خبراء: أسعار النفط قد تتضاعف لو دخلت إيران الحرب

06 يناير 2024
الحرب في الشرق الأوسط تلقي بظلالها على تجارة النفط العالمية (Getty)
+ الخط -

اعتبر خبراء ومحللون أن تجار النفط تجاهلوا إلى حد كبير الهجمات المتكررة على السفن في البحر الأحمر، لكنهم رأوا أن أي مواجهة مباشرة مع إيران، بصورة تتسبب في تعطل مرور شاحنات النفط عبر مضيق هرمز، سيكون من شأنها رفع أسعار النفط الخام بشكل كبير.

وقال دان سترويفن، رئيس أبحاث النفط في بنك غولدمان ساكس، لشبكة "سي إن بي سي" الاقتصادية، مساء أول أمس الخميس: "إذا حدث اضطراب في مضيق هرمز لمدة شهر، فسترتفع الأسعار بنسبة 20%".

وقال سترويفن إنه يمكن إعادة توجيه الشحنات بعيداً عن البحر الأحمر، لكن النفط الخام سيتباطأ تحركه بشكل أساسي إذا تم إغلاق المضيق. وأضاف أن "التعطيل لفترة طويلة في المضيق قد يؤدي في النهاية إلى مضاعفة أسعار النفط".

وفي حين يعتبر بنك غولدمان ساكس أن هذا السيناريو غير مرجح، يرى بوب ماكنالي من مجموعة رابيدان للطاقة أنّ هناك احتمالاً بنسبة 30% أن يمتد الصراع في الشرق الأوسط إلى إيران، ما قد يتسبب في انقطاع تدفقات النفط في الخليج العربي.

وقال ماكنالي، الذي عمل في مجلس الأمن القومي الأميركي في عام 2003 خلال إدارة الرئيس جورج بوش الابن، إن التوترات في المنطقة تتصاعد، ولم يقم السوق بتسعير مخاطر اتساع الحرب بشكل مناسب.

وقال حزب الله اللبناني اليوم السبت إنه أطلق صواريخ على إسرائيل، وأعلنت الأخيرة بدورها أنها ردت بضرب "خلية" تابعة للجماعة، فيما وصل دبلوماسيان كبيران، هما وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى المنطقة، لبحث سبل منع اتساع نطاق الحرب.

أسعار النفط وعلاوة المخاطر الجيوسياسية

وقال دانييل يرجين، نائب رئيس مركز الأبحاث والمعلومات إس أند بي غلوبال S&P Global، إن المخاطر الجيوسياسية تزحف الآن عائدة إلى السوق. وارتفع سعر الخام الأميركي بمقدار 2.16 دولار خلال الأسبوع الماضي، كما ربح خام القياس العالمي برنت 1.72 دولار.

وقال يرجين في برنامج على قناة "سي إن بي سي" الأميركية، أمس الجمعة: "لقد بدأنا نرى تأثيراً على أسعار النفط، والمخاطر الجيوسياسية القادمة إلى السوق التي يهيمن عليها العرض والطلب".

ويعتقد ماكنالي أن السوق يجب أن تأخذ في الاعتبار علاوة المخاطر الجيوسياسية البالغة 12 دولارًا في أسعار النفط في الوقت الحالي. وقال إن السوق لم تأخذ في الاعتبار المخاطر لأن التجار لديهم "جلد سميك للغاية"، حيث شهدوا، على مدار سنوات، صراعات متكررة في المنطقة لم تؤد في النهاية إلى تعطيل الإمدادات لفترة طويلة.

لكن المخاطر تتزايد. ولم تتراجع إيران عن اتخاذ إجراءات في مضيق هرمز في الماضي. وأشار مايكل ويرث، الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون الأميركية، عملاق إنتاج النفط، إلى الهجمات التي شنتها البحرية الإيرانية في الصيف الماضي ضد سفن الشركة في المضيق.

وقال ويرث إنّ "شيفرون" تعمل حاليًا مع البحرية الأميركية لحماية سفنها التي تعبر البحر الأحمر، مشيراً إلى أنّ الحوثيين، المتمركزين في اليمن، تحدوا الإنذار الأميركي الصارم لوقف الهجمات على الشحن في البحر الأحمر أو مواجهة العواقب.

وقالت شركة الشحن الدنماركية العملاقة ميرسك أمس الجمعة إنها ستحول جميع سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر في "المستقبل المنظور" حيث "لا تزال المخاطر الأمنية عند مستوى مرتفع بشكل كبير".

كما قال متحدث باسم شركة هاباغ لويد الألمانية، لوكالة رويترز، أمس الجمعة، إنّ الشركة تكبدت تكاليف بعشرات الملايين من اليوروهات، خلال الفترة بين 18 و31 ديسمبر/ كانون الأول، نتيجة تحويل مسار 25 سفينة بعد هجمات لجماعة الحوثي اليمنية على سفن في البحر الأحمر.

وقالت الشركة إنها قررت تأجيل رحلات لها حسب المنطقة، لمدد تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع.

واجتمع فريق الأمن القومي التابع للرئيس جو بايدن يوم الأربعاء لمراجعة الخيارات التي تشمل شن ضربات ضد أهداف الحوثيين في اليمن، حسبما قال مسؤولان في الإدارة لشبكة "إن بي سي نيوز".

وقبل أيام قليلة، أصدرت الولايات المتحدة و11 دولة أخرى بياناً مشتركاً، كررت فيه الدعوة إلى إنهاء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

واعترفت وزيرة الطاقة الأميركية جنيفر غرانهولم يوم الجمعة بأن الاضطرابات في البحر الأحمر يمكن أن "تضيف بعض التكلفة إلى أسعار الطاقة، بسبب طول المدة التي تستغرقها، وكمية الوقود الإضافية اللازمة لنقل تلك الشحنات".

وقال سترويفن إن "غولدمان" ساكس يعتقد أن التعطيل المطول في البحر الأحمر فقط يمكن أن يضيف ما يصل إلى 4 دولارات إلى سعر النفط الخام.

وقدمت غرانهولم تطمينات فاترة بشأن الوضع في الممر المائي، مشيرة إلى التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية السفن التجارية. لكنها خففت من هذه الرسالة باحتمال حدوث تحويلات واسعة النطاق في مجال الشحن.

وقالت غرانهولم: "نأمل أنه إذا لم يتم تصعيد الأمر أكثر، فسنكون على ما يرام، حتى لو كان لا بد من حدوث تحويل كامل للشحنات بعيداً عن البحر الأحمر".

وأشار يرجين إلى أن حوالي 40% من النفط المتدفق من مضيق هرمز مر عبر البحر الأحمر قبل اندلاع المواجهات في الشرق الأوسط. وأضاف أن كمية النفط الخام التي تمر عبر هذا الطريق انخفضت بنحو النصف منذ السابع من اكتوبر.

انتبهوا إلى لبنان

وبينما يتركز الاهتمام على البحر الأحمر في الوقت الحالي، قال ماكنالي إن تجارة النفط بحاجة إلى مراقبة الوضع المتصاعد في لبنان عن كثب. وأجبرت الصواريخ التي أطلقها حزب الله إسرائيل على إجلاء المستوطنين من حدودها الشمالية.

وحذر بيني غانتس، عضو مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، بيروت، الأسبوع الماضي، من أن وقت الحل الدبلوماسي ينفد. وقال غانتس إن إسرائيل ستتدخل إذا لم تقنع الحكومة اللبنانية حزب الله بالانسحاب من المنطقة الحدودية.

وعلى الرغم من أن لبنان ليس منتجًا للنفط، فإن حزب الله "يعمل بمثابة الذراع الاستراتيجي الأيمن لإيران، ولا يمكن للجمهورية الإسلامية أن تسمح بضرب مثل هذا الأصل الرئيسي"، وفقًا لماكنالي.

وأضاف موضحاً أن "قطعة النفوذ الرئيسية التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية على الولايات المتحدة وحلفائها هي تدفق النفط عبر مضيق هرمز". وقال ماكنالي إن إيران يمكن أن تستخدم تدفق النفط في المضيق لتهديد “انتخابات بايدن واقتصاده، وإثارة غضب سائقي السيارات في جميع أنحاء العالم”.

إنتاج النفط الأميركي بديلاً

وقال بوب ياوجر، مسؤول استراتيجيات العقود الآجلة للطاقة في بنك "ميزوهو" الياباني، إنه مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، فإن إنتاج النفط القياسي في الولايات المتحدة هو العامل الرئيسي الذي منع الأسعار من القفز إلى أعلى بشكل كبير.

وضخت الولايات المتحدة ما يقدر بنحو 13.2 مليون برميل من النفط يوميًا خلال الأسبوع المنتهي في 29 ديسمبر/ كانون الأول، أي أقل بقليل من الرقم القياسي السابق البالغ 13.3 مليونًا، وفقًا لوكالة معلومات الطاقة. وارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير في الولايات المتحدة بأكثر من 10 ملايين برميل خلال نفس الفترة.

وقال ياوجر إن مصافي التكرير في أوروبا ستستورد النفط بشكل متزايد مباشرة من الولايات المتحدة، لتتجنب المخاطر الجيوسياسية تمامًا، بدلاً من الاعتماد على السفن التي يتم تغيير مسارها من البحر الأحمر المضطرب حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

وقال: "يمكنك فقط الإبحار بسفينة إلى ساحل الخليج الجميل للولايات المتحدة، والقيام بأعمال تجارية بطريقة نظيفة وجميلة".

وقال ياوجر إن هذا التحول ظهر في بيانات الصادرات الأميركية، حيث ارتفعت شحنات الخام أكثر من مليون برميل يومياً إلى إجمالي 5.2 ملايين برميل يوميا الأسبوع الماضي. وأضاف أن الخام الأميركي أرخص من خام برنت، كما أنه يوفر عائداً أعلى من البنزين.

المساهمون