توقع عدد من خبراء الاقتصاد والتسويق العقاري للدعوة التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في آخر عام 2021، إلى المستثمرين العقاريين من أجل توجيه استثمار رؤوس أموالهم إلى إيداعها كمدخرات لدى القطاع المصرفي بدلاً من استثمارها في قطاعات التشييد والبناء، ألا تجد استجابة على نطاق واسع في عام 2022.
كما رجحوا أن تقتصر تلبية الدعوة على فئة قليلة من المواطنين، خاصة أن المقصود بها الأفراد الذين لا تتعدى استثماراتهم مليونَي جنيه، وليس الشركات الكبرى التي تُقدّر رساميلها بالمليارات، فيما من المعروف عادة أن ثمة صعوبة كبيرة في إقناع صغار المستثمرين بتغيير أنماط إداراتهم لمحافظهم الاستثمارية.
وفي هذا الاتجاه، يوضح خبير التخمين العقاري حسين الحمصاني أن دعوة السيسي موجهة إلى المستثمر الصغير وليس إلى عمالقة القطاع العقاري، ويعتقد أنها أتت من باب النصيحة، خاصة أن حركة المبيعات في الوقت الحالي ضعيفة، لكثرة المعروض مقابل الطلب، وهذا ما لا يتماشى مع إماكانات من يشتري شقة واحدة بغرض الاستثمار، لا سيما أن الشركات منحت العملاء المزيد من تسهيلات الدفع المغرية التي تمتد حتى 10 سنوات.
وأشار في تصريحات خاصة لجريدة "العربي الجديد" إلى أن هذا التصريح الرئاسي لن يؤثر سلباً في حجم استثمارات هذا القطاع الضخم في مصر، مؤكداً أنه لا يزال يمثل أحد الملاذات الآمنة لاستثمار الأموال، ولافتاً إلى أن الأرباح قد تتراجع فيه لبعض الوقت ظرفياً، ولكنها لن تتحول إلى الخسارة.
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد الستار، إنه لا يعتقد أن هذا التصريح سيكون له تأثير كبير على التفضيلات الاستثمارية لأصحاب رؤوس الأموال في مصر، لأن من الصعب إقناع التاجر أو المستثمر الكبير أو الصغير بتغيير أسلوب إدارة محفظته الاستثمارية أو أوعيته الادخارية.
وقال: "حتى من سيستجيب لهذه الدعوة سيكون عدد قليل جداً، خاصة أن هناك قناعة تاريخية راسخة في أذهان المصريين بأن تجارة العقارات والأراضي وكافة الأصول الثابتة، هي من أفضل خيارات الاستثمار للحفاظ على قيمة النقود".
وأشار في حديث خاص لـ"العربي الجديد" إلى أن الدولة تحتكر سوق العقارات حالياً، والدعوة إلى عدم شراء العقارات إذا ما تحققت غايتها سوف تؤدي إلى خسائر لكل من يعمل في هذا القطاع الحيوي، أكان في القطاع العام أو الخاص، مضيفاً أن "القطاع العقاري من أهم القطاعات المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي في الوقت الحاضر، إذ ارتفعت حصته هذه من حوالى 11% عام 2018، إلى نحو 20% سنة 2021، حسبما تشير التقديرات".
وكان الرئيس المصري قد دعا قبل أيام المستثمرين في القطاع العقاري إلى توجيه مدخراتهم نحو البنوك بهدف الاستفادة من فوائد أكثر نفعاً لهم من استثمارها في العقارات، بحسب اعتقاد السيسي، وذلك لوجود حجم كبير معروض من الوحدات السكنية هذه الأيام.
وقال السيسي إن "كل من معه نقود يقوم ببناء عمارة سكنية، تتكلف مليونَي جنيه، وأقول له ضع هذه الأموال في البنك فتحقق لك عوائد أفضل من حبسها في هذا الأمر غير ذي الجدوى".