رابحون وخاسرون في سوق الأسهم الأميركية في 2022

29 ديسمبر 2022
بورصة نيويورك وعام صعب على الأسهم الأميركية (Getty)
+ الخط -

مع الرفع المتوالي لمعدلات الفائدة واستقرار معدل التضخم بالقرب من أعلى مستوياته في أربعين عاماً، لم يكن عام 2022 جيدًا لسوق الأسهم الأميركية، حيث خسر مؤشر S&P 500 نحو 20%، وفقد مؤشر ناسداك ما يقرب من ثلث قيمته، كما لم يسلم مؤشر داو جونز من الخسائر، حتى إن "رالي سانتا"، أو ارتفاع أسعار الأسهم المعتاد في الأسبوع الأخير من كل عام، لم يزر الأسواق إلا خلال اليوم قبل الأخير من العام.

وعلى الرغم من ذلك، وبسبب ما تتمتع به السوق الأميركية من صلابة وسيولة، بقي هناك بعض الرابحين، القليلين، وكان أغلبهم في قطاع الطاقة، الذي حقق أفضل أداء خلال العام، بارتفاع تجاوز 60% مقارنةً بمستويات نهاية العام الماضي.

الرابحون في 2022:

في عام تميز بقيام أكبر مُصَدر للنفط، وأحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي في العالم، بغزو إحدى صديقات الدول الغربية، التي اعتمدت على الدولة الغازية في توفير أكثر من 40% من احتياجاتها من الطاقة، ارتفعت أسعار النفط والغاز إلى عنان السماء، ووصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، فكان قطاع الطاقة هو فرس الرهان في سوق الأسهم الأميركية.

وبينما كان المستهلك الأميركي يتألم من ارتفاع سعر وقود سيارته، وما تسبب فيه من ارتفاع أسعار كل شيء تقريباً، كانت أسعار النفط والغاز المرتفعة تضيف مليارات الدولارات إلى حسابات شركات الطاقة، ليربح مؤشر إس آند بي للقطاع ما يقرب من ثلثي قيمته، بينما لم يربح أي قطاع آخر داخل المؤشر أكثر من 5% هذا العام.

وتشير التوقعات إلى تضاعف صافي الدخل لمنتجي النفط والغاز العالميين في عام 2022 إلى مستوى قياسي يبلغ 4 تريليونات دولار، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وخلال الربع الثالث من 2022، أعلنت 81% من شركات الطاقة الموجودة ضمن مؤشر إس آند بي 500 عن تحقيق أرباح أعلى من التقديرات، وهي أعلى نسبة في أي قطاع، وفقًا لبيانات موقع Factset.

وسجل قطاع الطاقة أعلى نسبة نمو للأرباح على أساس سنوي لجميع القطاعات الأحد عشر، بنسبة 137.3%.

وكانت أوكسيدنتال بتروليوم هي الرابح الأكبر في 2022 في مؤشر إس آند بي 500، بزيادة تقترب من 125% منذ بداية العام وحتى اليوم الخميس.

وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن، في تصريحات بالبيت الأبيض الشهر الماضي، شركات النفط الكبرى التي تجني أرباحاً كبيرة، بينما يدفع الأميركيون الكثير من المال لملء سياراتهم بالوقود، مهدداً إياهم بفرض ضرائب استثنائية على أرباحهم إذا لم يعملوا على تخفيض أسعار الوقود للأميركيين.

وبالفعل، تراجعت أسعار أغلب أنواع وقود السيارات في الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، وبنسب تجاوزت بصورة واضحة انخفاض أسعار النفط العالمية.

الخاسرون في 2022:

وكما كانت شركات إنتاج الطاقة هي "الحصان الأسود" في 2022، لعبت شركات التكنولوجيا خلال العام دور "البطة السوداء"، وذلك بعد سنوات من النجاح المدوي، استفادت فيها تلك الشركات من معدلات فائدة تقترب من الصفر، بينما بقي التضخم عند مستويات متدنية، أقلق وقتها صانعي السياسات النقدية في الاقتصاد الأكبر في العالم.

وقبل نهاية أيام التداول في العام بيوم واحد، كانت شركة حلول تكنولوجيا الطاقة Generac Holdings هي الأسوأ أداء في مؤشر إس آند بي 500، بانخفاض تجاوز نسبة 70%، بينما تنافس سهما شركة Match Group لتطبيقات المواعدة، وشركة تسلا، رائدة تصنيع السيارات الكهربائية، على المركز الثاني، بعد أن خسر كلاهما أكثر من ثلثي قيمته هذا العام.

وفي واحدة من أكبر مفاجآت العام، ظهرت شركة ميتا Meta، الشركة الأم لفيسبوك، في الأسهم العشرة الأسوأ أداء، بانخفاض أكثر من 60%.

ومثّل أداء هذه الشركات إحباطاً كبيراً للمستثمرين، حيث كانت تسلا في بداية العام خامس شركة من حيث القيمة في مؤشر إس آند بي 500، بينما كانت ميتا السادسة.

ومثّل عام 2022 كابوساً لشركات التكنولوجيا الكبيرة، حيث خسرت مجتمعة ما يقرب من 4 تريليونات دولار من القيمة السوقية فيه، وهو رقم ضخم بكل المعايير، وكان نصيب أسوأ عشر شركات أداءً في القطاع ما يقرب من 1.6 تريليون دولار.

ولم يسلم سهم شركة آبل Apple، عروس السوق الأميركية وأكبر قيمة سوقية فيها، من الخسائر، رغم ما هو معروف عنها من مرونة، ومن جمهور من المتحمسين طوال الوقت مقارنةً بشركات التكنولوجيا الأخرى. وتراجع السهم، الموجود غالباً على رأس مكونات أي محفظة استثمارية لأي صندوق يستثمر في التكنولوجيا في الولايات المتحدة، بنحو 30%، وهو ما يقرب من مرة ونصف قيمة التراجع في مؤشر إس آند بي 500 في عام 2022.

لكن وول ستريت تأمل أن يكون عام 2023 برداً وسلاماً على أسهم التكنولوجيا، في الطريق نحو استعادة أمجاد الماضي، مع توجه البنك الفيدرالي لتخفيف وتيرة رفع الفائدة، بأمل التوقف تماما عن الرفع قبل انتصاف العام.

المساهمون