حقيقة أزمة انقطاع الكهرباء في مصر

23 يوليو 2023
انقطاعات واسعة للكهرباء في مصر (فيسبوك)
+ الخط -

لا حديث للمصريين هذه الأيام إلا عن عودة العتمة للشوارع والمنازل، وتفاقم أزمة انقطاع الكهرباء، وفصل التيار وتخفيف الأحمال، والتحذير من استخدام المصاعد، وذلك بعد 8 سنوات من توديع تلك المشكلة المزمنة.

صحيح أن ارتفاع أسعار السلع في الأسواق لا يزال يكوي جيوب غالبية المواطنين ويشغل بالهم، لكن الحديث عن الأسعار خفت بعض الشيء لصالح أزمة الكهرباء المتصاعدة على مستوى الجمهورية ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع حديث متصاعد من أن حل الأزمة يأتي على حساب المواطن، وأن الطريق نحو علاج أزمات تفاقم الدين الخارجي وعجز الموازنة العامة يأتي عبر بوابة جيب البسطاء.

ومع التدافع الشعبي نحو الحديث عن عودة العتمة ومحاولة تفسير أسبابها، ثارت عشرات الأسئلة المنطقية التي تبحث عن إجابة من قبل المسؤولين عن اتخاذ القرار في الدولة.

ما حقيقة اقتراض الحكومة 15 مليار دولار لإنشاء محطات وشبكات نقل وتوزيع الطاقة، من 2014 إلى 2018؟ ولم انتشار العتمة فرغم كل هذه النفقات والقروض؟

أول تلك الأسئلة: ما الأسباب الحقيقية للأزمة التي عادت بالبلاد إلى صيف 2013، وماذا عن حقيقة تصريحات المسؤولين السابقة بوجود فائض ضخم واكتفاء ذاتي من الكهرباء، بل وعن خطة لتصدير الفائض للدول المجاورة خاصة السعودية والسودان وليبيا والأردن ولبنان وفلسطين واليونان وقبرص وغيرها من الدول العربية والأوروبية؟

ماذا عن حقيقة إنفاق الحكومة أكثر من نصف تريليون جنيه على إقامة محطات توليد كهرباء جديدة، وزيادة قدرات الاستهلاك لكافة الأنشطة بالدولة لأكثر من الضعف.

وما حقيقة اقتراض الحكومة 15 مليار دولار لإنشاء محطات وشبكات نقل وتوزيع الطاقة، خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2018؟ ولم انتشار العتمة في ربوع مصر رغم كل هذه النفقات الضخمة والاستثمارات والقروض الخارجية؟

ما العلاقة بين أزمة انقطاع الكهرباء واتجاه الحكومة لبيع شركات إنتاج كهرباء كبرى منها محطة كهرباء "سيمنز" الواقعة في محافظة بني سويف جنوبي العاصمة القاهرة، وذلك مقابل 2 مليار دولار؟

ما تأثيرات أزمة الكهرباء الحالية على مناخ الاستثمار وخطط الحكومة في جذب استثمارات أجنبية جديدة؟ وما حقيقة العودة لاستخدام المازوت لتموين محطات إنتاج الكهرباء مع عدم قدرة وزارة البترول على توفير الغاز الطبيعي.

علما بأن الحديث زاد في السنوات الماضية عن إخراج عشرات محطات التوليد التي كانت تعمل بالمازوت أو السولار من الخدمة مع اكتشاف حقل ظهر وتحقيق الاكتفاء المحلي من الغاز بل وتصديره؟

هناك من يربط العتمة بشح النقد الأجنبي وحرص الحكومة على توفير الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء وتصديره وحصد ما يقرب من 450 مليون دولار هي حصيلة البيع

على مستوى السؤال الأول المتعلق بأسباب الأزمة نجد عشرات التبريرات التي تصل إلى حد التناقض، ما بين حديث رسمي عن زيادة معدلات استهلاك المواطنين، مع تعرض البلاد لموجة طقس شديد الحرارة، والبدء في تنفيذ خطة للتخلص من محطات الإنتاج القديمة تدريجيا، ورغبة الحكومة في ترشيد الطاقة المستخدمة في إنتاج الكهرباء.

وهناك من يربط العتمة بشح النقد الأجنبي وحرص الحكومة على توفير الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء وتصديره وحصد ما يقرب من 450 مليون دولار هي حصيلة البيع ليتم استخدامها في سداد أعباء قروض خارجية، وهنا نحن نتحدث عن تصدير الغاز المصري لعدد من الدول العربية وأوروبا لسد احتياجاتها بسبب نقص الغاز الروسي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وهناك من يتحدث عن حرص الحكومة على تصدير الغاز الموفر من ترشيد الكهرباء لدولة الاحتلال والالتزام بالعقود المبرمة مع الحكومة الإسرائيلية العام، وهذا كلام غير دقيق، فمصر باتت تستورد الغاز الإسرائيلي بعد أن كانت تصدره، والحكومة المصرية أبرمت قبل سنوات صفقة تجاوزت قيمتها 21 مليار دولار وتقضي باستيراد غاز دولة الاحتلال لمدة 15 سنة.

وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء انتشار العتمة في ربوع مصر، فإن السؤال الأهم هنا هو: هل المواطن الأوروبي ورفاهيته وراحته أهم عند الحكومة من نظيره المصري بحيث يتم تفضيله وتزويده بالغاز وحرمان ملايين المصريين منه؟

هل المواطن الأوروبي ورفاهيته وراحته أهم عند الحكومة من نظيره المصري بحيث يتم تفضيله وتزويده بالغاز وحرمان ملايين المصريين منه؟

وهل المواطن في الساحل الشمالي والعلمين وشرم الشيخ وغيرها من المدن السياحية أهم عند الحكومة من ذلك الذي يقبع في نجوع مصر وقرى الصعيد والدلتا ويعاني من ارتفاع في درجات الحرارة، بحيث ينعم الأثرياء وعلية القوم بالكهرباء، في حين تكون العتمة من نصيب الفقراء والمهمشين وقاطني القرى والمناطق العشوائية؟

المساهمون