حملات المقاطعة وقلق الشركات العالمية

05 مايو 2024
متظاهرون يناشدون مقاطعة ماكدونالد وكوكا كولا ووقفاً للإبادة الجماعية
+ الخط -
اظهر الملخص
- حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية والشركات الداعمة للاحتلال تكتسب زخماً عالمياً، مما يثير قلق الشركات العالمية والأسواق الغربية بسبب التغيير في اهتمامات ومزاجيات العملاء والمستثمرين.
- طلبة الجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا يسهمون بشكل محوري في دعم حملات المقاطعة ضد شركات مثل ستاربكس وماكدونالدز، مدفوعين بوعي بخطورة دعم هذه الشركات لإسرائيل.
- الأثر المالي للمقاطعة بدأ يظهر، مع خسارة ستاربكس 38 مليار دولار من قيمتها السوقية، مما يعكس قوة الحركات الشعبية والطلابية في التأثير على الشركات الكبرى ويشير إلى إمكانية تعرضها لهزات مالية عنيفة.

تجد حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية وسلع الدول والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي دعماً قوياً هذه الأيام، ليس فقط داخل الدول العربية والإسلامية، كما جرت العادة منذ انطلاق عاصفة الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولكن في عقر دار تلك الشركات، أي داخل الولايات المتحدة وغيرها من دول الاقتصادات الغربية.

ومن هنا نلحظ أن الأمر الأكثر قلقاً لكبريات الشركات العالمية والأسواق الغربية، بل ولصانع القرار، لا يكمن في الخسائر المتلاحقة التي تتعرّض لها تلك الشركات، وفي مقدمتها الأميركية والأوروبية، والتي أعلنت قبل شهور دعمها لقوات الاحتلال في حربه الإجرامية على أهالي غزة، بل الخطر الأكبر يكمن في التغير الجوهري الذي طرأ على اهتمام ومزاجية شريحة عملاء تلك الشركات في عقر دارها ومقارها الرئيسية، سواء كانوا مستهلكين لخدماتها ومنتجاتها، أو مستثمرين في رؤوس أموالها.

طلبة الجامعات الأميركية باتوا رقماً صعباً في حملات المقاطعة للشركات الداعمة للاحتلال، ومنها ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي وبيتزا هت

فطلبة الجامعات الأميركية والأوروبية باتوا رقماً صعباً في حملات المقاطعة للشركات الداعمة للاحتلال، وفي مقدمتها ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي وبيتزا هت وغيرها.

والطلبة باتوا يمتلكون الوعي الكافي بخطورة ما تقوم به تلك الشركات وغيرها لخدمة إسرائيل، سواء في صورة تقديم دعم مباشر لجنود الاحتلال، أو مواصلة الاستثمار في أسواق واقتصاد إسرائيل الخطر، وكذا داخل المستوطنات المحتلة، أو تمويل الشركات المنتجة لأسلحة محرمة دولياً، ويجري استخدامها في ممارسة جريمة الإبادة الجماعية لأهالي غزة.

وبإلقاء نظرة على الفيديوهات التي تبث على "تيك توك" أو وسائل التواصل الاجتماعي، فإنك تصاب بالدهشة عندما يخرج علينا أطفال صغار لا يتجاوزون سن العاشرة في دول مثل جنوب أفريقيا والدنمارك والنرويج وإسبانيا وأيرلندا وسويسرا والنمسا وفرنسا وروسيا.

بل وداخل أشد الدول دعماً لإسرائيل، بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، وهم يعلنون بفخر مقاطعة سلاسل مطاعم الوجبات السريعة ومشروبات شركات المياه الغازية التي تساعد أموالها الاحتلال في قتل أطفال غزة وشراء مزيد من الأسلحة.

هذه التطورات المتلاحقة التي تشهدها الجامعات الأميركية التي هب طلابها مدافعين عن القضية الفلسطينية، وتصاعد حملات المقاطعة، ليس فقط داخل العالمين العربي والإسلامي، هي التي دفع كبار المستثمرين إلى التخلص من أسهمهم في شركة عملاقة وهي ستاربكس.

تراجع سهم ستاربكس في بورصة وول ستريت بأكثر من 31%، منذ انطلاق حملات دعوات المقاطعة ضد الشركة

وهو ما تترجمه الأرقام الأخيرة التي كشفت عن فقدان سلسلة مقاهي "ستاربكس" نحو 38 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال الأشهر الستة الماضية، حسب بيانات "بلومبيرغ"، وتراجع سهم الشركة في بورصة وول ستريت بأكثر من 31%، منذ انطلاق حملات دعوات المقاطعة ضدها والتي تلت اندلاع حرب إسرائيل على غزة، إثر إعلانها دعم قوات الاحتلال في حربها على غزة.

فقد بلغ سعر سهم الشركة في إغلاق يوم الجمعة الماضي، 73.11 دولاراً، نزولاً من 107.1 دولارات في تعاملات 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما تكرر الأمر مع شركات أخرى داعمة للاحتلال منها ماكدونالدز وبابا جونز 

في ظل تلك المعطيات يمكن أن نتوصل لقناعة أنه ومن خلال أدوات بسيطة وإمكانات محدودة يستطيع المواطن العادي التأثير في مجريات الحرب، والضغط بشدة على المحتل والاقتصاد الغربي والشركات الكبرى، والتي سارعت بنفي أي علاقة لها بالاحتلال، كما رأينا في حالات كثيرة، أحدثها بنك باركليز البريطاني، وشركة نيسان، وغيرها، المهم هو امتلاك سلاح الوعي، وعدم الإنصات لوسائل الإعلام العالمية المتحيزة للاحتلال الإسرائيلي.

في تقديري أنه لو تواصلت حملات المقاطعة شهوراً أخرى لا نستبعد تعرّض الشركات الداعمة للاحتلال لهزات مالية عنيفة، ربما تصل إلى حد إغلاق العديد من فروعها حول العالم، كما حدث مع مطاعم كنتاكي في ماليزيا، وربما الإفلاس، خاصة أن المستثمرين يهربون من أسهم تلك الشركات ويتخلصون منها، مع اتساع رقعة تظاهرات الطلاب في الجامعات الأميركية، والتي مثّلت ضغطاً إضافياً على تلك الشركات.

المساهمون