فجأة اشتعلت حرب نفطية شرسة بين السعودية وروسيا، أكبر منتجين للنفط في العالم، الحرب بدأت مباشرة يوم الجمعة الماضي عقب إعلان موسكو رفضها الاستجابة لاقتراح سعودي بتمديد وتعميق اتفاق خفض إنتاج النفط حتى نهاية العام الجاري 2020، ورفض موسكو إجراء خفض إضافي في الإنتاج النفطي داخل دول " تكتل أوبك +" بواقع 1.5 مليون برميل يوميا لمنع تهاوي الأسعار.
وردت الرياض وبسرعة على الرفض الروسي بإغراق الأسواق بالنفط، وخفض الأسعار، والإعلان عن زيادة إنتاجها بمعدلات قياسية رغم ضعف الطلب العالمي، وأدى ذلك إلى تهاوي أسعار النفط وفقدانها 30% من قيمتها يوم الاثنين.
وزادت حدة الحرب النفطية اليوم الثلاثاء حين أعلنت السعودية عن خطوتين تعمقان الأزمة الحالية لأسعار النفط، الأولى هي إعلان شركة أرامكو النفطية التابعة للدولة عزمها على زيادة إنتاجها إلى ما فوق الطاقة القصوى وهي 12.3 مليون برميل يوميا في شهر إبريل/ نيسان المقبل، بزيادة 300 ألف برميل يوميا، عن الطاقة القصوى العادية البالغة 12 مليون برميل يوميا.
أما الخطوة الثانية فجاءت في شكل رفض السعودية دعوة وزارة الطاقة الروسية لعقد اجتماع مع شركات النفط غدا الأربعاء لمناقشة وقف تهاوي أسعار النفط، وتحقيق الاستقرار في سوق النفط، والتعاون المستقبلي مع أوبك، وتأكيد الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير النفط السعودي أنه لا يرى مبرراً لعقد اجتماعات حتى في شهر مايو/أيار أو يونيو/حزيران، وهو الموعد الدوري لمنظمة أوبك.
وبسرعة ردت روسيا على الخطوتين السعوديتين بإعلان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، اليوم اعتزام بلاده على زيادة إنتاج النفط بواقع 200 - 300 ألف برميل يوميا على المدى القصير، اعتبارا من شهر إبريل/ نيسان المقبل. بل وتأكيده أن إنتاج النفط على المدى البعيد قد يرتفع بواقع 500 ألف برميل يوميا، علما بأن متوسط إنتاج روسيا النفطي حاليا يبلغ 11.29 مليون برميل يوميا.
الحرب النفطية الحالية بين السعودية وروسيا تطرح سؤالين مهمين، الأول هو عن سبب رفض موسكو الاستجابة للاقتراح السعودي الأخير بخفض الإنتاج من قبل كبار منتجي النفط بهدف وقف تهاويه، وما الذي أرادت موسكو انتزاعه من الرياض من صفقات مقابل الموافقة على الخفض كما جرت العادة منذ تأسيس تكتل أوبك + في العام 2017.
أما السؤال الثاني فهو عن مدى قدرة الرياض على إلحاق الأذى بروسيا واقتصادها وموازنتها العامة ومواطنيها، علما بأن موسكو أكدت قبل يومين قدرتها على التعايش مع أسعار نفط منخفضة تبلغ 25 دولارا للبرميل لمدة تتراوح ما بين 6 و10 سنوات.
في كل الأحوال فإن السعودية وروسيا وباقي الدول النفطية ستتضرر من تهاوي أسعار النفط بالشكل الحالي، خاصة وأن إغراق الأسواق بالنفط قد لا يضيف عملاء جددا وموارد مالية لهذه الدول في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وضعف الطلب على النفط خاصة من قبل الصين المشغولة بمواجهة فيروس كورونا، بل العكس هو المتوقع وهو تكبد هذه الدول لخسائر مالية فادحة يترتب عليها تعميق العجز في موازنتها العامة.
وحسب الأرقام فإن السعودية خسرت 320 مليون دولار يومي الأحد والاثنين بسبب تهاوي أسعار النفط، في حين خسرت دول أوبك 500 مليون دولار يوم الاثنين فقط.