خلاف على تصنيف الصين "يطيّر" تقرير البنك الدولي عن "أنشطة الأعمال" واتهام مديرة صندوق النقد بالتورّط

17 سبتمبر 2021
خلال عملها بالبنك الدولي ضغطت غورغييفا على موظفين لتعديل التقرير لتجنب إغضاب الصين(Getty)
+ الخط -

قرر البنك الدولي، اليوم الجمعة، إلغاء تقرير بارز عن ظروف الأعمال والاستثمار في جميع أنحاء العالم، بعد أن وجد محققون أن موظفين تعرضوا لضغوط من قبل قادة البنك لتغيير البيانات المتعلقة بالاقتصاد الصيني وبعض الحكومات الأخرى، حسب ما أوردت وكالة "أسوشييتد برس".

ويأتي ذلك غداة معارضة مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أمس الخميس، ما خلص إليه تحقيق مستقل من أنها خلال عملها السابق في البنك الدولي ضغطت على موظفين لتعديل تقرير سعيا لتجنب إغضاب الصين.

وبناء على النتائج، أعلن البنك الدولي أنه سيوقف فورا تقرير "دوينغ بيزنس" Doing Business (ممارسة أنشطة الأعمال) بعدما كشف التحقيق عن مخالفات في تقريري 2018 و2020، حسب ما أكدت "فرانس برس" أيضا.

ورفضت غورغييفا، وهي بلغارية تولت رئاسة صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، نتائج هذا التقرير. وقالت في بيان: "لا أتفق بشكل أساسي مع نتائج وتفسيرات التحقيق في مخالفات البيانات من حيث صلتها بدوري في تقرير دوينغ بيزنس الصادر عن البنك الدولي العام 2018".

ويمكن لتلك الاتهامات أن تضر بسمعتها، وتوفر مادة للأميركيين الذين لطالما انتقدوا المنظمات المتعددة الأطراف ومعاملتها للصين، فيما قالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، "إنها استنتاجات خطرة"، مؤكدة أنها بصدد "تحليل التقرير"، وأضافت أن "مسؤوليتنا الأساسية هي الحفاظ على نزاهة المؤسسات المالية الدولية".

وأعلنت غورغييفا أنها أبلغت مجلس صندوق النقد الدولي بالوضع، ومن المتوقع أن يلتئم المجلس لمناقشة المسألة من دون أن يتضح موعد ذلك بعد.

وقال جاستن ساندفور من "مركز التنمية الدولية"، والذي كتب كثيرا عن المشكلات التي تعاني منها المنهجية المعتمدة في التقرير: "يجب أن نسمع روايتها (غورغييفا) للأحداث، لكن الأمور لا تبدو جيدة في الوقت الحاضر". وأضاف "الاتهامات بضلوع رئيس صندوق النقد في التلاعب ببيانات اتهامات خطرة جدا"، مضيفا أن "ذلك يبدو مثل ضربة قوية للمصداقية".

تغيير تصنيف الصين

والتقرير المهم يصنف الدول بناء على قوانين الأنشطة التجارية والإصلاحات الاقتصادية، وقد تسبب بتنافس بين حكومات على مراكز أعلى لجذب المستثمرين.

وبحسب التحقيق، فإن بكين اشتكت من تصنيفها في المرتبة 78 على قائمة العام 2017، وتقرير العام التالي كان يفترض أن يظهر بكين في مرتبة أدنى.

وكان فريق البنك ومقره واشنطن يحضر تقرير 2018 فيما كانت قيادته منخرطة في مفاوضات حساسة لزيادة رأس مال الإقراض، الأمر الذي كان يتوقف على اتفاق مع الصين والولايات المتحدة.

في الأسابيع الأخيرة قبل صدور التقرير أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2017، طلب مدير البنك الدولي آنذاك جيم كيم، وغورغييفا التي كانت الرئيسة التنفيذية للبنك، من موظفين النظر في تحديث المنهجية فيما يتعلق بالصين، بحسب التقرير الذي أجرته مؤسسة "ويلمر هيل" القانونية.

وناقش كيم التصنيف مع مسؤولين صينيين كبار أبدوا استياء إزاء تصنيف بلدهم، وأثار مساعدوه سبل تحسينه، بحسب ملخص للتحقيق نشره البنك الدولي.

ومن أبرز إنجازات كيم توصله لاتفاق لزيادة موارد البنك الدولي بمقدار 13 مليار دولار. وتطلبت الصفقة دعما من الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب، الذي عارض تقديم إقراض ميسر للصين، ومن بكين التي وافقت على دفع المزيد للحصول على قروض.

ووسط ضغوط من الإدارة العليا، عدّل موظفو البنك بعضا من البيانات التي رفعت تصنيف الصين في 2018 سبع مراتب وصولا إلى المرتبة 78، أي نفس المرتبة التي كانت تحتلها العام السابق، وفق التحقيق الذي حلل 80 ألف وثيقة وأجرى مقابلات مع أكثر من 30 موظفا حاليا وسابقا في البنك.

من أجل التعددية

ووبّخت غورغييفا مسؤولا رفيعا المستوى في البنك الدولي لـ"إساءته إدارة علاقة البنك مع الصين والإخفاق في تقدير أهمية تقرير دوينغ بيزنس للبلد"، بحسب التقرير. وبعد إجراء التعديلات شكرته لـ"قيامه بدوره في سبيل التعددية".

ثم زارت غورغييفا فيما بعد منزل المدير المكلف التقرير للحصول على نسخة وشكرتهم على المساعدة في "حل المشكلة".

واستقال بول رومر، الحائز جائزة نوبل، وكان كبير خبراء الاقتصاد في البنك الدولي آنذاك، في يناير/كانون الثاني 2018، بعدما أبلغ صحافيا بأن المنهجية المعتمدة في التصنيف تم تعديلها بشكل قد يعطي الانطباع بأن اعتبارات سياسية أثرت على النتائج، وخصوصا بالنسبة لتشيلي.

في ذلك الوقت، نفى البنك الدولي بشدة أي تأثيرات سياسية على التصنيف. وقال رومر، لوكالة "فرانس برس" في مقابلة الخميس، إنه وأثناء عمله في البنك الدولي، لم يكن مدركا بأن غورغييفا كانت تضغط على موظفين من أجل الصين، رغم أن "شكوكا" ساورته، كما قال.

وبالنسبة للتصنيفات، قال إنه عندما طرح تلك التساؤلات "دبرت كريستالينا وسيلة للتغطية على ذلك، للتستر"، مضيفا: "كان مدرائي أشخاص يفتقرون للنزاهة، كان أمرا لا يُحتمل"، مضيفا أن "نوع الترهيب الذي يصفه هذا التقرير كان حقيقيا".

ووجد التحقيق "تغييرات غير سليمة" في تقرير 2020 أثرت على تصنيف السعودية والإمارات وأذربيجان.

وأشادت رئيسة مكتب "أوكسفام إنترناشونال" في واشنطن ناديا دار، بقرار وقف التقرير، معتبرة أن المؤشر "يشجع حكومات على اعتماد سياسات مدمرة من شأنها أن تفاقم انعدام المساواة".

المساهمون