بقرار شبه موحد، اتفقت غالبية دول الاتحاد الأوروبي على أهمية خفض إمداداتها من الغاز الطبيعي الروسي خلال الفترة المقبلة، ضمن جهود يتبعها التكتل لإضعاف موسكو اقتصادياً.
وتقود روسيا حرباً ضد أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022، ما دفع الغرب بقيادة الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على موسكو في مختلف القطاعات أبرزها الطاقة والبنوك.
وتورّد روسياً سنوياً قرابة 178 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى أوروبا وتركيا، من إجمالي صادراتها البالغة قرابة 235 مليار متر مكعب.
منصة موحدة
ومقابل ذلك، قالت المفوضية الأوروبية إنها ستقوم بتأسيس منصة لشراء حاجة أعضائها من الغاز الطبيعي، بأسعار معقولة، في السياق الجيوسياسي الحالي وللتخلّص التدريجي من الاعتماد على الغاز الروسي.
وفعلاً، أنشأت المفوضية الأوروبية مع الدول الأعضاء منصة الاتحاد الأوروبي للشراء المشترك للغاز والغاز الطبيعي المسال والهيدروجين، وعقدت أولى اجتماعاتها في 8 أبريل/نيسان الجاري.
لكن على الأرض، يظهر أن الحرب الروسية تتجه لتفريق دول الاتحاد في جزئية البحث عن بدائل للغاز الروسي، إذ بدأ كبار المستهلكين في أوروبا إجراء مفاوضات فردية مع المنتجين للفوز بعقود جديدة.
هذه المفاوضات الفردية، قد تكون انتصاراً روسياً غير مباشر، يتمثل في إفشال جهود قيادة المفوضية الأوروبية بمفاوضات موحدة لتوقيع عقود جديدة للغاز الطبيعي مع منتجين آخرين.
جهود فردية
ولولا إصابته بفيروس كورونا الأسبوع الماضي، فقد كان رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي سيرأس وفدا للسفر إلى عدة دول أفريقية لتوقيع عقود لتوريد الغاز الطبيعي.
أما فرنسا، التي تستورد 25 بالمئة من الغاز من روسيا، فقد أعلنت عن خطوات لتوسيع محطات لتسييل الغاز، وبناء مخازن أكبر لتخزين مصدر الطاقة الأبرز بالنسبة لها والبحث عن مصدّرين جدد من آسيا وأفريقيا.
دبلوماسية الطاقة
أما دول غرب أوروبا والمملكة المتحدة، فقد وجدت من الغاز الطبيعي القادم من الولايات المتحدة، بديلا لتعويض الغاز الروسي.
وهنا تبرز أهمية شركات الطاقة في بناء عقود جديدة للغاز الطبيعي، مثل "إيني" الإيطالية التي تنشط في 12 بلداً أفريقياً، و"توتال" الفرنسية، و"بريتش غاز" البريطانية.
الوقت ضيق
وحدد الاتحاد الأوروبي لنفسه هدفًا لملء مخزون الغاز تحت الأرض إلى 80 بالمئة من طاقته بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل؛ وقد يكون ذلك ممكناً ولكن بتكلفة سياسية ضخمة.
وتبلغ كلفة شراء الاتحاد الأوروبي للغاز الروسي يومياً، حوالي 200 مليون دولار أو 36 مليار دولار للستة أشهر المقبلة، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
ومؤخراً، تحدّث جوزيب بوريل، كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، بصراحة عن مشكلة شراء الفحم والنفط والغاز الروسي.
وقال في تصريحات صحافية: "كل يوم تقريباً ندفع مليار يورو (1.1 مليار دولار) لاستيراد الطاقة الروسية (النفط، الغاز، الفحم)، ومن الواضح أن هذا مصدر دخل يستخدم لتمويل الحرب" الروسية على أوكرانيا.