تتصاعد أزمة الشرق السوداني بإقدام محتجين في مدينة بورتسودان على إغلاق خطي تصدير واستيراد النفط في البلاد، ما يحبس الإمدادات عن العاصمة الخرطوم، فضلا عن عزله نفط دولة جنوب السودان عن المستوردين الذين يحصلون عليه عبر المرور بالأراضي السودانية، الأمر الذي وصفه مسؤولون سودانيون بأنه تطور "كارثي".
وأغلق المحتجون أنبوبي النفط اللذين ينقلان صادرات دولة جنوب السودان إلى ميناء بورتسودان والوارد من الميناء إلى داخل السودان، وذلك في إطار خطة تصعيد الاحتجاجات ضد تهميش مناطق الشرق.
ويمتد الأنبوب الناقل لنفط دولة جنوب السودان من العاصمة جوبا حتى ميناء بورتسودان بغرض التصدير، حيث يستفيد السودان من تحصيل رسوم عبور هذا النفط، فضلا عن الحصول على إمدادات منه.
أغلق محتجون أنبوبي النفط اللذين ينقلان صادرات جنوب السودان إلى ميناء بورتسودان والوارد من الميناء إلى داخل السودان، في إطار خطة تصعيد الاحتجاجات ضد تهميش مناطق الشرق
ووصف وزير النفط السوداني جادين علي العبيد في بيان، أمس، إغلاق خطي النفط بأنه "خطير جداً"، فيما قال محمد أوشيك، القيادي في "المجلس الأعلى لنظارات البجه"، وهو مجلس قبلي، شرقي السودان، في تصريح لوكالة "الأناضول"، إن لدى المحتجين "خطوات تصعيدية أخرى تشمل كوابل الإنترنت والاتصالات في البحر الأحمر، طالما ليست هنالك مبادرات للحل من قبل الحكومة".
وتابع: "ما زال أنصار المجلس يواصلون إغلاق الطريق القومي الخرطوم بورتسودان وإغلاق الموانئ على البحر الأحمر".
ويوم الجمعة الماضي، أغلق عشرات المحتجين مدخل مطار مدينة بورتسودان وجسراً يربط ولاية كسلا في الشرق بسائر الولايات السودانية، احتجاجا على اتفاق سلام وقعته الحكومة السودانية العام الماضي.
كما قام متظاهرون، الأسبوع الماضي، بإغلاق ميناء بورتسودان، وكذلك الطريق الذي يربط المدينة الساحلية ببقية أجزاء البلاد.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقعت الحكومة الانتقالية السودانية في مدينة جوبا اتفاق سلام مع عدد من الحركات التي حملت السلاح في عهد الرئيس السابق عمر البشير، احتجاجاً على التهميش الاقتصادي والسياسي لهذه المناطق.
وفي الشهر نفسه وبعد التوقيع، قامت قبائل البجا في شرق البلاد بالاحتجاج وإغلاق ميناء بورتسودان عدة أيام اعتراضا على عدم تمثيلها في الاتفاق. ويضم شرق السودان ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف، وهو من أفقر مناطق البلاد.
وحذر مسؤولون وخبراء اقتصاد من تداعيات كارثية لحبس النفط. وقال وزير النفط السابق إسحق جماع، في حديث مع "العربي الجديد"، إن إغلاق خطي النفط سيتسبب في مشاكل كبرى بسبب وقف صادرات جوبا، فضلا عن إحداث شح في المشتقات النفطية داخل السودان.
بدورها، أعلنت كتلة اللجان التسييرية لنقابات العاملين في شركات إنتاج ونقل خام النفط أن الإغلاق الكامل لخط الأنابيب سيؤدي إلى أضرار فنية وخيمة، ربما تصل إلى خسارة المنشآت النفطية بالكامل من خط ناقل وموانئ تصدير بكلفة تصل إلى حوالي 5 مليارات دولار، إضافة إلى العجز في محطات توليد الكهرباء وعجز الإمدادات التي تحصل عليها مصفاة النفط وعودة طوابير الوقود وانعدام غاز الطهي.
ووصف المحلل الاقتصادي محمد الناير توقف أنابيب البترول بـ"الكارثي"، موضحاً: "هناك عوامل فنية معقدة، وأي توقف مفاجئ يؤثر على الخط الناقل للمشتقات عبر الخرطوم وبورتسودان والخام من مواقع الإنتاج لميناء التصدير".
وأضاف الناير لـ"العربي الجديد" أن "خطي النفط في بورتسودان يخدمان السودان ودولة جنوب السودان، ما يخلف خسائر كبرى ويحدث شحاً في الإمداد باعتبار أن السودان ينتج ما بين 55 ألفاً و57 ألف برميل يومياً فقط، كما يؤدي إغلاق الطريق إلى تعطل الصادرات والواردات والشح في السلع، خاصة أن السودان ليس لديه احتياطي كبير من السلع".
وأشار إلى أهمية توصل الحكومة الانتقالية إلى حلول عاجلة ورؤية توافقية مع المحتجين، لإنهاء الإغلاق الكامل للشرق واستئناف العمل بخط الأنابيب.
وأكد وزير الطاقة والنفط في الحكومة الانتقالية أن "المخزون الموجود لا يكفي حاجة البلاد سوى نحو 10 أيام فقط"، مشيرا إلى أن وقف تصدير النفط أدى إلى تخزينه في المستودعات الرئيسية بميناء بشائر، وهذا لن يستمر أكثر من عشرة أيام، بعدها ستمتلئ المستودعات بالخام وبالتالي الخط الناقل، ما يجعله عرضه للتجمد والتلف، إضافة إلى إيقاف الإنتاج في حقول دولة جنوب السودان، وفقدان السودان عائدات النقل السنوي من الخط وقدرها 300 مليون دولار سنوياً، وكذلك غرامات تأخير بواخر الشحن التي تفوق 25 ألف دولار في اليوم.
وأعرب عن أمله في أن يتم الوصول إلى رفع حالة الإغلاق الراهن خلال مدة أقصاها أسبوع من اليوم، لتفادي كل هذه الخسائر والأضرار.