يستعد "دويتشه بنك" لإلغاء ما يقرب من نصف فروع "بوست بنك" التابعة له، حيث يشرع أكبر مصرف ألماني في إعادة تنظيم عمليات التجزئة المترهلة في هذه المجموعة العملاقة.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن الرئيس الجديد للخدمات المصرفية الخاصة في المجموعة كلاوديو دي سانكتيس قوله لها إن المصرف يعتزم إغلاق ما يصل إلى 250 فرعاً من فروع "بوست بنك" المتبقية، البالغ عددها 550 فرعاً، على مدار العامين المقبلين.
ويمثل "بوست بنك"، الذي يخدم سوق التجزئة الشاملة في ألمانيا، مصدر إزعاج لـ"دويتشه بنك" منذ استحواذه عليه بشكل كامل سنة 2010.
ويأتي قرار إجراء تخفيضات كبيرة في شبكة الفروع في الوقت الذي يحاول البنك تهدئة العملاء الغاضبين، بعد عملية انتقال فاشلة لتكنولوجيا المعلومات، أدت إلى انقطاع الخدمات خلال الصيف.
وإلى جانب إغلاق الفروع، أصر دي سانكتيس على أن "دويتشه" سيعمد إلى تحسين العرض الرقمي الذي يقدمه "بوست بنك" بشكل كبير.
ومع وجود 19 مليون عميل لديه، يُعد "دويتشه" واحداً من أكبر مصارف التجزئة في ألمانيا، لكن الأعمال كانت تاريخياً بمثابة عائق على أداء المجموعة بشكل عام.
وفي حين أن أسعار الفائدة المرتفعة ساعدت في الآونة الأخيرة تجارة التجزئة، إلا أن "دويتشه" قرر إجراء تغييرات.
وفي هذا الإطار، قال دي سانكتيس إنه سيقلص أيضاً شبكته المنفصلة من الفروع التي تحمل العلامة التجارية "دويتشه"، لكنه امتنع عن تحديد عدد الفروع التي ستُقلّص.
ورغم العادة المتجذرة المتمثلة في استخدام النقد في ألمانيا، تقلصت شبكة الفروع الكثيفة في البلاد بنسبة 43% خلال العقد الماضي، مع تحول العملاء إلى الإنترنت، لدرجة أن المصارف أغلقت أكثر من 15 ألف فرع منذ عام 2013 حتى الآن.
والانتقال المطول والفوضوي لعملاء "بوست بنك" البالغ عددهم 12 مليون عميل إلى منصة تكنولوجيا المعلومات التابعة لـ"دويتشه"، والتي انتهت خلال الصيف، أدت إلى المزيد من الإلحاح في الجهود الرامية إلى تحسين الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.
وبعد وقت قصير من اكتمال عملية الانتقال، مُنع آلاف عملاء "بوست بنك" من الوصول إلى حساباتهم، وكانت خطوط المساعدة الخاصة بالبنك مكتظة.
وقد وبّخت "هيئة الرقابة المالية الألمانية" BaFin المصرف بسبب هذه الإخفاقات، وعيّنت مراقباً خاصاً للإشراف على كيفية حله المشكلات التي يشتكي منها عملاؤه.
وقال دي سانكتيس: "في الوقت الحالي، نتعامل مع ذروة المشكلات التي سيجرى حلها بحلول نهاية العام"، مضيفاً أن المصرف حقق بالفعل "تقدماً كبيراً".
ورغم المشاكل التي تستنزف الإدارة وتزيد التكاليف، إلا أن الاضطراب الذي حصل "خلق إحساساً أكثر وضوحاً بالإلحاح في المجموعة لتقديم العمليات والخدمات الرقمية التي تقدم تجربة مناسبة للعملاء"، على حد تعبيره.
وأضاف دي سانكتيس، الذي كان يدير في السابق أعمال إدارة الثروات في "دويتشه" قبل تعيينه لقيادة عمليات البيع بالتجزئة في وقت سابق من هذا العام: "نحن بحاجة إلى تطوير واجهة عميل تكون الأفضل في السوق للخدمات المصرفية الأساسية البسيطة".
وكانت العديد من فروع "بوست بنك" غير مربحة منذ مدة طويلة، لكن "دويتشه" لم يتمكن من إغلاقها بسبب عقد طويل الأجل مع خدمة البريد "دويتشه بوست دي إتش إل" Deutsche Post DHL التي كانت تمتلك "بوست بنك" سابقاً، واستخدمت الفروع لبيع الطوابع ومعالجة الطرود.
وأعاد "دويتشه" التفاوض الآن على العقد مع "دويتشه بوست دي إتش إل"، ما يعني أنه يستطيع ترشيق شبكة الفروع المشتركة بحلول منتصف العام 2026.
ومن بين الفروع التي ينوي إبقاءها مفتوحة، لن تقدم 100 منها خدمات "دويتشه بوست"، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وبموجب خطة دي سانكتيس، فإن الفروع المتبقية لـ"بوست بنك" سوف تتضاعف لتصبح "مراكز تقنية"، لاستكشاف المشكلات وإصلاحها للعملاء. ووفقاً لأشخاص مطلعين، يعتمد دي سانكتيس تبسيط طبقات الإدارة داخل عمليات البيع بالتجزئة في "دويتشه"، ويريد أيضاً التخلص من حصة البنك في مزود خدمات الهوية الرقمية "فيريمي" Verimy.