وافقت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، على الإبقاء على دعم الخبز والأدوية الأساسية، وذلك في الوقت الذي يتسبب فيه الانهيار المالي بالبلاد في زيادة الفقر والتضخم.
ففي اجتماع بشأن ترشيد الدعم مع حاكم المصرف المركزي ومستشار للرئيس، تعهد الوزراء بوضع خطة في غضون أسبوع من شأنها المساعدة في خفض الإنفاق مع الإبقاء على الدعم لبعض السلع الأساسية.
وفي ظل تضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي سريعاً، وبعد أن صار إلغاء الدعم وشيكاً، لم يتخذ قادة لبنان أي خطوة حقيقية نحو وضع خطة لدعم الواردات أو مساعدة الفئات الأكثر ضعفاً في البلاد.
فالسياسيون في خلافات منذ شهور بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في وقت يمضي فيه لبنان بخطوات سريعة نحو ما حذرت اثنتان من وكالات الأمم المتحدة من أن يكون "كارثة اجتماعية".
وقال بيان من مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، إنّ المجتمعين اتفقوا على دراسة وسائل تقليص فاتورة النفط وتوفير بطاقات دعم تمويلية.
وألقت الأزمة بالفعل بما لا يقل عن نصف السكان في براثن الفقر. وتفاقمت المتاعب بالنسبة للبنان بسبب زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديد وانفجار هائل بميناء بيروت في أغسطس/ آب الماضي أودى بحياة 200 شخص وأدى إلى استقالة الحكومة.
وأثارت تصريحات بشأن إلغاء الدعم نوبات شراء بدافع الذعر خلال الأشهر الأخيرة، مما يفاقم المخاوف بشأن عجز في المواد الغذائية وزيادة الجوع.
وفي الأسبوع الماضي، قال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة إن المصرف لا يمكنه الإبقاء على الدعم سوى لشهرين.
وفي ظل شح التدفقات الدولارية، عمد المصرف المركزي إلى السحب من احتياطيات النقد الأجنبي الضئيلة أصلا لدعم ثلاث فئات من السلع الرئيسية هي القمح والوقود والأدوية، إلى جانب سلة من السلع الأساسية.
ويوفر المصرف العملة الصعبة لمستوردي تلك السلع بسعر الصرف القديم المربوط عند 1500 ليرة لبنانية للدولار، بينما يتجاوز السعر في السوق السوداء 8 آلاف ليرة للدولار، إذ انهارت العملة بفقدانها 80% تقريباً من قيمتها منذ العام الماضي.
ويشهد لبنان منذ العام الماضي 2019 انهياراً مالياً غير مسبوق، وتعثراً في سداد ديونه الضخمة. وانهارت العملة المحلية، وأصاب الشلل القطاع المصرفي وارتفع التضخم بشكل حاد، مسجلاً زيادة بنسبة 136.8% على أساس سنوي، خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفق البيانات الرسمية.
وتتزامن الأزمات مع أبواب توصد في وجه بيروت لتلقي الدعم المالي من منظمات التمويل والدول المانحة، بسبب عدم تشكيل حكومة جديدة حتى اليوم، وعدم القيام بأي إجراءات إصلاحية.
وطالب مانحون أجانب بإجراء تدقيق جنائي للبنك المركزي من بين إصلاحات رئيسية، قبل مساعدة لبنان على الخروج من الأزمة التي تعود جذورها إلى عقود من الهدر والفساد.
والتدقيق مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي الذي توقفت محادثاته مع حكومة تصريف الأعمال، على خلفية عدم تنفيذ إصلاحات لمواجهة الفساد والهدر.
لكن شركة "ألفاريز أند مارسال" المتخصصة في استشارات إعادة الهيكلة أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انسحابها من التدقيق الجنائي لأنها لم تتلق المعلومات اللازمة لإتمام المهمة. واتهم بعض المسؤولين اللبنانيين البنك المركزي باستخدام قوانين السرية المصرفية لتبرير حجب المعلومات.
وتوقع البنك الدولي في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان، الصادر في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أن يعاني لبنان من "ركود شاق وطويل"، وأن يسجل انكماشاً اقتصادياً بنسبة 19.2% بنهاية العام الجاري 2020، منتقداً السلطات اللبنانية بسبب "الغياب المتعمد لإجراءات فعالة" لإنهاء الأزمة الاقتصادية.
وقال البنك إن الفقر سيواصل التفاقم على الأرجح، ليصبح أكثر من نصف السكان فقراء بحلول عام 2021، فيما من المتوقع أن تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194% ارتفاعاً من 171% في نهاية 2019.