حماية أموال الكويتيين: مطالبة شعبية بعدم المساس بصندوق الأجيال القادمة

26 مارس 2021
الصادرات النفطية تشكل نحو 90% من الناتج المحلي (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

طالب أكثر من 30 نائباً بمجلس الأمة (البرلمان الكويتي) ومواطنون بعدم المساس بصندوق الأجيال القادمة، وذلك بعد الإعلان عن خطة الحكومة لسحب ما يقرب من 17 مليار دولار سنويا منه لمواجهة أزمتي عجز الميزانية وشح السيولة، خصوصا في أعقاب الأزمة المالية على خلفية تداعيات جائحة كورونا، حيث تشهد البلاد حالة من الترقب جراء ما تنوي الحكومة تنفيذه من السحب من صندوق الأجيال، مؤكدين أن هذا الصندوق ليس من حق الجيل الحالي وإنما من حق الأجيال القادمة بعد نضوب النفط.
وهدد عدد من أعضاء مجلس الأمة بمحاسبة أعضاء الحكومة، مؤكدين أن التهديد سيطاول أيضاً جميع أعضاء الحكومة لدرجة عدم التعاون، حتى وإن وصل الأمر لحل المجلس مرة أخرى.
وصندوق الأجيال القادمة أُسس في عام 1976، ويعتبر أقدم صندوق سيادي بالعالم، هدفه الأساسي هو الاستثمار في الأسهم العالمية والعقارات لتأمين مستقبل أجيال البلاد القادمة، لأن إيرادات النفط تمثل المصدر الأساسي للدولة، وهي من الموارد القابلة للنضوب، ما حدا بالدولة إلى التفكير بكيفية تأمين حياة أجيال المستقبل.
وتضمن المرسوم تحويل %50 من رصيد صندوق الاحتياطي العام الذي أنشئ عام 1953، إضافة إلى إيداع ما لا يقل عن %10 من جميع إيرادات الدولة السنوية في الصندوق، لإعادة استثمار العائد من الإيرادات.
وصدر مرسوم إنشاء الصندوق بالقانون رقم (106 لسنة 1976) بشأن احتياطي الأجيال القادمة، بحيث تقتطع سنوياً ابتداء من السنة المالية 1976 - 1977 نسبة قدرها 10% من الإيرادات العامة للدولة، ويتم استثمار الرصيد ويضاف عائد استثماراتها إلى هذا الحساب. وفي عام 2013 تم تغيير نسبة الاقتطاع من الإيرادات، حيث أصبحت 25% بدلاً من 10%.

وتهدف الكويت من إنشاء الصندوق إلى تأمين مستقبل أجيال البلاد القادمة، لأن إيرادات النفط تمثل المصدر الأساسي للدولة، وتعد من الموارد القابلة للنضوب.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي إرسال الآلاف من الرسائل الشعبية تحمل مطالبة للحكومة الكويتية بعدم السحب أو المساس بصندوق الأجيال القادمة، حيث قال ناصر العدواني، وهو محلل مالي، على حسابه في "تويتر": "أموالنا تطير وليس من حق أحد التخلي عن مستقبل الأجيال القادمة"، فيما انتقد الكثير من الكتاب والاقتصاديين هذا التوجه الحكومي.
وفي سياق آخر، قال مصدر حكومي من وزارة المالية الكويتية، إن مشروع القانون تم تقديمه بسبب الظرف الاستثنائي الذي تشهده الكويت على خلفية تداعيات كورونا وأزمة تفاقم عجز الميزانية، مشيرا إلى أن الحكومة اضطرت خلال العام الماضي للسحب من صندوق الاحتياطي العام والذي يقترب من النفاد.
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن مشروع القانون الجديد لن يلغي قانون الدين العام الذي حاولت الحكومة تمريره خلال الفترة الماضية لاقتراض نحو 65 مليار دولار، مشيرا إلى أن الحكومة بحاجة إلى سيولة للوفاء بالتزاماتها.
وأوضح المصدر أن الحكومة تواجه العديد من الأزمات أبرزها شح السيولة، لافتا إلى تصريح وزير المالية الكويتي خليفة حمادة بشأن احتمال عدم قدرة الحكومة على سداد رواتب العاملين في المؤسسات الحكومية، مؤكدا أنه من دون التعاون من جانب أعضاء مجلس الأمة بشأن إقرار مشاريع القوانين الحكومية، فلن تتم معالجة الأزمات المالية الراهنة.
وأحالت الحكومة إلى مجلس الأمة مشروعاً بقانون يقضي بجواز سحب مبلغ من احتياطي الأجيال القادمة لا يتجاوز 17 مليار دولار سنوياً، لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام بالدولة. 
وجاء في مشروع القانون، الذي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منه، أنه "يجوز سحب مبلغ من احتياطي الأجيال القادمة لا يتجاوز 17 مليار دولار سنوياً، لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام للدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار قيام الحكومة بترشيد الإنفاق، وتخفيض المصروفات وزيادة الإيرادات وتنويع مصادر الدخل".
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور لـ"العربي الجديد"، رفضه لمشروع القانون الحكومي الأخير أو محاولة المساس بأموال صندوق الأجيال، مشيرا إلى أن الحكومة فشلت في معالجة أزماتها المالية الراهنة وتريد الآن تدمير مستقبل الأجيال.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وقال بوخضور إنه في ظل الأزمات المالية الراهنة، بالإضافة إلى إخفاق الحكومة في إدارة ملف السحب من صندوق الاحتياطي العام ووقف الهدر في الميزانية واستمرار القرارات العشوائية التي أضرت بالاقتصاد، ينبغي على مجلس الأمة تفعيل أدواته الرقابية والتشريعية ومساءلة الحكومة.
ودعا بوخضور الحكومة إلى محاربة الفساد الذي يستنزف المال العام، بدلا من اتخاذ قرارات عشوائية تضر بالمواطنين وبمستقبل الأجيال، مؤكدا أن صندوق الأجيال هو الأمل الأخير في ظل فشل الحكومة في التنمية والاقتصاد أو تنويع مصادر الدخل بدلا من الاعتماد على صادرات النفط. وتشكل الصادرات النفطية أكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي في الكويت، حسب بيانات رسمية. 
وأكد العديد من النواب رفضهم الشديد للخطوة الحكومية الأخيرة. وأعلن النائب الكويتي أسامة الشاهين عن رفضه لمشروع القانون، وقال: "القانون خطير ومرفوض، وسنسقطه كما أسقطنا مشروع الـ3 مليارات دولار، وقرض الـ30 ملياراً من قبله".
من ناحيته، اعتبر النائب مهلهل المضف أنه "بعد الاستيلاء على الاحتياطي العام، يتم الاتجاه إلى الاستيلاء على ثروة الأجيال القادمة، من خلال هذا القانون، الذي لن نقبل بمروره، بل سنفتح ملف الاحتياطي العام وتكليف المجلس بتتبع الأموال العامة المنهوبة في كل قضايا الفساد بلا استثناء".
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة أثبتت عدم جديتها في معالجة الأزمات المالية المتلاحقة، لافتا إلى أن الإصرار على إقرار القانون على الرغم من حالة الرفض الشعبي والنيابي قد يدخل البلاد في النفق المظلم.
ودعا الهاجري إلى البدء في تنفيذ الإصلاحات المستحقة بدلا من التصرفات الاستفزازية، لافتا إلى أن الإصلاح يجب أن يتضمن وقف التعيينات العشوائية في الهيئات الحكومية ومحاربة الفساد وفرض الضرائب التصاعدية على الشركات وزيادة الرسوم وتقليص الدعم والعمل على توفير موارد مالية مستدامة.

المساهمون