وسط جدل سياسي محتدم بشأن تمرير الموازنة المالية للعراق للعام 2021، والتي تعد من أعقد الملفات التي تحاول الحكومة تمريرها، في ظل أزمة مالية خانقة تمر بها البلاد، يعتزم مجلس الوزراء العراقي عقد جلسة طارئة، اليوم السبت، للخروج من إشكاليات إنجاز الملف، بينما أعلنت قوى سياسية مواقف رافضة لتمريرها.
وعلى الرغم من تكتم مجلس الوزراء على نسخة الموازنة التي ما زالت داخل المجلس، إلا أنه تم تسريبها إلى الإعلام، ما أثار لغطاً بين القوى السياسية، التي أعلنت مواقف متشنجة إزاءها.
وتضمن قانون الموازنة البالغة 150 تريليون دينار (الدولار يساوي 1320 دينارا) وهو الأعلى في البلاد منذ عام 2003، عجزاً بقيمة 58 تريليون دينار عراقي وبسعر برميل نفط بلغ 42 دولاراً، مع تضمين فقرة تقليل سعر صرف الدينار إلى 1450 دينارا للدولار الواحد بغية تقليل العجز بين الواردات والإنفاق المحلي، فضلاً عن قرارات تتعلق بمرتبات الموظفين وإيقاف العلاوات وتخفيض قسم منها.
ووفقاً لمسؤل حكومي، فإنّ "مجلس الوزراء يعتزم عقد جلسة طارئة اليوم لبحث ملف الموازنة، ومحاولة إنجازها قبل نهاية الأسبوع الجاري"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "المجلس وجه وزارة المالية بضرورة العمل على الفقرات المختلف بشأنها والسعي لتكييفها وفقا لما يتماشى مع الوضع الحالي".
وأشار المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أنّ "عدداً من فقرات الموازنة تحتاج إلى تعديل، بعضها يتعلق برواتب الموظفين، ورواتب الإقليم، وملف الدرجات الوظيفية وغيرها من النقاط الجدلية".
وفي حال أنجز مجلس الوزراء الموازنة، فإنها سترسل إلى البرلمان لتمريرها، إلا أن قوى سياسية أعلنت موقفاً رافضاً لها.
وأبدى "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، موقفاً واضحاً من الموازنة، معلناً رفضه التصويت عليها بشكلها الحالي.
وقال النائب عن الائتلاف، منصور البعيجي، في بيان: "في حال إرسال قانون الموازنة بصيغته المسربة، فإننا لن نمررها داخل البرلمان، ولن نكون سبباً في معاقبة أبناء شعبنا بهذه الطريقة الكارثية تحت مسمى إصلاح الاقتصاد، أو أي مسمى آخر"، مؤكداً أنّ "الوضع الحالي في البلد لا يتحمل إجراءات كهذه، خصوصاً أنّ أبناء شعبنا ينتظرون الكثير من الحكومة في موازنة العام المقبل".
وحذّر من "انهيار الوضع العام في البلد، ما يحتم على الحكومة أن تراجع نفسها وتقوم بإجرات أكثر جدية، خصوصاً في موازنة العام المقبل قبل أن تقوم بإرسالها الى البرلمان بصيغتها المسربة، لأننا لن نمرر موازنة العام المقبل بهذه الصيغة، ولن نقف ضد أبناء شعبنا، مهما كان السبب".
بدوره أكد النائب عن "تيار الحكمة"، علي البديري، صعوبة تمرير الموازنة في ظل الجدل الحالي، بسبب الخلافات السياسية بشأنها، وهيمنة القوى على السلطة التشريعية.
وقال البديري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تمرير الموازنة مرهون بإرادات القوى السياسية، إذ إنّ الموازنة مرتبطة بالكتل السياسة، وأن هذه الكتل كل منها له إرادة وأجندة خاصة تختلف عن الأخرى، وأن أي قرار في البرلمان لتمريرها، لا يمكن أن يمرر إلا بعد الحصول الأغلبية لتمريره، ما يدفع باتجاه اجماع القوى السياسية واتفاقها بشأن أي قانون أو قرار يحتاج الى تمرير برلماني".
وأكد أنّ "الأغلبية والتوافقات السياسية لا تصب بمصلحة البلاد، بل تتم وفق رغبات حزبية ورغبات شخصية، وبالتالي فالقرار لن يكون مبنياً على مصلحة الشعب، كما أن الموزنة لم تبن على جدوى اقتصادية، بقدر ما تراعى بها رغبات القوى السياسية".
وشدد البديري على أنه "لا يمكن أي جهة أن تبعد التأثير الشخصي والحزبي على الموازنة، فالإرادات تجرد الموازنة من أي خدمة للبلد"، مؤكداً "استحالة تمرير الموازنة من دون توافقها مع ما تريده القوى السياسية من أجندات".
"تحالف القوى العراقية" بدوره عدّ موازنة العام المقبل من أصعب الموازنات في البلاد بعد العام 2003.
وقال النائب عن التحالف، مضر الكروي، إنّ "موازنة العام 2021 وبعد ما كشف من نقاطها، ستكون الأصعب بين موازنات البلد"، مؤكداً، في تصريح صحافي، أنه "لا يمكن تمرير الموازنة بفقراتها التي تتعلق بخفض في رواتب الموظفين، ورفع سعر صرف الدولار، وغيرها من النقاط الجدلية الأخرى".
وشدد على "ضرورة أن "تكون للحكومة إجراءات لمكافحة الفساد في المنافذ، واسترداد الأموال المنهوبة، وتصحيح الجباية، وتقليل نفقات الوزارات والهيئات، لأجل إسعاف الموازنة".
وتحاول الحكومة تمرير الموازنة، لأجل الخروج من حرج الأزمة المالية، من خلال توفير الرواتب والتوجه نحو الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإنجاز المهام المنوطة بالمؤسسات الحكومية.