رسوم جمركية جديدة ترفع الأسعار على اليمنيين

16 ابريل 2021
سوق تجاري بالقرب من ميناء عدن (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

تشهد الأسواق اليمنية اختناقات تجارية وسلعية حادة وسط تصاعد تدريجي في أسعار المنتجات الأساسية والمواد الغذائية. الأزمة تعززت عقب تعميم رسمي أعلنته سلطة الحوثيين في صنعاء بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 30% في جميع المنافذ الخاضعة لإدارتها.

وتشمل هذه الزيادة جميع السلع المستوردة باستثناء بعض السلع الغذائية، التي لحقها ارتفاع الأسعار هي الأخرى بالرغم من عدم شمولها بالتعميم. وأثار هذا القرار حفيظة القطاع التجاري الخاص في اليمن واستنكاره، بحيث انعكس على وضعية الأسواق مع حلول شهر رمضان، إذ ارتفعت الأسعار، واختفى عدد من السلع. ويقول التاجر محسن فاضل إن هناك جبايات ورسوم مزدوجة منهكة للقطاع التجاري والمستوردين، إذ يتم دفع رسوم جمركية في ميناء عدن تضاف إليها رسوم في المنافذ الأخرى في مناطق نفوذ الحوثيين. ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه يدفع رسوماً جمركية في عدن بحوالي 7 أو 10 ملايين ريال بحسب نوع البضاعة والكميات المستوردة، ويضطر إلى دفع نصف هذا المبلغ في المنافذ الأخرى.

ويرجع مسؤولون في القطاع التجاري أسباب الغلاء المتصاعد والاختناقات السلعية والتجارية في الأسواق لأسباب كثيرة، منها أزمة المشتقات النفطية وتأثيرها على الإنتاج ونقل وتداول السلع، إضافة إلى الرسوم الإضافية الجديدة، والتي رفع القطاع الخاص بشأنها رسالة يناشد فيها السلطات المعنية في صنعاء بإلغاء الزيادة المستحدثة في الرسوم الجمركية لأنها ستنعكس على أسعار السلع.

ويلفت نائب مدير الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في اليمن ورئيس غرفة عدن التجارية أبوبكر باعبيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى عدة عوامل تتسبب في الاختناقات السعرية والسلعية "الأمر لا يتوقف فقط عند حدود العملة المتدهورة، بل هناك أسباب أخرى، منها ارتفاع التأمين على البواخر وأيضا ارتفاع أجور الشحن من الخارج إلى اليمن".

ويرى أن هناك تدنياً كبيراً في الخدمات أثر بشكل كبير جداً على الصناعة والتجارة، وبالتالي ارتفاع الكلفة على السلع "وهو ما يستوجب من الجهات المعنية إيجاد حلول سريعة له".

ويقدر عدد من المتعاملين الموجة الجديدة من ارتفاعات أسعار الوقود والمواد الغذائية والاستهلاكية والأدوية بنسبة تزيد عن 200 في المائة مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي. ويقول فضل منصور، رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، إنها "زيادة غير مبررة"، ويشدد على ضرورة التخفيف عن المستهلك الذي يتحمل كافة الأعباء، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتوقف الرواتب والاستثمار وانتشار البطالة وزيادة مساحة الفقر.

ويؤكد منصور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن بعض التجار يعرضون مواد توشك صلاحيتها على الانتهاء أو منتهية الصلاحية وأعيدت تعبئتها، مستغلين إقبال المستهلكين على شراء حاجاتهم، وخاصة سكان الأرياف والمناطق القريبة من المدن الرئيسية.

وترصد جمعية المستهلك اليمنية تلاعبا بالأوزان والمكاييل للكثير من السلع في مختلف الأسواق اليمنية، إذ تنفذ بعض الجهات المختصة حملة توعوية ومراقبة لأجهزة الوزن والكيل مجانا، ووضع لاصق المعايرة على كل ميزان أو مقياس للكيل. وفي ما يتعلق بالأسعار، يقول منصور: "حدث ولا حرج"، حيث ارتفعت أسعار معظم السلع بنسبة إجمالية تجاوزت 40 في المائة عن الأسعار التي كانت سائدة في شهر فبراير/ شباط الماضي.

وارتفعت حدة الأزمات الاقتصادية في البلاد بشكل لافت منذ إعلان الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في العام 2018 نقل خطوط الملاحة التجارية في اليمن من ميناء الحديدة، غربي البلاد، إلى ميناء عدن جنوباً، على أثر معارك عنيفة شهدتها مناطق الساحل الغربي لليمن والتي أوقفها بصورة نسبية اتفاق استوكهولم، مع بقاء موانئ البحر الأحمر، والتي يعد ميناء الحديدة أكبرها، مخصصة لاستقبال نسبة ضئيلة لا تتجاوز 15 في المائة من الواردات السلعية مثل الوقود والمساعدات الإغاثية الأممية.

وفجر هذا القرار موجة صراع طاحن لا تزال رحاها تدور حتى الاّن، والتي تتركز في واردات الوقود والتي تخضع السفن المحملة بها لتفتيش وتدقيق في عرض البحر يستمر لفترات طويلة، إلى جانب الازدواجية التي طرأت منذ ذلك الوقت في الجبايات المحصلة، خصوصاً في الرسوم الجمركية، والتي يقول تجار ومستوردون إنهم يدفعونها في أكثر من منفذ تخضع لسلطات متعددة ومتناحرة في البلاد.

الباحث الاقتصادي فهمي العواضي، يؤكد في حديثة لـ"العربي الجديد"، أن هذه الجبايات، خصوصاً الرسوم الجمركية والضريبة، هي ما تعتاش عليه أطراف الصراع والحرب في اليمن، التي كثفت عملية تحصيلها لتشمل مختلف قطاعات الأعمال الاقتصادية والتجارية والاستثمارية حتى على مستوى تجارة التجزئة. ويشير إلى أن الرسوم الجمركية والضريبة المحصلة من الوقود تتجاوز 18 مليار ريال كل ثلاثة أشهر، بينما تتجاوز بقية الإيرادات المحصلة سنوياً لأحد أطراف الصراع حاجز 300 مليار ريال، مرجحاً ارتفاع الإيرادات المحصلة من الرسوم الجمركية بشكل كبير مع سريان هذه الزيادة الجديدة على الرسوم الجمركية. (الريال اليمني يساوي 0.0040 دولار).

المساهمون