حمل تقرير صندوق النقد الدولي اليوم عن آفاق النمو الاقتصادي في العالم جملة من التناقضات التي تعكس التخبط الذي تعيشه الدول في مواجهة تداعيات فيروس كورونا.
اللقاحات تمنح التوقعات لمسة من الإيجابية، فيما يقمع استمرار انتشار الفيروس بنسخه المتحورة الجديدة، وتصاعد إغلاق الأسواق وتخفيض حركة الطيران، المغالاة في التفاؤل.
وشرحت كبيرة خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي غيتا غوبيناث الثلاثاء للصحافيين أن "الخسائر التراكمية في الإنتاج بين 2020 و2025 والمتوقع حاليا أن تبلغ 22 ترليون دولار، مقارنة بالتوقعات ما قبل الوباء، لا تزال كبيرة".
قال التقرير إن الركود الذي أوقد فيروس كورونا شرارته في 2020 سيكون أقل بنحو نقطة مئوية كاملة عن التقديرات السابقة. وشرح أن الموافقة على عدة لقاحات وشروع بعض الدول في التطعيم خلال ديسمبر/ كانون الأول يعززان الآمال بانتهاء الجائحة التي أصابت نحو 100 مليون وأودت بحياة أكثر من 2.1 مليون في أنحاء العالم.
لكن التقرير ذاته حذر من "ضبابية استثنائية" ما زال الاقتصاد العالمي يواجهها، قائلا "إن تجدد موجات كوفيد-19 وظهور سلالات جديدة ينطوي على مخاطر، وإن النشاط العالمي سيظل دون توقعات ما قبل كوفيد الصادرة قبل نحو عام" وفق مقتطفات نشرتها وكالة رويترز.
وبات من المرجح أن ينحدر نحو 90 مليون شخص عن خط الفقر المدقع في 2020 و2021، إذ تمحو الجائحة التقدم المحقق في الحد من الفقر على مدى العقدين الأخيرين. وما زالت أعداد كبيرة تعاني من البطالة المباشرة أو المقنعة في بلدان عديدة، بما فيها الولايات المتحدة.
وتنبأ الصندوق في أحدث تقاريره لتوقعات الاقتصاد العالمي بانكماش عالمي نسبته 3.5 بالمائة في 2020، وهي قراءة أفضل بواقع 0.9 نقطة مئوية عن انكماش بنسبة 4.4 بالمائة كان يتوقعه في تقرير أكتوبر / تشرين الأول، وذلك بفضل زخم أقوى من المتوقع في النصف الثاني من 2020.
وتوقع الصندوق نمو الاقتصاد العالمي 5.5 بالمائة في 2021، بما يزيد 0.3 نقطة مئوية عن توقع أكتوبر، عازيا ذلك إلى تسارع ٍستغذيه اللقاحات في وقت لاحق من السنة ومزيد من إجراءات الدعم في الولايات المتحدة واليابان وبعض الاقتصادات الكبيرة الأخرى.
وقال إن من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي - الأكبر في العالم - 5.1 بالمائة في 2021، وهو ما يزيد نقطتين مئويتين على التوقع السابق بفضل استمرار الزخم القوي للنصف الثاني من 2020 ودعم مالي إضافي بقيمة 900 مليار دولار أُقر في ديسمبر/ كانون الأول.
ويقول الاقتصاديون إن من المرجح أن تزيد تلك التوقعات بدرجة أكبر إذا أقر الكونغرس حزمة إغاثة قيمتها 1.9 تريليون دولار اقترحها الرئيس الجديد جو بايدن.
ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد الصين 8.1 بالمائة في 2021 و5.6 بالمائة في 2022، بينما كانت توقعات أكتوبر 8.2 بالمائة و5.8 بالمائة على الترتيب، في حين بلغ النمو المتوقع لاقتصاد الهند 11.5 بالمائة في 2021، بزيادة 2.7 نقطة مئوية عن تقدير أكتوبر بعد تعافٍ أقوى من المتوقع في 2020.
وحث الصندوق الدول على مواصلة دعم اقتصاداتها لحين عودة النشاط إلى طبيعته للحد من تداعيات الركود الحاد على مدى العام المنصرم.
وقال إن دول الدخل المنخفض ستحتاج إلى استمرار الدعم من خلال المنح والقروض منخفضة الفائدة وإسقاط الدين، وإن بعض الدول قد تحتاج إلى إعادة هيكلة الديون.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو لعام 2021 في منطقة اليورو الثلاثاء بسبب انتعاش وباء كوفيد-19 وإجراءات الإغلاق الناتجة عنه.
ويتوقع الآن انتعاشًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4,2 في المائة، أو أقل بنقطة مئوية من أرقام أكتوبر الماضي، وبعيدا عن نسبة 5,1 في المائة المتوقعة في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تسجل ألمانيا نموا بنسبة 3,5 في المائة (-0,7 نقطة) وفرنسا 5,5 في المائة (-0,5 نقطة) وإيطاليا 3 في المائة (-2,2 نقطة) وإسبانيا 5,9 في المائة (-1,3 نقطة) والمملكة المتحدة 4,5 في المائة (-1,4 نقطة)، وفق "فرانس برس".
ولفت التقرير إلى أن اقتصاد السعودية سينمو 2.6 بالمائة هذا العام، بعد أن انكمش اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم العام الماضي بسبب تدني أسعار الخام وأزمة فيروس كورونا.
وتفيد تقديرات السعودية نفسها أن الاقتصاد قد ينمو 3.2 بالمائة في العام الحالي بعد انكماشه 3.7 بالمائة في 2020.
وكان صندوق النقد قد توقع في أكتوبر نموا قدره 3.1 بالمائة في 2021 لاقتصاد المملكة، بعد انكماش نسبته 5.4 بالمائة العام الماضي. والتوقع الحالي للصندوق أن ينمو الاقتصاد 2.6 بالمائة هذا العام، بعد انكماش 3.9 بالمائة العام الماضي، حسبما ذكر في أحدث تقاريره لتوقعات الاقتصاد العالمي.
ويتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة أربعة بالمائة في العام المقبل.