جايبور الهندية.. مدينة سياحة الفن والعمارة التقليدية

27 يونيو 2023
من الأنشطة السياحية التقليدية في المدينة الهندية السياحية الشهيرة (Getty)
+ الخط -

مدينة وردية

رغم أن الهند من الدول ذات السحر الخلاب، إن بطبيعتها أو جغرافيتها واحتوائها على العديد من الأماكن التراثية، فإنها تتميز أيضا باختلاف طرق هندستها المعمارية والتي باتت مقصدا للعديد من السياح الأجانب.

وتُعد مدينة جايبور التي لا تبعد عن جنوب شرقي مدينة دلهي أكثر من ساعة، منطقة فريدة بسبب أسلوبها المعماري.

وتتميز المدينة التي تأسست في عام 1721 بتفاصيلها الدقيقة التي وُضعت قبل أن تبدأ عملية البناء، إذ كان الأمير مهراجا ساوايجيا سينغ الثاني، مؤسس جايبور، شغوفا بعلم الفلك والحسابات والعلوم، ويريد للمدينة أن تكون "آمنة ومزدهرة".

وقد حاول سينغ على مر السنوات، جعل المدينة لؤلؤة مختلفة، وتحديدا في مجال الهندسة المعمارية.

ولذا من أجل تطوير فكرة البناء، قرر دراسة مخطوطات المدن الأوروبية، كما استدعى المهندس المعماري الشهير آنذاك، فيديادار بهاتشاريا، لتطوير مخطط لجايبور، والاستناد على تصميم شبكي اتباعاً لقاعدة "فاستو شاسترا" الهندوسية القديمة للهندسة.

هذه الخلفية التاريخية للمدينة، تشجع الكثير من محبي الهندسة والفن على زيارتها، فما رأيكم في التعرف على عجائبها ومقتنياتها الثمينة.

الصورة
1237435234
(Getty)

"هوا محل"

يُعد قصر "هوا محل" من العجائب التي تتميّز بها المدينة. ويبدو المبنى المكون من 5 طبقات وكأنه خلية نحل، ودائما ما يكون الجو عاصفا من الداخل بسبب النوافذ العديدة.

وهذه التهوية المذهلة التي يتمتع بها القصر هي سبب تسميته بـ"هوا محل" والتي تُترجم حرفيا إلى "قصر الرياح".

ويُعتبر "هوا محل" هيكلا مهيبا، حيث ترتفع أهراماته المتدرجة بطبقاتها الخمس إلى نحو 87 قدما، تتخلله 953 نافذة مزخرفة. لكن قلة من الناس يدركون أن ما تراه من الشارع هو في الأساس الجزء الخلفي من المبنى.

ويقول المرشد السياحي سانجاي شارما لشبكة "سي أن أن" الأميركية إن "هوا محل" يُعد الوجهة الرئيسية للزوار، إذ يستقطب الملايين من السياح سنويا.

أما الغرض الأساسي من المبنى فكان السماح للسيدات الملكيات بالاستمتاع بمشاهد الشوارع اليومية والمواكب من دون أن يراهم أحد، لأنه كان من المحرّمات رؤية الملكات والسيدات من الطبقات الاجتماعية المرموقة، وكان يُطلب منهن تغطية أنفسهن والبقاء بمعزل عن الشعب.

الصورة
1236302094
(Getty)

مدينة مستدامة

في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول إلى تطوير بنيتها التحتية لتصبح أكثر استدامة وتكون ملائمة للتغيرات الحاصلة في المناخ، سعت الهند إلى إطلاق برامجها الخاصة بتطوير المدن الذكية وجعلها صديقة للبيئة.

ففي عام 2015، أطلقت الهند خطة طموحة باسم "المهمة الوطنية للمدن الذكية" بهدف تحويل 100 مركز حضري إلى أماكن أكثر ملاءمة للعيش واستدامة من خلال حلول مبتكرة وشاملة.

ومن بين 100 مدينة مختارة كانت جايبور، وهي عاصمة ولاية راجاستان الصحراوية الشمالية الغربية. وبينما كان مفهوم مشروع المدينة الذكية يهدف إلى تحديث الهند، يجادل المؤرخون بأن أوراق اعتماد جايبور "الذكية" كانت متقدمة على هذه الخطط.

وتشتهر المدينة بمبانيها التاريخية الوردية المشيّدة باستخدام أدوات صديقة للبيئة، وكانت أول "مدينة مخططة" للملك ساواي جاي سينغ، عالم الفلك الذي استخدم مواقع الكواكب دليلا عند اتخاذ قرار بشأن اتجاه ومواقع الهياكل وعمليات تشييد البيوت والقصور.

الصورة
1337887129
(Getty)

قصور وساحات

تمتاز هذه المدينة الوردية، كما هي ملقبة، بكثرة القصور والساحات العامة، على الطراز الأوروبي القديم. ويشكل قصر العنبر، على مسافة نحو 11 كيلومترا من وسط جايبور، نموذجا رائعا في التشييد والبناء.

أصبحت المدينة واحدة من أهم مواقع التراث العالمي لليونسكو. ويقع القصر في تلال صخرية، وهو عبارة عن مزيج جميل من أنماط ثقافة الهندوس والمغول.

راجا مان سينغ الأول بدأ البناء في عام 1592 وتم إنجاز القصر الذي بُني كملاذ آمن قوي ضد الأعداء المهاجمين، من قبل ميرجا راجا جاي سينغ. والتناقض بين المظهر الخارجي القاسي والداخل الجذاب لا يمكن أن يكون أكثر إثارة للدهشة، فالقصر مصنوع بالكامل من الحجر الرملي الأحمر والرخام الأبيض، مما يجعل الزوار مفتونين بروعة القصر الذي يستخدم المنحوتات والأحجار الكريمة والمرايا.

أضف إلى ذلك، يتميز قصر المدينة المصمم بمزيج جميل من العمارة الهندية التقليدية، وهو لا يزال موطناً لآخر عائلة ملكية حاكمة تعيش في قسم خاص من القصر.

ويضم مجمع قصر المدينة مبارك محل (قصر الاستقبال) وقصر المهاراني (قصر الملكة). كما يضم العديد من المتاحف التي تقدم صورة واضحة عن تقاليد المدينة وتراثها.

الصورة
1234045988
(Getty)

مراكز التسوّق

تدور قصة جايبور حول كرم الضيافة الأميرية التي تشكل جزءا من تراث المدينة، وهذا السبب جعلها أيضا مركزا مهما للتسوّق، لأن السكان المحليين يسعون إلى تقديم جزء من ثقافتهم من خلال البضائع محلية الصنع، وفي مقدمتها الثياب والتوابل (البهارات).

وثمة الكثير من الأماكن الرائعة التي يمكنك زيارتها في جايبور للتسوّق، وبعضها أماكن تسوق رخيصة تمنحكم صفقات لا تصدق على مشترياتكم.

تتميز المدينة بطابعها التقليدي، ولذا فإن أفضل الصفقات تنسحب على الحرف اليدوية والفساتين المطرزة. ولتلبية الشغف بالتسوّق، يمكنكم استئجار عربة أو دراجة هوائية، من أجل التسوّق بحرية في أي سوق من الأسواق الستة الأكثر شهرة في جايبور، وفي مقدمتها سوق "جوهاري بازار" و"تريبوليا" و"كيشانبول" و"شاندبول" و"نهرو بازار" و"بابو بازار".

الصورة
1236302004
(Getty)
المساهمون