسكان ليبيا البالغ عددهم 6.9 ملايين نسمة.

المساهمون