خطط سرّية وراء إضرابات السكك الحديدية في بريطانيا.. إليك القصة كاملة

19 يونيو 2022
اختفاء ما بين 4 و5 آلاف وظيفة عملياً من قطاع السكك الحديدية (الأناضول)
+ الخط -

خابت آمال الوزراء في تجنّب الإضرابات المخطط لها على شبكة السكك الحديدية الوطنية وأنفاق لندن في نهاية هذا الأسبوع. وذلك بعد أن بات مفهوما أن شركات تشغيل القطارات لا يمكنها أن تقدم سوى زيادة أجور بنسبة 3% لمدة عام واحد.

وبينما نفى الأمين العام للاتحاد الوطني للسكك الحديدية والملاحة والنقل، ميك لينش، أن تكون النقابة طالبت برفع الأجور بما يتماشى مع معدل التضخم الحالي الذي كان 11.1% في إبريل/نيسان، قال إن أي زيادة مقترحة يجب أن تعكس على الأقل ارتفاع تكاليف المعيشة.

إلغاء وظائف وخطط حكومية سرّية في بريطانيا

وفي حديثه إلى برنامج صوفي ريدج في سكاي نيوز اليوم الأحد، قال لينش إن نقابته لا تريد أن تكون "سبب اضطراب" الناس، لكنّه أوضح ما يكمن في قلب النزاع وقال: "نواجه الآلاف من عمليات إلغاء الوظائف، على الرغم مما يقوله وزير النقل غرانت شابس، وليس هناك ما يضمن أن هذه التسريحات لن تكون إجبارية".

وأضاف: "رأينا 4 أو 5 آلاف وظيفة تختفي بالفعل من السكك الحديدية. لقد أخبروا موظفي الصيانة لدينا على شبكة السكك الحديدية أنه سيتم إلغاء 3000 وظيفة. لقد أخبرونا أن كل مكتب لحجز التذاكر في بريطانيا سيغلق، وأنّهم سيمددون أسبوع العمل من 35 ساعة إلى 40 ساعة أو ربما 44. يعني ذلك بالنسبة للوافدين الجدد أجورًا أقل. لذا فهم يقترحون في الواقع تخفيضات في الأجور وليس زيادة في الأجور، بل زيادة وقت العمل في السكك الحديدية". 

وبالفعل، بينما تستعد البلاد لأسبوع من إضرابات القطارات، يتم التخطيط لقطع 2500 وظيفة في شبكة السكك الحديدية، من خلال إصلاحات من شأنها زيادة نوبات نهاية الأسبوع وإلغاء ممارسات العمل التقليدية. حيث بدأت تطفو على السطح مخطّطات لإغلاق جميع مكاتب التذاكر على السكك الحديدية، لتوفير ما يصل إلى 500 مليون جنيه إسترليني سنويا.

ومن المتوقّع أن تؤدي هذه الخطوة السريعة في التحوّل إلى الإنترنت، إلى قلق وعرقلة أولئك الذين يتعثّرون ويجهلون استخدام الخدمات الرقمية أو لا يملكون حتى هاتفا ذكيا.

ويعدّ كبار السن بشكل عام ضحية هذا التحوّل التكنولوجي، حيث إن هناك عدداً لا يستهان به ممن اعتادوا على شرائها من المكاتب الموجودة على السكك الحديدية. ووفق خيرية "العمر المملكة المتحدة" (Age UK)، هناك ما يقارب 3 ملايين شخص فوق سن الـ65 عامًا، لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت. 

وبحسب ما أوردت صحيفة ذا تايمز اليوم، وضعت صناعة السكك الحديدية استراتيجية سرّية للتخلص التدريجي من التذاكر الورقية وإغلاق أو "إعادة تخصيص" 980 مكتبًا لبيع التذاكر في إنكلترا، بدءًا من سبتمبر/أيلول. وتعد هذه الخطط من بين إصلاحات شاملة تهدف إلى وضع السكك الحديدية على أساس مالي سليم. ففي العامين الماضيين، وصلت إعانات دافعي الضرائب إلى إجمالي 27 مليار جنيه إسترليني، أو 1000 جنيه إسترليني لكل أسرة. 

في المقابل، اكتفى وزير النقل بالتعليق خلال الأسبوع الماضي على هذه المسألة بالقول، إن واحدة من كل ثماني تذاكر قطارات، لا تزال تباع عبر المكاتب التقليدية. وقال في حديثه اليوم إلى سكاي نيوز، إنّ الحكومة تريد "تحديث" السكك الحديدية مقابل أجر، لكنّه تهرّب من الإجابة عن سؤال إذا كان ذلك يعني إلغاء أو تقليص الوظائف على السكك الحديدية.

انعكاس إضرابات سكك الحديد في بريطانيا

أمّا على صعيد انعكاسات الإضرابات على الوضع الإقتصادي في البلاد، فقلّل شابس من المخاوف التي تقول إنّها قد تؤدي إلى نقص الغذاء في المملكة المتحدة ومنع الوقود من الوصول إلى محطات الطاقة ومضخات البنزين وشركات الطيران. بيد أنّه اعترف بأنّ هذا الأسبوع قد يشهد خفض الشحن إلى 50% من المستويات العادية. وأصرّ على أن الأضواء في بريطانيا لن تنطفئ، مديناً بشدة هذه الإضرابات التي وصفها بغير الضرورية والكارثية.

في المقابل، قال متحدث باسم شبكة السكك الحديدية إنه في أيام الإضراب ستعمل قطارات الشحن الحيوية خلال النهار وستكون لها الأولوية على خدمات الركاب. ووفق ما أوردت صحيفة آي، قال جيك كيلي، مدير العمليات في شبكة السكك الحديدية: "نحن نعمل من دون توقّف للحفاظ على تدفقات الشحن المهمة على الصعيد الوطني، بما في ذلك إمدادات السوبر ماركت والوقود أثناء الإضراب".

وأضاف: "لكن الاضطراب بنسبة 50% لا يزال كبيرًا، حيث تحمل قطارات الشحن سلعًا مهمة مثل توصيلات السوبر ماركت".

وخلال الفترة الأخيرة، ازداد استخدام السكك الحديدية من قبل المتاجر والسوبر ماركت في بريطانيا لنقل البضائع. فعلى سبيل المثال، بدأت سلسلة متاجر "تيسكو"، العام الماضي، باستخدام السكك الحديدية لمساعدتها على توصيل البضائع وتقليل انبعاثات الكربون، من خلال إبعاد 17 ألف شاحنة عن الطريق. وفي أكتوبر/تشرين الأول، قالت تيسكو إنها ستزيد من استخدامها للقطارات لتوزيع المنتجات بنسبة 40% تقريبا.

ذكرت صحف بريطانية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن هناك خطرًا حقيقيًا من أن تؤدي الإضرابات إلى إفراغ أرفف السوبر ماركت هذا الأسبوع. وهناك مخاوف من أن تؤثر الإضربات أيضًا على شحنات الشحن الرئيسية، مثل الوقود لشركات الطيران التجارية والكتلة الحيوية المستخدمة لتوليد الطاقة لمحطات الطاقة.

من جهته، أكد الاتحاد الوطني للسكك الحديدية والملاحة والنقل، أمس، أن الإضراب سيمضي قدمًا في شبكة السكك الحديدية وعبر 13 مشغلًا للسكك الحديدية، أيام الثلاثاء والخميس والسبت. وسيكون يوم الثلاثاء موعد إضراب مترو الأنفاق. 

في السياق، قال رئيس حزب العمال البريطاني كير ستارمر، خلال فعالية لحزب العمال اليوم الأحد في منطقة وارويك، إنّ إضرابات السكك الحديدية ستعرقل وصول الطلاب إلى المدارس لتقديم الامتحانات، وستتسبب في غياب مرضى عن مواعيد المستشفيات، ودعا إلى ضرورة إلغائها.

ولفت ستارمر إلى أنّ وزير النقل ورئيس الوزراء بوريس جونسون، يريدان المضي في الإضرابات، لأنهما يريدان أن تتوقف البلاد عن العمل حتى يتمكنا من تغذية الانقسام.

وستبدأ يوم الثلاثاء إضرابات من المتوقّع أن تعطّل البلاد لمدة ستة أيام، يشارك فيها 40 ألفا من موظفي شبكة السكك الحديدية والعاملين في 13 مشغل قطار. يعني أن بريطانيا ستواجه  في 21 و23 و25 يونيو/حزيران، أكبر إضراب للسكك الحديدية منذ ما يقرب من قرن. مما سيصيب البلاد بحالة من الجمود، مع احتجاج آلاف العمال على الرواتب والوظائف والمعاشات التقاعدية.

ومن المرجح أن يعمل أقل من واحد من كل خمسة قطارات فقط بين الساعة 7 صباحًا و6:30 مساءً. وسيؤدي المضي قدما في إضراب أنفاق لندن في 21 يونيو/حزيران، إلى توقّف شبكة النقل في لندن وتعطيل سفر ملايين الركاب في العاصمة البريطانية. 

المساهمون