لا يثني شحّ السيولة والسلع التونسيين عن التمسك بعاداتهم الخاصة بشهر رمضان التي تميل فيها كفة الإنفاق لفائدة سلة الغذاء، حيث يتحوّل تأمين حاجيات الموائد الشغل الشاغل للأسر بمختلف شرائحها الاجتماعية.
ومع اقتراب شهر الصوم، يقول طارق خياري (44 عاماً)، وهو من سكان حيّ التضامن الشعبي بالعاصمة إن المنطقة بأكملها تعيش على وقع رمضان، فلا شيء يوقف الاستعداد لاستقباله.
ويُعَدّ رمضان بالنسبة إلى سكان الأحياء الشعبية أحسن أشهر السنة، مهما امتدت الأزمة وأثرت بتدابير عيش الأسر في تلك المنطقة، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".
ويؤكد المتحدث أن الأسر تجد الحلول لتأمين حاجياتها كل على طريقته، سواء باللجوء إلى الأسواق الموازية، أو بالتزود من مناطق الإنتاج مباشرة، أو حتى عبر التضامن الاجتماعي في ما بينها.
وتابع: "المهم بالنسبة إلى أغلب التونسيين أن لا ينقصهم شيء في شهر رمضان، وتكون موائدنا جاهزة كما تعودنا دائماً". ويحلّ رمضان هذا العام بينما تستمر منذ أشهر أزمة تموين خانقة، بعد أن مرت تونس بأسوأ موسم زراعي منذ عقود نتيجة الجفاف.
ويُعَدّ شهر رمضان موسم الاستهلاك الأهم في تونس، حيث ترتفع فاتورة إنفاق التونسيين على بعض السلع خلال شهر الصيام إلى ما يزيد على 1.5 مليار دينار، أي تقريباً 500 ألف دينار يومياً، وتسجل نفقات التغذية في شهر الصيام بنسبة 34 بالمائة.
في المقابل، يتراجع استهلاك الخبز المدعم ليفسح المجال أمام استهلاك أصناف الخبز غير المدعمة، وذلك وفق دراسة أعدها معهد تقييم سلوك التونسيين خلال المواسم الاستهلاكية الكبرى على غرار شهر رمضان.
ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري، إنّ الأزمة الاقتصادية وشحّ التموين لا ينالان من العادات الاستهلاكية للتونسيين الذين يبدون سنوياً مقاومة كبيرة للظروف التي تقيّد اندفاعهم المكثف نحو الأسواق.
ويؤكد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ الإقبال المكثف على مقتنيات موائد رمضان تبرز تمسك التونسيين بعادات ارتبطت بفترات الوفرة ورفضهم التحوّل نحو السلوكيات التقشفية.
ومن أجل تلبية حاجياتهم، يعتقد الخبير الاقتصادي أنّ التونسيين يضطرون إما إلى التداين وإما إلى سحب إيداعاتهم التي تسجل تراجعاً كبيراً مقابل انفلات الكتلة النقدية، وفق قوله. وأضاف: "التمسك بعادات رمضان شكل من أشكال مقاومة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية تشمل كلّ الشرائح بمن في ذلك الأكثر فقراً.
يُعَدّ شهر رمضان موسم الاستهلاك الأهم في تونس، حيث ترتفع فاتورة إنفاق التونسيين على بعض السلع خلال شهر الصيام إلى ما يزيد على 1.5 مليار دينار
وأعلنت وزارة التجارة التونسية برنامجاً استثنائياً للتزويد ومراقبة مسالك التوزيع، يشمل متابعة حركة السلع على الطرقات لمنع تهريب المواد الغذائية ومكافحة التخزين الاحتكاري، ثم المرور لاحقاً إلى متابعة انتظام التزويد ونسق الأسعار في أسواق الجملة والتجزئة.
أكد مدير المرصد الوطني للتزويد والأسعار بوزارة التجارة، رمزي الطرابلسي، لوكالة الأنباء الرسمية التونسية، أنّ الكميات الواردة على سوق الجملة من المنتجات الفلاحية هذه السنة أفضل من الكميات الواردة في السنوات السابقة، وشدد على أنّ التزود خلال شهر رمضان 2024 سيكون أفضل من سابقه، وفق الطرابلسي.
وتوقّع المسؤول استقراراً على مستوى أسعار حلويات العيد، واعتبر أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ فترة، بتجميد أسعار عدد من المواد، سيكون لها أثر إيجابي على استقرار الأسعار خلال شهر رمضان.