وسط أزمة طاحنة في الوقود انعكست على مختلف جوانب الحياة المعيشية والخدمات العامة، يترقب اليمنيون اضطراب أسواق النفط وإمدادات القمح بقلق شديد بالنظر إلى تفاقم أزمات المحروقات وتوفير رغيف الخبز، في بلد يعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجاته من الوقود والقمح.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، مؤخرا، من انزلاق ملايين اليمنيين إلى المجاعة، حال عدم اتخاذ إجراء عاجل في البلد العربي المأزوم. وقالت المنظمة الأممية، في تغريدة، إن "الأطفال في اليمن لا يتضورون جوعاً بسبب نقص الغذاء، ولكن لأن أسرهم لا تستطيع تحمل تكاليف الطعام". وأضافت: "دون اتخاذ إجراء عاجل، يمكن أن يهوي الملايين في المجاعة. اليمن لا يحتمل الانتظار".
ويرجع الخبير الاقتصادي يوسف سعيد أحمد في حديث لـ"العربي الجديد"، ارتفاع أسعار النفط عالمياً تأثرا بما يحدث في أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذا الارتفاع سيكون له انعكاسات سلبية على الدول المستوردة وخاصة في البلدان النامية غير المنتجة للنفط.
وبما أن اليمن يعيش حرباً أهلية منذ عام 2015، يعتقد سعيد أن ذلك جعل منها مستورد صافي للنفط ومشتقاته، وتأثيراته الكبيرة على السكان. ويتوقع ارتفاع أسعار الاستهلاك بنسبة لا تقل عن 40% بالنسبة للنفط، وسط ارتفاع أسعار الحبوب ومنها القمح، إذ تستورد اليمن نحو 800 ألف طن من القمح من أوكرانيا.
كما سيؤدي ذلك وفق حديثه، الى تحريك الأسعار بمختلف الاتجاهات وسينعكس على تكاليف النقل وعلى مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية التي يدخل النفط ضمن مدخلاتها.
إضافة إلى أن ارتفاع أسعار النفط سيؤدي أيضاً إلى ارتفاع الطلب على الدولار في سوق الصرف الأجنبي وهذا يعني أن مختلف العوامل السلبية الناتجة عن ارتفاع الأسعار عالمياً، إلى جانب تدهور القوة الشرائية للعملة وارتفاع اسعار الحبوب ومنها القمح، كلها ستزيد من مستوى المجاعة في اليمن.
ويوضح الخبير الاقتصادي يوسف سعيد أحمد أن عدد الجوعى سيرتفع بالنظر إلى المتغيرات العالمية ومنها الحرب الروسية الأوكرانية وشظايا ارتداداتها التي ستصيب جميع الدول.
بدوره، يؤكد المحلل الاقتصادي جمال حسن العديني لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة اليمنية ستعمل بالتأكيد على رفع أسعار المشتقات النفطية، ما سينعكس على قيمة وتكاليف مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية، وعلى كل مناحي الحياة، مثل النقل وتوفير المياه، وايضا فواتير الكهرباء. وبخصوص الارتدادات على الموازنة العامة، يوضح العديني أن اليمن أصبحت بلا موازنة، سواء في صنعاء أو في عدن.
ويعتبر تعاقب أزمات الوقود أحد الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني. ومنذ بداية 2022، شهد اليمن زيادات متلاحقة في أسعار المشتقات النفطية في ظل تراجع كبير في المعروض واختناق تمويني في الأسواق. وتبرر السلطات زيادة الأسعار خلال فترات وجيزة بالمتغيرات الطارئة في أسواق النفط الدولية.
أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان يقول في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه طالما اليمن مستمر في استيراد معظم احتياجاته من المشتقات النفطية، لذا فإن أي ارتفاعات في أسعار الوقود في السوق العالمية سيكون لها أثر سلبي على اليمن.
ويضيف أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى تأجيج غلاء أسعار السلع والخدمات ومزيد من تأكل الدخل وتردي الأوضاع المعيشية للسكان في اليمن.
وبالفعل، عززت أزمات الوقود المتلاحقة في اليمن حالة الاضطراب الحاصلة في تكاليف المعيشية والتي زادت إلى مستويات تفوق بكثير قدرات اليمنيين على التعامل معها.
ويرى الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الزيادة الكبيرة في أسعار النفط الدولية ستكون تأثيراتها سلبية في مضاعفة معاناة اليمنيين، إذ يتوقع العوبلي أن تواصل أسعار البنزين ارتفاعها في اليمن وتوسيع ارتداداتها في أسعار الخدمات المختلفة كما هو حاصل حالياً في صنعاء وارتفاع أجور المواصلات داخل المدينة من 100 ريال إلى 200 ريال.
وكسر سائقو مركبات وباصات النقل العامة في صنعاء ثبات تسعيرة أجرة المواصلات لباصات النقل داخل المدينة منذ العام الثاني للحرب الدائرة في اليمن قبل أكثر من سبع سنوات، فيما تتجاوز أجرة الرحلة الواحدة بالتاكسي 3000 ريال لمسافة لا تتعدى 3 كيلومترات.