أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق أنها تعتزم تأسيس شركتين عامتين لإنتاج وتسويق النفط والغاز في الإقليم، في خطوة تمثل إدارة مستقلة عن بغداد لوارداتها النفطية، في ظل استمرار الخلاف بينها وبين حكومة بغداد بشأن واردات النفط وصادراته.
ويعد ملف النفط والغاز في إقليم كردستان من الملفات المعقدة بينها وبين حكومة بغداد، وكانت المحكمة الاتحادية العليا بالعراق قد قضت أخيرا برفض قانون "النفط والغاز" الخاص بالإقليم، معتبرة أنه "غير دستوري"، وألزمت حكومة الإقليم بتسليم نفطها الى حكومة بغداد المركزية، إلا أن حكومة الإقليم أعلنت رفضها تطبيق قرار المحكمة الذي منعها من التحكم بمواردها النفطية.
وفي وقت سابق، كان رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور البارزاني، قد هاجم المحكمة الاتحادية العليا، وطالب بإعادة تشكيلها من جديد، معتبرا أنها "غير دستورية، ولم تستند إلى القانون في تشكيلها"، مؤكدا أن قرارها بشأن نفط الإقليم استند إلى قانون حزب البعث المنحل لسنة 1976.
واليوم الجمعة، ووفقا لتقرير نشرته حكومة الإقليم، ونقلته وسائل إعلام عراقية محلية، عن رؤيتها لإدارة ملف النفط، فإنها تعتزم "تأسيس شركتين للنفط والغاز، KROC التي تختص باستكشاف وإنتاج ونقل النفط والغاز، وشركة كردستان لتسويق النفط KOMO، التي ستكون متخصصة بتسويق النفط".
وجاء في التقرير أنه "يمكن التنسيق بين هاتين الشركتين من جهة، وشركة النفط الوطنية وشركة (سومو) في المجالات ذات العلاقة من جهة أخرى، وأن يجرى التنسيق بين وزارة النفط الاتحادية ووزرارة الثروات الطبيعية لإقليم كردستان".
واشترط التقرير للقيام بكل ذلك "ضرورة أن تجرى هيكلة شركة (سومو)، وتعديل نظامها الداخلي، وجعلها مؤسسة اتحادية، تُتخذ فيها القرارات بصورة مشتركة بما يحقق مشاركة حقيقة لإقليم كردستان في تلك الشركة، ولممثل حكومة الإقليم حق النقض (الفيتو) بما يتعلق في المسائل الخاصة بإقليم كردستان".
من جهته، قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان جوتيار عادل، في تصريح لعدد من وسائل الإعلام، إن "المفاوضات مع بغداد مستمرة بخصوص ملفي النفط والموازنة وباقي الملفات"، مبيناً أن "حكومة إقليم كردستان اتفقت مع رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي بشأن هذين الملفين والذي انتهى باتفاق موازنة 2021".
وأضاف أن "الكثير يتساءل بشأن عدم تسليم حكومة كردستان للمركز واردات النفط، حيث تم الاتفاق وفق قانون الموازنة بتسليم مبالغ 250 ألف برمیل من النفط الى سومو بعد تدقيق نفقات وواردات الإقليم، وتم الاتفاق على تسليم المركز للإقليم 320 مليار دينار شهرياً إلى أن يتم التدقيق، إلا أنه تم تخفيضها الى 200 مليار دينار من دون سبب يذكر"، مشيراً إلى أن "موضوع التفاوض مع الحكومة الاتحادية حول ملف النفط، أخذ الكثير من عمر كابينة حكومة الإقليم الحالية".
وبين أن "حكومة الإقليم قدمت كل المعلومات لديوان الرقابة المالية الاتحادي (الواردات والنفقات والملاكات)، إلا أن الحكومة الاتحادية أرسلت خلال العام الحالي 3 دفعات فقط (200) مليار دينار شهريا".
وشدد على "ضرورة وجود تنسيق بين الحكومتين، حيث إن أي انقطاع في العلاقة سيؤثر على الطرفين بقضايا كثيرة"، موضحا أن "وزارة الثروات الطبيعية في كردستان تعمل وفق القانون العراقي، وأن الدعاوى مستمرة بين بغداد وأربيل بشأن ملف النفط".
وأشار إلى أن "حكومة إقليم كردستان مستمرة بالتفاوض مع المركز بشأن ملف النفط وبالإجراءات القانونية في المحكمة تتوقع الحسم لصالحها"، مبينا أنه "لدى حكومة الإقليم عقد مع تركيا لمدة 50 عاما لنقل النفط فقط عبر مرفأ جيهان التركي وليس بيعه".
ولم ترد حكومة بغداد بعد على تحرك الإقليم نحو إدارة وارداته النفطية، إلا أن مسؤولا حكوميا أكد لـ"العربي الجديد" أن "خطوة الإقليم تمثل تمردا على قرار المحكمة الاتحادية العليا، وهو قرار واضح بمنع الإقليم من إدارة ملف ثرواته النفطية".
وبين المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "الحكومة ستدرس المشروع، وتتخذ قرارا بشأنه، ولا شك أن أي تجاوز من قبل حكومة الإقليم على قرارات المحكمة الاتحادية غير مقبول، وتترتب على ذلك قرارات قضائية جديدة".
وينتج الإقليم 400 إلى 420 ألف برميل من النفط يوميا، يُصدَّر أغلبه، وتبقى 25 ألف برميل للاستهلاك المحلي.
ومنذ العام 2007، سنّت حكومة إقليم كردستان قانونها الخاص الذي نص على إدارة حكومة الإقليم مواردها من النفط والغاز، بمعزل عن حكومة بغداد.