خطوة إلى الوراء... اتفاق زيادة أجور التونسيين يتعثر قبل التوقيع

13 سبتمبر 2022
التونسيون يسعون لزيادة الأجور (العربي الجديد)
+ الخط -

تعثّر اتفاق الزيادة في رواتب موظفي تونس قبل خطوات قليلة من الوصول إلى خط النهاية، وذلك عقب جلسة مطولة جمعت أمس الوفد المفاوض للاتحاد العام التونسي للشغل بالحكومة، في وقت كان فيه التونسيون ينتظرون توقيع النسخة النهائية لاتفاق الزيادة.

وفي ساعة متأخرة من ليل أمس الاثنين أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل على موقع صحيفته الإلكترونية "الشعب" أن الطرفين المتفاوضين لم يتوصلا إلى حل، وأن الحكومة قدمت مقترحات جديدة لم يجرِ التفاوض بشأنها سابقاً، وهو ما أدى إلى رفع  الجلسة دون أي نتيجة.

وكان اتحاد الشغل قد أعلن الأحد عقب اجتماع هيئته الإدارية أنه قبل مشروع اتفاق مع الحكومة حول الزيادة في رواتب موظفي القطاع الحكومي والمتقاعدين والأجر الأدنى المضمون دون الكشف عن نسبة الزيادة.

لكن مصادر خاصة قالت لـ"العربي الجديد" إن الاتفاق الأولي كان ينص على حصول الموظفين على زيادة بخمسة بالمائة تقسم على ثلاثة سنوات، هي 2022 و2023 و2024.

غير أن لقاء أمس الاثنين غيّر المعادلات بعد أن عدلت الحكومة على مقترحها الأول تحت ضغوط صندوق النقد الدولي.

وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تدوينة على حسابه الرسمي على فيسبوك: "صندوق النقد وراء الباب"، ملمحاً إلى رفض الصندوق أي زيادة في أجور الموظفين.

وبلغت نفقات الأجور في تونس مستوى قياسياً خلال سنة 2022، حيث وصلت إلى نحو 15.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 10% سنة 2010، ما قلّص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية، وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.

ويسعى الاتحاد العام التونسي للشغل لضمان حقوق الموظفين في زيادات أجورهم الدورية والضغط على الحكومة من أجل تنفيذ المطالب التي تضمنتها لائحة الإضراب العام الذي نفّذ في يونيو/حزيران الماضي.

في المقابل، حاولت الحكومة تجنّب أي اتفاقات يكون لها انعكاس مالي على الميزانية، التي تشكو عجزاً قياسياً فاق 9%، التزاماً بتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي يحثّ السلطات على خفض كتلة الأجور من 15% من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون 12%.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد فتح أمس الاثنين قنوات الحوار مجدداً مع النقابات ومنظمة رجال الأعمال في أول لقاء بهما بعد استفتاء 25 يوليو/تموز 2022، حيث أعلنت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية عقد لقاء جمعه بكل من الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي وسمير ماجول رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.

وقالت الرئاسة في البلاغ الذي نشرته إن الرئيس سعيّد أكد خلال هذا اللقاء "ضرورة الخروج من هذا الوضع الذي يستهدف مؤسسات الدولة والوطن، وشدّد على دور الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة في أقرب الآجال".

كذلك جرى التطرّق أيضاً، بحسب البلاغ "إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس، وإلى الغياب غير الطبيعي للعديد من المواد الأساسية بالنسبة إلى المواطن، بالرغم من أن هذه المواد متوافرة، ولكن يجري احتكارها لتأجيج الوضع الاجتماعي".

وقال الأمين العام للاتّحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، عقب لقاء الاثنين، في فيديو بثته صفحة الرئاسة، إن رئيس الدولة أبدى حرصه على تضافر كلّ الجهود من أجل إيجاد حلول للأزمة التي تمرّ بها البلاد، على غرار توفير المواد الغذائية والعناية بكلّ شرائح المجتمع وكلّ الطبقة العاملة والمستثمرين ورجال الأعمال.

في المقابل، قال رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، إنّ منظّمة رجال الأعمال كانت وستظّل داعمة للبلاد، وإن القطاع الخاص سيواصل دوره الاقتصادي الوطني من أجل الخروج من الأزمة الصعبة وتحقيق الاستثمار وخلق الثروة.

لكن تونس تواجه منذ أسابيع أزمة شحّ المواد الأساسية في الأسواق واختفاء السلع، بينما يحمّل الرئيس سعيّد مسؤولية ذلك للمحتكرين والمضاربين، فيما يقول المهنيون إن البلاد تعرف أزمة تموين ناتجة من تراجع منظومات الإنتاج وتداعيات أزمة المالية العمومية.

وتشكو تونس عجزاً قياسياً في الموازنة فاق 9 بالمائة وصفه البنك المركزي بالمقلق في تقريره السنوي الصادر أخيراً بالنظر إلى حجم النفقات غير القابلة للتقليص وفتور النمو.

وسجّل الاقتصاد التونسي، خلال الربع الثاني من السنة نمواً بنسبة 2.8٪ مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2021، وذلك بفضل ارتفاع نسق نمو قطاع الخدمات بنسبة قاربت 5.2٪، وفق بيانات معهد الإحصاء الحكومي.

المساهمون