دمشقيون يتدفأون على الورق المقوى: المازوت يفوق القدرة الشرائية

11 ديسمبر 2021
البرد يدهم بيوت السوريين (عامر المحباني/ فرانس برس)
+ الخط -

تبدو الأجواء كئيبة في العاصمة السورية دمشق، فهذا الشتاء يبدو أنه سيمر ثقيلا على الناس مع افتقادهم وقود التدفئة، وشح الغاز المنزلي وغياب الكهرباء فترات تجاوزت عشرين ساعة يومياً. غالبية سكان المدينة يبحثون عن أي شيء قابل للاشتعال علهم يشعرون بالدفء، خاصة الورق المقوى الذي تحول جمعه إلى ظاهرة، ما جعل أصحاب المحال التجارية يبيعونه بعدما كان يعتبر نوعاً من النفايات.

ما أن تدخل إلى أزقة أحد أحياء دمشق، حتى تلاقيك روائح اشتعال الورق والأقمشة وغيرها. قال محمد الأوس (43 عاما)، موظف في إحدى الدوائر الرسمية، لـ"العربي الجديد"، إنه "مع اقتراب المساء، يغرق الحي بسحابة من الدخان، فغالبية سكان الحي، إن لم أقل جميعهم، ما أن يشتد البرد يشعلون في مدافئهم ما استطاعوا جمعه من ورق مقوى أو قصاصات أقمشة أو عبوات النايلون وغيرها من الأشياء".

وأضاف "طبعا المازوت غير متوافر، ويباع الليتر الواحد في السوق السوداء بحوالي 3 آلاف ليرة، أما السعر الرسمي فهو 550 ليرة وحصة العائلة 50 ليتراً فقط، يحصل عليها المواطن بنحو 29 ألف ليرة، التي مع الترشيد يمكن أن تؤمن الدفء مدة 10 أيام فقط.

ولو توافر المازوت، فالعائلة تحتاج إلى 87 ألف ليرة لتأمينه، وهذا الرقم قد يساوي ويزيد عن رواتب العديد من موظفي الدولة".

من جانبها، شرحت أم وائل، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، أنها تسأل يومياً أصحاب المحال التجارية إن كانوا يعطونها بعض الورق المقوى، فمنهم من يعطيها ومنهم من يصدها. وقالت لـ"العربي الجديد" "عندما تفقد أنامل أطفالي الثلاثة لونها بسبب البرد، سأسأل الناس عن أي شيء أشعله ليشعروا بالدفء".

وأضافت "فيما مضى، كان الورق المقوى وعبوات البلاستك مكومة إلى جانب المحال التجارية أو حاويات القمامة تنتظر سيارات جمع القمامة، اليوم، أصبح الأمر شبه مستحيل، بل كثير من الناس أصبحوا يتسابقون للحصول عليها".

وتشهد مناطق النظام موجة تضخم بالتزامن مع إصدار قرارات حكومية، تهدف إلى زيادة الإيرادات لخزينة الدولة، من خلال التلويح برفع الدعم عن الكثير من الفئات التي تصفها الحكومة بغير المستحقة، بالإضافة لرفع أسعار حوامل الطاقة في الفترة الماضية، والتي أدت إلى رفع أسعار السلع والخدمات بنسبة تراوحت بين 10 و15 في المائة، ما يزيد من الضغوط على المواطنين.

من جهته، قال مالك رمضان، صاحب بقالية لبيع المواد الغذائية، لـ"العربي الجديد": "يوميا يمر على الدكان على الأقل 5 أشخاص يسألون إن كان لدي ورق مقوى لست بحاجته، وغالبيتهم من السيدات، فالناس يشعرون بالبرد، وليس بمقدورهم الحصول على المازوت".

ولفت إلى أن البعض يبيع حصته من المازوت المدعوم في السوق السوداء "ففارق السعر يؤمن مبلغاً لا بأس به لشراء حاجات أساسية أخرى". وأضاف "فيما مضى كنا نرمي كل ما يخرج لدينا من علب البسكويت والمواد الغذائية، لكن اليوم أصبحت لها قيمة، فالكيلوغرام الواحد من هذا الورق يباع بنحو 300 ليرة سورية (سعر صرف الدولار الواحد نحو 3450 ليرة).

وأشار إلى أن سعر الورق المقوّى قد يرتفع خلال الفترة المقبلة، مع ازدياد البرد وارتفاع الطلب عليها. وشرح أنه يفضل عدم بيع الورق المقوى ولا التفريط به "الأفضل أن استخدمها أنا وعائلتي، غالباً لن نحصل على مازوت هذا العام، في حين تبدو أنها سنة باردة".

ويواجه السوريون في مناطق سيطرة النظام أزمات خانقة من جراء عدم توافر الكثير من السلع والخدمات الأساسية، أبرزها الوقود والكهرباء. وكان النظام قد أقر موازنة للعام القادم تبلغ أكثر من 13 تريليون ليرة (نحو 4 مليارات دولار)، بنسبة عجز تزيد عن 4 تريليونات ليرة (أكثر من مليار دولار)، ومبلغ دعم يتجاوز 5 تريليونات ليرة.

المساهمون