يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل سيكون رجل الأعمال والملياردير الأميركي وإمبراطور العقارات دونالد ترامب في السلطة حيث سيتولى منصبه رسمياً كرئيس منتخب للولايات المتحددة.
وإذا كان ترامب يتصرّف قبل هذا التاريخ في أصوله وأمواله، التي قدّرتها مجلة فوربس المعروفة بنحو 3.7 مليارات دولار، كيفما شاء باعتبارها ماله الخاص وهو صاحبها الأول والأخير، وأن أحداً لا ينازعه في ثروته التي قدرها هو بنحو عشرة مليارات دولار، فإن الوضع سيختلف جذرياً عقب توليه منصبه.
ترامب بات محط أنظار الصحافة والإعلام والجهات الرقابية ليس في أميركا فقط بل وفي عدة دول حيث لأميركا وشركاته مصالح استثمارية واقتصادية بها، وبالتالي فإن أي صفقة ستبرمها شركاته ستكون محط أنظار الجميع في الداخل والخارج، وإن أي استثمارات جديدة لشركاته سيطرح بعض الناس حولها مئات الأسئلة، كيف فازت هذه الشركات بالصفقة، وهل منصب ترامب ساعدها في ذلك، وهل هناك تعارض مصالح بين أعماله التجارية ومنصبه كرئيس منتخب، وهل المستثمرون أسندوا الصفقة إلى شركات ترامب بحكم منصبه كرئيس لأميركا، أم لأن الشركات التابعة له هي الأكفأ في التنفيذ من الناحية المالية والفنية والأقل سعراً والأعلى جودة.
بل وسنجد أن أي أرباح تُحقّقها شركات الرئيس المنتخب أو أي زيادات في عائداتها سيسأل عنها ملايين الأميركيين: من أين لك هذا يا ترامب؟
ولأن أميركا تفصل بين الشأن العام والخاص نجد أن لديها قواعد صارمة تحول دون استغلال أي مسؤول منصبه في تحقيق مكاسب مالية.
ومن هنا قرّر ترامب ترك إدارة أعماله التجارية قبل توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، بل وأعلن أن أبناءه والمديرين التنفيذيين لشركاته وأعضاء مجالس الإدارة لشركاته البالغ عددها 144 شركة في 25 دولة سيديرون استثماراته الضخمة أثناء فترة رئاسته، وأنهم لن يقوموا بتنفيذ أي صفقات جديدة خلال فترة ولايته وطوال بقائه في منصب الرئاسة التي قد تبلغ دورتين مدتهما 8 سنوات.
الرجل اتخذ هذا القرار على الرغم من أن القانون لا يجبره على القيام بذلك، ولم يكتف بذلك، بل أغلق عدداً من شركاته التي قد يتسبب وجودها واستمرارها حرجاً له ومن بينها أربع شركات ذات صلة بمشروع تجاري مشترك محتمل مع السعودية.
هذا عن ثروة ترامب، فماذا عن الوضع في المنطقة العربية ودول العالم الثالث، هل يفصل حكامها بين أعمالهم التجارية والاستثمارية الخاصة وبين الاستثمارات الحكومية ومشروعات الدولة وصفقات القطاع العام والخصخصة والعمولات.
وإذا كانت التشريعات والقوانين داخل بعض هذه الدول تفرض على هؤلاء الحكّام الكشف عن ثرواتهم وأصولهم قبل توليهم المناصب الرسمية، فهل سألت الأجهزة الرقابية هؤلاء عن حجم ثرواتهم بعد خروجهم من المنصب، إن خرجوا أصلاً، هل سألتهم: لماذا تضخمت ثرواتهم بعد توليهم مناصبهم؟ لماذا تحول أبناء هؤلاء لمليارديرات وأباطرة مال وأعمال رغم أن رواتب آبائهم لا تتجاوز بضعة آلاف من الدولارات؟
لقد كشفت ثورات الربيع العربي أن حكاماً عرباً كانوا لا يفصلون بين ما في جيوبهم الخاصة من ثروات وما في خزانة الدولة التي باتت خاوية بسبب الأموال التي نهبوها وذويهم ورموز حكمهم، وأن مسارات الأموال والثروات تفتح على بعضها عند هؤلاء.
كما كشفت أن شخصاً مثل معمر القذافي كان يضع ثروة ليبيا النفطية والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات في حسابه الشخصي، وأن علي عبد الله صالح الذي كان يرأس بلداً، يصنف على أنه من أفقر دول العالم، ترك منصبه وثروته 63 مليار دولار حسب أرقام الأمم المتحدة، وأن ذلك ينطبق على حسني مبارك وزين العابدين علي وغيرهم.