نفى مصدر من حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا تسبب "أي عمل إرهابي أو أسباب سياسية" في انفجار صوامع الحبوب بمنطقة درينجة بولاية قوجة ايلي المطلة على بحر مرمرة، مرجحاً حدوث الانفجار بفعل ضغط غبار القمح خلال نقل كميات من الصوامع لسفينة، وأنه أتى على نحو 20% من القمح المخزن بالصوامع، لا يصل إلى 20 ألف طن، وليس 8 ملايين طن، كما روّجت بعض الوسائل الإعلامية، "لأن السعة الكلية للصوامع تقدر بنحو 100 ألف طن وسعة المنطقة التي حدث فيها الانفجار 75 ألف طن فقط".
وأضاف المصدر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن الانفجار الذي وقع أول من أمس، تسبب في إحداث خسائر في 13 صومعة بالمكان، وإصابة 13 عاملا، كانت حالة ثلاثة منهم خطرة، قبل أن يتم الإعلان عن وفاة أحدهم.
من جهتها، أعلنت الرئاسة التركية أن حوالي 15 ألف طن من الحبوب تلفت عندما وقع انفجار في صوامع حبوب بالقرب من ميناء درينجة في شمال غرب تركيا، مؤكدة أن الانفجار، وحسب حاكم قوجة ايلي، سببه ضغط غبار القمح خلال نقل كميات من إحدى السفن إلى الصومعة، مبينة إتلاف 13 من أصل 16 صومعة بالمكان وإصابة 13 عاملا.
ولأن ميناء درينجة وصوامع الحبوب استخدمت خلال اتفاق تصدير الحبوب، سرت شائعات بتأثر الصادرات الروسية وهو ما تطرقت له صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" الروسية اليوم، نافية من خلال الكاتب يفغيني نيكتوفينكو أي أثر للانفجار على صادرات روسيا من القمح.
وأشار الكاتب، وفق ما نقلت وسائل إعلام تركية اليوم، إلى أن الانفجار حصل أثناء تحميل سفينة بالحبوب، وكان سببه انفجار غبار الحبوب، بحسب رئيس قسم منتجات التربة، أحمد غولدال.
ونقل عن ألكسندر كوربوت، الخبير المستقل في السوق الزراعية، أن "غبار الحبوب خطير للغاية". وأضاف "كانت هناك حالات انفجرت فيها الصوامع الخرسانية ولم يتبق منها سوى الأساسات. لذلك، فمن المحتمل جدًا أن سبب الانفجار نتيجة عدم الامتثال لقواعد السلامة، وربما جرى انتهاك شروط تخزين الحبوب".
وسبق أن تم استخدام ميناء درينجة بنشاط كجزء من "صفقة الحبوب"، وكذلك لتصدير الحبوب الروسية إلى تركيا. ومع ذلك، فإن الانفجار في الميناء، وفقًا لـ كوربوت، لن يكون له تأثير كبير على عمليات تسليم الحبوب الروسية.
وقال: "روسيا تبيع الحبوب إلى تركيا بشروط التسليم على ظهر السفينة. أي أن التزاماتنا الخاصة تنتهي بعد تحميل الحبوب على متن السفينة في البحر الأسود الروسي أو ميناء آزوف، ثم يأخذها الأتراك إلى المكان الذي يرونه مناسباً. لذلك، فبالنسبة لنا، عواقب الانفجار في محطة الحبوب بميناء درينجة التركي، إن وجدت، فهي ضئيلة للغاية".
وكان مركز مكافحة المعلومات المضللة التركي، قد أشار إلى أن ميناء درينجة ليس الوحيد الذي شارك باتفاق ممر الحبوب، نافياً صحة الأنباء التي أتت على خسارة ملايين أطنان القمح جراء الانفجار.
ويقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل ديميريل لـ"العربي الجديد" إن بلاده تسعى الآن وعبر خطوات جدية لإعادة إحياء "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" عبر خريطة طريق جديدة، لتلافي أزمة اقتصادية وغذائية عالمية، معتبراً أن اللقاء بين الرئيسين، رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين نهاية الشهر الجاري بأنقرة، سيشهد البت بقضية عودة الاتفاق ووضع الشروط الروسية.
وحول استيراد تركيا القمح الروسي، يضيف ديميريل إن بلاده "استوردت عام 2021 نحو 9 ملايين طن قمح، 65% منها من روسيا و15% من أوكرانيا، وهي من الدول المتأثرة بالحرب وواردات الحبوب، لكنها، تتمتع باكتفاء ذاتي من القمح، لأن المعدل الوسطي لحاجة السوق المحلية من القمح يبلغ 20 مليون طن، وهذه الكمية يتم إنتاجها محليا".
وتعتمد تركيا على السوق الروسية، التي أوقفت تصدير القمح، باستيراد أكثر من نصف حاجتها التصنيعية، لتستمر بتصدير صناعات القمح إلى الخارج، ولتستفيد من القيم المضافة، كما يقول مدير مركز الدراسات بإسطنبول، محمد كامل ديمريل.
ويذكر أن تركيا التي نجحت بإيصال إنتاج القمح للاكتفاء الذاتي، وصلت خلال السنوات الأخيرة بصادراتها من دقيق القمح إلى 160 دولة في أنحاء العالم، لتصل صادراتها إلى ما يقرب من 92% من سكان العالم، و30% من إجمالي الصادرات العالمية، بحسب تصريح سابق لرئيس غرفة مصنعي الطحين التركية أران أولوصوي.
ويضيف أولو صوي إن بلاده تستورد القمح من الخارج لتلبي طلبات تصدير الدقيق، موضحا أن ما تنتجه تركيا من القمح يكفي للاستهلاك المحلي.