أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، اليوم الثلاثاء، رئيس لجنة الصلح الجزائي، مكرم بنمنا، بعد أيام من زيارة أداها سعيد لمقر اللجنة انتقد خلالها طول إجراءات النظر في ملفات الصلح مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد.
وصدر قرار إقالة بنمنا بالجريدة الرسمية من دون ذكر الأسباب أو تعيين خلف.
والخميس الماضي زار الرئيس سعيّد مقر لجنة الصلح الجزائي، ووجه انتقادات لـ"تراخي لجنة الصلح الجزائي مع الفاسدين"، قائلاً إنّ "الأموال التي اعتُرِف بنهبها من الفاسدين بلغت 13.5 مليار دينار، ويجب استرجاعها".
وقال سعيّد: "نحن في سباق لاسترجاع أموال الشعب المنهوبة من الفاسدين، ورغم صدور المرسوم المنظّم لعمل لجنة الصلح الجزائي، لا شيء يذكر قد تحقق"، وفق فيديو نشرته الرئاسة التونسية.
وأضاف: "الأموال التي اعتُرِف بنهبها من الشعب التونسي في تقرير المرحوم عبد الفتاح عمر، هي في حدود 13.5 مليار دينار (4.35 مليارات دولار)".
وتابع سعيّد أن "المدة الأولى المحدّدة لإنجاز عمل اللجنة 6 أشهر قد انتهت، ودخلنا المدة الثانية ولم يُنجَز شيء. من قام بهذا العمل يتحمّل مسؤوليته".
وعام 2011 أحصت لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد نحو 460 ملفاً لأشخاص حققوا منافع غير قانونية بسبب قربهم من نظام بن علي.
وفي مارس/ آذار 2022، أعلن سعيّد طرح مرسوم يتعلق بالصلح الجزائي مع رجال الأعمال "حتى يسترد الشعب أمواله المنهوبة"، مؤكداً أنه "إجراء قانوني معروف وعوض الزج بالمتهم في السجن، يدفع الأموال التي تمتع بها بشكل غير مشروع إلى الشعب".
ثم تلا الإعلان الرسمي صدور المرسوم الخاص بالعفو الذي تضمن أحكاماً تتعلق بكيفية تطبيق الصلح والأشخاص الواقعين تحت طائلة المرسوم إلى جانب ضبط طرق التصرف في الأموال المزمع استعادتها.
ويهدف الصلح الجزائي، بحسب نص المرسوم الرئاسي، إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات ناتجة منها قُدِّمَت أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسساتها أو أي جهة أخرى، وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة.
وتشمل أحكام مرسوم الصلح الجزائي كل شخص مادي أو معنوي صدر في شأنه أو في شأن من يمثله حكم أو أحكام جزائية، أو كان محل محاكمة جزائية أو تبعات قضائية أو إدارية أو قام بأعمال كان من الواجب أن تترتب عنها جرائم اقتصادية ومالية.
وتشمل أيضاً كل شخص مادي ومعنوي لم تستكمل في شأنه إجراءات مصادرة أمواله واسترجاعها من الخارج طبق ما اقتضته أحكام مرسوم المصادرة الذي اعتُمِد في مارس/ آذار 2011 عقب الثورة، وشمل الرئيس الراحل بن علي وعائلته وعدداً من الوزراء والشخصيات المتنفذة قبل الثورة.
ويفضي الصلح الجزائي، بحسب المرسوم، إلى توحيد مسار استرجاع الأموال المنهوبة بقصد إعادة توظيفها في التنمية الوطنية والجهوية والمحلية وتحقيق المصالحة الوطنية في المجال الاقتصادي والمالي.
وشكّلت مبادرة الصلح الجزائي للرئيس قيس سعيّد إحدى أبرز الركائز التي دعا إلى تجسيمها منذ أكثر من 11 عاماً، والتي أكد أنها أولوية قصوى، وذلك في العديد من المناسبات، وخاصة إبان الحملة الانتخابية عام 2019.
وفي فبراير/ شباط الماضي، قال رئيس اللجنة الوطنية للصلح الجزائي المقال مكرم بنمنا في تصريحات إعلامية، إن "هناك بشائر طيبة ومؤشرات واعدة تتعلق بالمطالب الواردة على اللجنة وبنيات الصلح".