خفض كبير للدين العام في عُمان: تقليص أعباء الفوائد

12 ابريل 2023
إيرادات النفط تساهم في تخفيف أعباء الفوائد (Getty)
+ الخط -

خفض نوعي لحجم الدين العام تشهده سلطنة عُمان بعد الإعلان رسميا عن توجيه 1.1 مليار ريال (2.86 مليار دولار)، من خلال الفوائض المالية المتحققة بنهاية الربع الأول من العام الحالي للهبوط بمستوى الدين العام إلى 16.6 مليار ريال (43.16 مليار دولار)، بنهاية مارس/ آذار الماضي.

وساهم ذلك في خفـض معدل الفائدة على بعض القروض الخارجية المستحقة على السلطنة، وخفض كلفة خدمة الدين العام والفوائد المترتبة على المحفظة الإقراضية بنحـو 385 مليون ريال عماني (1.001 مليار دولار)، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية الرسمية.

وساهم ارتفاع أسعار النفط بالنصيب الأكبر في قدرة السلطنة على خفض كلفة خدمة الدين، وهو ما تتوقع المؤسسات الدولية استمراره لنهاية عام 2023 على الأقل.
وفي حال استمرار عوائد النفط المرتفعة، سيكون بمقدور حكومة السلطنة الوصول بمعدل الدين العام إلى "الحدود الآمنة" بقياس نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

ووفق قواعد المالية العامة، فإن المعدل الآمن للدين العام في أي دولة هو حدود ثلث الناتج المحلي الإجمالي، أو نسبة 33%، ما يعني أن استمرار المعدلات الحالية لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض الدين العام يرشح وصول السلطنة إلى المعدل الآمن للدين العام بنهاية العام الجاري، حسبما أورد الخبير المالي سعيد بن مبارك المحرمي، عبر تويتر.

فوائد اقتصادية
ديون عمان كانت كبيرة، ووصلت إلى مستوى 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا مثل مشكلة للسلطنة، لأن هذا الحجم من الديون، وإن كان متوافقا مع المعايير الأوروبية، إلا أنه ليس متوافقا مع المعايير الخليجية والعربية، لأنه يعيق التطور الاقتصادي بالنظر إلى أعباء المديونية، إذ تجاوزت فوائد الديون وحدها في عمان مليار دولار، فضلا عن أقساط الديون، حسبما صرح الخبير الاقتصادي حسام عايش، لـ"العربي الجديد".

وبسداد السلطنة في الربع الأول من العام الجاري لـ2.8 مليار دولار تكون قد خفضت مديونيتها إلى نحو 43 مليار دولار، في إطار سعي لمواصلة تخفيض هذه المديونية إلى مستويات أقل بكثير بحيث يتم توفير عائدات النفط والغاز للتنمية، خاصة أن الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة لا يزال معتمدا على عائدات حكومية بنسبة تراوح بين 85 و90%، بمعنى أن القطاع الخاص يكاد يكون غائبا، حسبما يرى عايش.
ومن شأن خفض المديونية العمانية أيضا تعزيز قدرة القطاع غير النفطي على أداء دوره ليساهم في رفع نسبة النمو الاقتصادي، حسب عايش، الذي أشار إلى أن استراتيجية "التسديد المبكر" تمكن السلطنة من تفادي تراكم الفوائد على الديون.

بسداد السلطنة في الربع الأول من العام الجاري لـ2.8 مليار دولار تكون قد خفضت مديونيتها إلى نحو 43 مليار دولار

والحصيلة من كل ذلك هي استثمار الأموال التي أمكن توفيرها في مشروعات وبنية اقتصادية أفضل، وبالتالي زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين معدل دخل الفرد العماني من هذا النمو، وفق الخبير الاقتصادي.
ويشير عايش إلى أن بقاء أسعار النفط فوق حاجز الـ70 دولارا من شأنه تمكين السلطنة من استمرار تحصيل إيرادات تمكنها من تخفيض مديونيتها، وهو ما يفضي إلى تحسين التصنيف الائتماني العماني، والذي يدعم بدوره جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السلطنة.
وفي مارس/ آذار، أعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز" رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان من "BB-" إلى "BB" مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك نتيجة تحسّن الأداء المالي للدولة، و"انخفاض مخاطر الدين العام".

وكانت الوكالة قد أعلنت عن توقعات بأن ينخفض الـديـن العـام العماني إلى 16.5 مليار ريال بنهاية العام الجاري، بينما تمكنت حكومـة السلطنة مـن خفـض الديـن العـام إلى 16.6 مليـار ريال عماني خلال الربع الأول من العام، ما يعني أن الأداء الواقعي للحكومة سيحقق ما يفوق توقعات الوكالة على الأرجح.

ولذا، يتوقع عايش مزيدا من تحسن التصنيف الائتماني لعمان، ما يعني تحسنا متوقعا لمؤشرات القبول العالمي للاستثمار في السلطنة.

إدارة المخاطر
يشير المستشار الاقتصادي والخبير المالي هاشم الفحماوي إلى أن حكومة سلطنة عمان تبنت، منذ جائحة كورونا، استراتيجية لإدارة المخاطر تستهدف تقدير حجم خطر الدين الخارجي وأثره على الاقتصاد، وتوظف عائدات النفط في إدارة سليمة لمواجهته.

ويرجح الفحماوي أن تكون المرحلة المقبلة فترة "نهضة" للسلطنة في ظل حالة الانفتاح على التجارة الخارجية، التي اتسم بها أداء اقتصاد السلطنة بدءا من عام 2020.

ويشير الفحماوي، في هذا الصدد، إلى تركيز الحكومة العمانية على استغلال موانئ السلطنة لتأسيس هيكلة طفرة اقتصادية، ومع التوقعات بشأن تراوح أسعار النفط بين 72 و90 دولارا للبرميل، من المرجح أن تستغل السلطنة ما بين 12 و15% من الفائض لخفض المديونية الخارجية، وصولا إلى تصفيرها.

ويتوقع المستشار الاقتصادي والخبير المالي أن تراوح نسبة نمو السلطنة لعام 2023 بين 3.5 و6.5%، واصفا ذلك بأنه تعبير عن حالة انتعاش اقتصادي تمر بها السلطنة حاليا.