دول الخليج تنسج تحالفات اقتصادية جديدة... تعرف عليها

17 أكتوبر 2024
دول الخليج تنفتح على اسواق عالمية جديدة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى دول الخليج لتعزيز شراكاتها الاقتصادية عبر مفاوضات مع آسيان وميركوسور، بهدف إبرام اتفاقيات تجارة حرة تشمل التجارة والاستثمار والتجارة الرقمية والإجراءات الجمركية.
- تمثل آسيان سوقًا اقتصادية واسعة بناتج محلي 3.65 تريليونات دولار، بينما يضم ميركوسور دولًا مثل الأرجنتين والبرازيل، ويمثل 76% من الناتج المحلي لأميركا اللاتينية، مما يسهل تدفق السلع والخدمات.
- يواجه التعاون تحديات سياسية في أميركا الجنوبية، لكن الفوائد تشمل تعزيز التصدير والاستيراد، مما يعزز التكامل الاقتصادي العالمي ويمنح دول الخليج فرصًا للنمو.

 

تواصل دول الخليج العربية مفاوضاتها التجارية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وأميركا الجنوبية (ميركوسور)، في إطار سعيها لإبرام اتفاقيات للتجارة الحرة وتحقيق المزيد من التكامل الاقتصادي وتنويع شراكاتها التجارية بما يتماشى مع خطط التنمية المستدامة والتوسع الاقتصادي الإقليمي والدولي.
وفي هذا لإطار، انعقدت جولة أولى من المفاوضات بين دول الخليج وإندونيسيا في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث تم التركيز على ملفات رئيسية مثل التجارة والاستثمار، إلى جانب التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة.
وتضم رابطة آسيان عشر دول آسيوية مثل إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، ويبلغ إجمالي ناتجها المحلي حوالي 3.65 تريليونات دولار، ما يجعلها سادس أكبر اقتصاد في العالم، بينما يمثل تكتل ميركوسور، الذي يضم الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وباراغواي، نحو 76% من الناتج المحلي الإجمالي لأميركا اللاتينية، ويضم أكثر من 250 مليون نسمة.
وتتضمن المفاوضات تسهيل تدفق السلع والخدمات والاستثمار بين الأطراف، وكذلك التعامل مع التحديات الجمركية والمعوقات الفنية الأخرى، كما تشمل النقاشات تطوير التجارة الرقمية، والمعالجات التجارية، وتدابير الصحة النباتية، وتعزيز الشفافية في القواعد الاقتصادية.
 

فوائد كبيرة لدول الخليج

يؤكد الخبير الاقتصادي رائد المصري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مجلس التعاون الخليجي يتجه نحو توسيع نطاق تحالفاته واتفاقياته مع التكتلات الاقتصادية الكبرى حول العالم، وتتطلب هذه العملية تفعيل المفاوضات لتبادل المعلومات والبيانات ومناقشة التحديات وتبادل الفرص التجارية بين الأطراف المشاركة، بهدف بناء الثقة والشراكة بعد تحديد مجالات التعاون والتنسيق المشترك.

ويلفت المصري، في هذا الصدد، إلى أن ميركوسور يمثل تكتلاً اقتصادياً مهما يضم أكثر من 250 مليون نسمة بناتج إجمالي كبير، أما رابطة آسيان فتمثل سوقاً اقتصادية واسعة وواعدة تضم دولاً نشطة ومتطورة مثل إندونيسيا وماليزيا والفيليبين وسنغافورة وتايلاند، بعدد سكان يبلغ حوالي 700 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يتجاوز ثلاثة تريليونات دولار.
وتهدف الاتفاقيات مع هذه التكتلات الاقتصادية إلى ضمان سهولة التجارة في السلع والخدمات والاستثمار والتقنيات، إضافة إلى تيسير الإجراءات الجمركية، ويرى المصري أن هذا التوجه يعود بفوائد كبيرة على دول الخليج، مؤكداً أهمية خلق مناطق حرة واسعة في العالم بعيداً عن أي هيمنة أو قيود تفرضها أي دولة.
ويعتقد الخبير الاقتصادي أن هذه الاستراتيجية تعزز القوة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي وتمنحها مكانة مهمة على الساحة العالمية، كما يرى أنها تسهم في تحقيق نوع من التكامل الاقتصادي العالمي، ما يؤثر إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج ويعطي حيوية للاقتصاد العالمي.
ويتوقع المصري إمكانية وجود اعتراضات من الولايات المتحدة الأميركية على هذه التحركات من جانب دول الخليج، لكنه يعتقد أن تأثير هذه الاعتراضات لن تكون كبيرة، خاصة أن العالم يتجه نحو بناء تكتلات اقتصادية بعيداً عن التحالفات العسكرية والاستقطابات السياسية.

اختلافات نوعية

في السياق، يشير أستاذ الاقتصاد بجامعة نيس الفرنسية آلان صفا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن التكامل الاقتصادي يعتمد على ما يمكن لهذه الدول أن تشتريه من دول الخليج وما يمكن لدول الخليج أن تبيعه لها، مشيرًا إلى وجود اختلافات نوعية بين هذه البلدان.

فالبلدان الآسيوية تحتاج إلى المواد الأولية وتستهلك كميات كبيرة من موارد الطاقة، ما يمنح دول الخليج فرصة كبيرة للتصدير وبناء علاقات اقتصادية قوية، حسب صفا، مشيرا إلى أن دول آسيا تصدر، في المقابل، منتجات مصنعة وإلكترونية وتكنولوجية تحتاجها دول الخليج، ما يخلق تكاملًا اقتصاديًا مهمًا، خاصة مع وجود تقارب جغرافي بين المنطقتين.
أما ما يخص العلاقات مع أميركا اللاتينية، فيشير صفا إلى اختلاف الوضع نوعًا ما، فهناك مسافة جغرافية أكبر، كما أن بلدان القارة ليست بحاجة ماسة للمواد الأولية التي تصدرها دول الخليج، ومع ذلك، يلفت إلى إمكانية بناء علاقات في مجال المواد الأولية الزراعية، خاصة مع البرازيل.
ويسلط صفا الضوء على حاجة دول الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، إلى بناء علاقات مبنية على الخدمات وليس فقط على المواد، ويرى أن العلاقات الاقتصادية يمكن أن تسمح لقطاع من هذه البلدان بزيارة دول الخليج والمشاركة في نموها والاستثمار فيها، ما قد يؤدي إلى إقامة علاقات مالية جيدة.
ويلفت أستاذ الاقتصاد إلى التحديات التي قد تواجه المفاوضات بين الطرفين، مشيرًا إلى التقلبات السياسية في بعض بلدان أميركا الجنوبية، مثل البرازيل التي شهدت تحولًا في توجهاتها السياسية، وكذلك الأرجنتين، معتبرا أن هذه التقلبات قد تؤثر على الاتفاقيات والمفاوضات وقدرتها على الوصول إلى نتائج نهائية.
ويخلص صفا إلى أن المفاوضات الخليجية للتكامل الاقتصادي إيجابية بشكل عام، حيث تساعد دول مجلس التعاون على تحقيق توازن بين علاقاتها مع الغرب والشرق والشمال والجنوب، مشيرًا إلى أن الفوائد المباشرة تتمثل في التصدير والاستيراد، خاصة مع تغير أنماط استهلاك الطاقة والمواد الأولية عالميًا.

المساهمون