حبس المدين... الأردن أمام خيارات صعبة

23 ابريل 2023
ما زال قرار منع حبس المدين يثير جدلا واسعا في الشارع الأردني (Getty)
+ الخط -

من المقرر أن يشمل قرار منع حبس المدين في الأردن كافة فئات المقترضين اعتبارا من نهاية الشهر الجاري، بعدما جرى تطبيقه منذ ثلاث سنوات إبان جائحة كورونا وسط محاولة احتواء آثار الوباء على المواطنين ومستويات المعيشة.

وما زال قرار منع حبس المدين يثير جدلا واسعا في الشارع الأردني ما بين مؤيد ومعارض له ومطالبات لمنظمات دولية تؤيد عدم تنفيذ عقوبة الحبس على المتخلفين عن السداد.

وقد جاء قرار الحكومة بمنع حبس المدين في إطار تفعليها قانون أمر الدفاع منذ جائحة كورونا، الذي يمكّن السلطة التنفيذية من اتخاذ أي قرارات بخلاف ما ورد في التشريعات المختلفة، بمعنى إمكانية تعطيل نصوصها لصالح القرارات الحكومية.

سياحة وسفر
التحديثات الحية

وطالب عدد من أعضاء مجلس النواب الأردني الحكومة بوقف تطبيق قانون الدفاع لعدم وجود ضرورة لبقائه وكونه يعطل التشريعات المختلفة.

وقال النائب صالح العرموطي، رئيس كتلة الإصلاح في مجلس النواب المحسوبة على التيار الإسلامي، إن على الحكومة إلغاء تفعيل قانون الدفاع الذي مضى على تطبيقه أكثر من 3 سنوات، حيث انتفت أسباب وجوده من ناحية نفاذ أحكامه.

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن ذلك بمثابة تعد على حقوق المواطنين والصالح العام من خلال تعطيل تطبيق القوانين وسيرها كالمعتاد.

وفي حالة وقف تطبيق قانون الدفاع، سيؤدي ذلك إلى حبس المدين وتنفيذ الأحكام الصادرة على عدد كبير من الأشخاص يقدر بالآلاف، ويدفع بآخرين لتقديم دعاوى على عشرات آلاف المدينين.

وقال الخبير منير أبو دية إنه بعد عطلة عيد الفطر مباشرة، يتوجب على الحكومة تحديد موقفها من قانون الدفاع وتحديداً حبس المدين، فالبلاغ الأخير سينتهي يوم 30 إبريل/ نيسان ونص على تأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين الصادرة بموجب قانون التنفيذ شريطة ألا يتجاوز المبلغ عشرين ألف دينار، كما تم وقف تنفيذ الأحكام الجزائية في الجرائم المتعلقة بإصدار شيك لا يقابله رصيد في القضايا التي لا يتجاوز مجموع قيمة الشيكات عشرين ألف دينار (الدينار يساوي 1.41 دولار).

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الحكومة أمام خيارين، إما وقف العمل بقانون الدفاع بمجمله كون الغاية التي عُمل بهذا القانون من أجلها انتهت، وهي أزمة فيروس كورونا، ومعظم دول العالم رفعت حالة الطوارئ التي فرضت منذ بداية الأزمة، وآخرها كانت الولايات المتحدة التي أوقفت العمل بقانون الطوارئ مطلع الشهر الحالي.

والخيار الثاني، حسب أبو دية، أمام الحكومة، هو إبقاء قانون الدفاع وتعديل أمر الدفاع 28 وإصدار بلاغ لتمديد العمل به لفترة أخرى، مع تعديل المبلغ وتخفيضه إلى عشرة آلاف دينار مثلاً.

وقال إن "أكثر من ثلاث سنوات مرت على إصدار أمر الدفاع 28 الذي تسبب بتعطيل تنفيذ آلاف القرارات المتعلقة بحبس المدين، كما تسبب بفوضى في التحصيل والدفع والتقاضي، وأوقف العديد من الشركات عن أعمالها نتيجة غياب العقوبة وتعطل تطبيق القانون، وفي المقابل، لم تقدم الحكومة حلولاً للأزمة".

ويقدر عدد المطلوبين بأكثر من 150 ألف مدين، في حين يبلغ عدد المقترضين 1.2 مليون شخص. ووفقاً لتصنيف البنك الدولي، يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة التي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، متوقعاً أن ترتفع نسبة الفقر في المملكة إلى 27 في المائة.

وتراجعت نسبة البطالة في الأردن إلى حوالي 23 في المائة بعد أن تجاوزت 25 في المائة خلال جائحة كورونا.

وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب ضرار الحراسيس، لـ"العربي الجديد"، إن إلغاء قرار منع حبس المدين سيؤدي إلى مشكلات اجتماعية كبيرة من خلال تهديد عدد كبير جدا من المواطنين بالحبس لعدم قدرتهم على التسديد.

وأضاف أنه على افتراض إلغاء القرار، فإن سجون الحكومة لن تكون قادرة على استيعاب آلاف من المحكومين بقضايا تعثر مالي وشيكات، وبالتالي لا بد من تمديد العمل بالقرار مرة أخرى أو إتاحة المجال لإجراء تسويات بين طرفي المعادلة الدائنين والمدينين بما يضمن حق الدائنين بتحصيل أموالهم وتفادي حدوث أزمة اجتماعية بهذا الحجم.

وقال إن التعديلات القانونية ذات الصلة تتضمن مرونة في التعامل مع قضايا الدين، وخاصة في المبلغ دون 20 ألف دينار، من خلال إجراء التسويات.