فيما يأمل اللبنانيّون أن يتمكّن بلدهم المأزوم اقتصادياً من تجاوز أقسى محنة يواجهها مالياً منذ انتهاء الحرب الأهلية، يرسم الخبراء سيناريوهات لمسار الأمور، ويبرز بينهم خبراء يروّجون على نحو لافت لفكرة رهن لبنان لبرنامج مشروط يقوده صندوق النقد الدولي.
في السياق، يقول خبراء الاقتصاد إن أقل السيناريوهات ضرراً سيتمثل في برنامج يقوده صندوق النقد الدولي بهدف منع إنهاك الاقتصاد اللبناني، غير أن زعماء لبنان لم يعلنوا عن وجود مثل هذا الطرح. والأزمة الاقتصادية الحالية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
ويقول خبراء الاقتصاد إنه مع وضع نطاق الأزمة في الاعتبار، فإن لبنان سيكون بحاجة إلى أحد برامج صندوق النقد الدولي. وسيتم ربط المساعدات بتنفيذ إصلاحات. ومن هؤلاء مروان مخايل، مدير البحوث لدى "بلوم إنفست بنك"، الذي قال: "يجب أن نأتي بصندوق النقد الدولي".
في السياق عينه يأتي قول جيسون توفي، كبير خبراء الاقتصاد في "كابيتال إيكونوميكس"، إن دعم الصندوق سيكون ضروريا لضمان "تعديل (الوضع) بصورة منظمة"، مضيفا: "على الأقل ستضمن عدم انهيار النظام المصرفي وحماية الأكثر فقراً في المجتمع".
وأضاف أن التفاوض حول إعادة هيكلة الدين ربما يتضمن خفض الودائع الكبيرة في البنوك وأن هذا سيقلل قيمتها بينما سيتم الإبقاء على حسابات صغار المودعين دون المساس بها وبالتالي يتحمل الأغنياء العبء.
وقال مصرفي كبير إن من الممكن تجنب تقليص حجم الودائع إذا تم الآن تطبيق استراتيجية للاستقرار، لكن لا يمكن تطبيقها في سيناريو أسوأ الحالات. وقال المصرفي: "يتعين أن تقوم بإعادة هيكلة للديون وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل".
مخايل قال إن إعادة هيكلة للديون ستطيل آماد الاستحقاقات وتخفض معدلات الفائدة لكنها لن تخفض قيمة الديون. وهو يعتقد أن القيمة الرسمية لليرة سيتم الاحتفاظ بها "في السيناريو الإيجابي يمكن أن تكون لديك سوق موازية لشهور لأن ضوابط رأس المال ستبقى في مكانها إلى أن ترى الأشياء بدأت تعمل".
احتياطي "المركزي" ينزف
وقال ميخايل إن مصرف لبنان المركزي لديه احتياطيات تغطي الاستحقاقات لمدة عام، مضيفاً: "يمكن أن تكون (الاحتياطيات) أكثر، لكن عندئذ سيكون سعر صرف العملات الأجنبية في المصرف المركزي قليلا للغاية".
أما توفي فقال إنه في ضوء نزيف احتياطيات العملة لن يكون أمام الحكومة اختيار سوى تخفيض قيمة الليرة، مضيفاً: "في هذا السيناريو... يمكن أن تتخطى العملة قيمتها الحقيقية بكثير".
وقال إن العجز عن سداد الديون "ينطوي على خطر معاناة البنوك من تخفيضات ضخمة في ميزانيتها العمومية"، مضيفاً أن "هذه الناحية هي التي تنطوي على خطر انهيار القطاع المصرفي".
(رويترز، العربي الجديد)