يتلقى اقتصاد دولة الاحتلال مزيداً من الضربات كل يوم، على خلفية تنامي الاضطرابات السياسية والاجتماعية والقلاقل الأمنية، وتزايد حالة الغموض وضعف اليقين وعدم الاستقرار، وخصوصاً في الفترة التي أعقبت تبني حكومة نتنياهو المتطرفة إصلاحات يرى كثيرون أنها تمثل اعتداءً صارخاً على السلطة القضائية، وتحدّ من سلطات المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في البلاد، وتمنح الحكومة السيطرة على لجنة تعيين القضاة، وتعمّق الفساد داخل الجهاز القضائي والمؤسسات الاقتصادية.
أحدث تلك الضربات ما كشف عنه بنك إسرائيل المركزي أمس الاثنين من أن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي ستصل إلى 47.6 مليار شيكل (13.2 مليار دولار)، كل عام في السنوات الثلاث المقبلة، في حال تمرير التعديلات القضائية التي تتبناها الحكومة المتطرفة وتصر عليها رغم معارضة شديدة من الكيانات الاقتصادية والنقابات وأصحاب ومنظمات الأعمال والجيش.
بنك إسرائيل المركزي يقول إن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي ستصل إلى 47.6 مليار شيكل (13.2 مليار دولار)، كل عام في السنوات الثلاث المقبلة
تقديرات البنك المركزي تقل عن أرقام مؤسسات عالمية وبنوك استثمار، فمؤسسة موديز Moody’s العالمية توقعت يوم 27 مارس الماضي تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر تصل إلى 27 مليار دولار سنوياً في حال تمرير تلك الإصلاحات القضائية التي يمكن أن تضعف المؤسسات وتؤثر سلباً في ملف التصنيف السيادي لإسرائيل.
بل وأكدت وكالة التصنيف أن خفض التصنيف يمكن أن يؤدي إلى خسارة تصل إلى 5.6% في النمو الاقتصادي مقارنة بالنمو المتوقع.
وإذا أخذنا بالاعتبار خسائر الأسابيع الماضية، فإن إجمالي خسائر الاقتصاد الإسرائيلي يمكن أن تتضاعف، فهناك رجال أعمال وشركات سحبوا أكثر من 3 مليارات دولار من البنوك خلال 6 أسابيع، وحولوها إلى الخارج، كذلك فعلت شركات استثمار وتقنية وتكنولوجيا معلومات أجنبية ومدخرون أفراد.
ورأينا تراجعات في قيمة عملة الشيكل وبورصة تل أبيب، صاحبها هروب استثمارات أجنبية ونقل شركات أجنبية وإسرائيلية أنشطتها إلى الخارج كما فعلت شركة "ريسكيبيد" للتكنولوجيا، وشركة الأمن السيبراني (ويز) حولت أموالها إلى حسابات مصرفية في دول أخرى.
ببساطة، شهد الوضع الاقتصادي في إسرائيل تدهوراً خلال الفترة الماضية، ولا يزال الوضع مرشحاً لمزيد من التدهور.
هذا يعني إمكانية تعرّض الاقتصاد الإسرائيلي لمزيد من الضغوط من قبل المستثمرين الأجانب ومؤسسات التصنيف
إذ إن خطر تمرير إصلاحات القضاء من قبل الحكومة المتطرفة لا يزال قائماً، فقد أعلن نتنياهو، الأسبوع الماضي، تعليق خطته حتى الدورة الصيفية للكنيست التي تبدأ نهاية الشهر الجاري، ولحين إجراء حوار مع المعارضة، لكنه قال إنه لن يتخلى عن الإصلاحات المقترحة.
وهذا يعني إمكانية تعرّض الاقتصاد الإسرائيلي لمزيد من الضغوط من قبل المستثمرين الأجانب ومؤسسات التصنيف التي أزعجها إصرار الحكومة على تبني الإصلاحات التي ستكون لها تداعيات سلبية خطيرة على أنشطة الاقتصاد والنمو ومناخ الاستثمار وسوق المال، وهروب الكوادر البشرية والأدمغة من إسرائيل.