توقعت بنوك استثمار وخبراء مال وبورصات أن تساهم السيولة الضخمة المتوافرة لدى المصارف التجارية وكبار المستثمرين في الولايات المتحدة واحتمال تدخل مصرف الاحتياط الفدرالي لضخ مزيد من التحفيز النقدي في ارتفاع حجم السيولة في السوق وإحداث انتعاش قياسي في مؤشرات وول ستريت خلال العام المقبل 2021.
في هذا الصدد، توقع مصرف "جي بي مورغان"، أكبر المصارف الأميركية، أن تشهد سوق "وول ستريت" انتعاشاً قياسياً خلال العام المقبل مستفيدة من الثقة التي سيمنحها ترخيص اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وضخ مجلس الاحتياط الفيدرالي، "البنك المركزي الأميركي" لمزيد من الدولارات الرخيصة في أسواق المال لحمايتها من الانهيار.
وقال خبير الاستثمار بالمصرف الاستثماري، نيكولاس بايغير تزوغولو في تحليل بهذا الشأن، إن مخاوف مصرف الاحتياط الفيدرالي من انهيار سوق المال ستدفعه إلى ضخ المزيد من التحفيز النقدي في السوق، خاصة في ظل الوضع السياسي الحالي الذي لا يملك فيه أي من الحزبين أغلبية في مجلس النواب الأميركي، وهو ما يعني أن الجهاز التشريعي في الحكومة، أي الكونغرس سيكون منقسماً، وبالتالي سيعرقل إجازة حزمة التحفيز المالي المقترحة.
لكن مصرف "غولدمان ساكس" توقع أن يتمكن الكونغرس الأميركي من إجازة حزمة تحفيزية لا تقل عن ترليوني دولار في حال حدوث انتقال سلس للسلطة في واشنطن في 20 يناير/ كانون الثاني حين يتم تنصيب الرئيس الجديد للولايات المتحدة جو بايدن.
ويقول بايغير تزوغولو في تحليله، "لا شيء أفضل لأسواق الأسهم الأميركية من حدوث كارثة مثل إغلاق الاقتصاد مرة أخرى"، وهو تحليل غريب ولكنه يفسره بقوله " إن إغلاق الاقتصاد مرة أخرى يعني أن مصرف الاحتياط الفيدرالي سيضطر للتدخل لإنقاذ السوق المالي الذي يعني كل شيء للاقتصاد الأميركي".
ويذكر أن حجم الصناعة المالية في أميركا يعادل نحو 6.2 من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي سيعني تركها للسقوط العمودي انهياراً كاملاً للاقتصاد الأميركي.
وتوقع التحليل أن تستفيد الأصول الخطرة خلال العام المقبل من تراكم السيولة لدى المستثمرين. وربما ستكون تلك الأصول جاذبة للاستثمارات، لأن السوق ستكون متخمة بالسيولة النقدية المتوافرة لدى المستثمرين الباحثين عن الأصول ذات العوائد المرتفعة. وسيجد المستثمرون هذا العائد في أسهم الشركات التي تعرضت لأكبر ضربة من فيروس كورونا خلال العام الجاري.
من جانبها، ترى شركة " بلوم آند ديفز" في تحليلها لمنحنيات أسواق المال، أن عدم اليقين مهم جداً لتراكم السيولة لدى المصارف والمستثمرين في الولايات المتحدة.
ويلاحظ أن عدم اليقين الذي ساد أسواق المال في العالم خلال الشهور بين مارس/ آذار وحتى نهاية يونيو/ حزيران، هو الذي رفع من تراكم السيولة لدى المصارف التجارية في الولايات المتحدة. وتشير البيانات التي نشرتها مؤسسة ضمان الإيداعات الأميركية، أن لدى المصارف التجارية الأميركية سيولة نقدية جمعتها من التحفيزات السابقة تقدر بنحو ترليوني دولار، كما أنها دخلت العام 2020 بسيولة تقدر بنحو 1.7 ترليون، وهو ما يعني أن لديها في الوقت الراهن سيولة تقدر بنحو 3.7 ترليونات دولار.وكانت البنوك الأميركية قد تراجعت عن تقديم قروض للعديد من الأعمال التجارية خلال العام الماضي، كما راجعت كذلك خطوط الائتمان وقلصت حجمها بالنسبة للشركات وأوقفت بعضها حسب تقارير سابقة.
وقال تحليل "جي بي مورغان"، "ما يهم أسواق المال منذ أكثر من عقد من الزمان هو توفر السيولة النقدية. وفي حال توافر هذه السيولة النقدية وبفائدة شبه صفرية من مصرف الاحتياط الفيدرالي والثقة في المستقبل بعد نجاح الاختبارات السريرية على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، فإن شهية المستثمرين للادخار ستتراجع، وبالتالي سترتفع مراهناتهم في أسواق الأسهم.
وحسب رويترز، ارتفع سعر صرف الدولار أمس الخميس، إذ اصطدم تفاؤل واسع النطاق بشأن لقاحات لكوفيد-19 بالمخاوف حيال ارتفاع أعداد الإصابات والمخاطر على تعاف اقتصادي عالمي هش.
ويوازن المستثمرون في صفقات العملة الأميركية خلال ما تبقى من العام بين عاملين، وهما احتمال التيسير النقدي من قبل البنك المركزي الأميركي والتحفيز المالي من قبل الحكومة الأميركية بعد يناير/ كانون الثاني، وهو ما يدفع المستثمرين لبيع الدولار بسبب زيادة الكتلة النقدية، وبين احتمال تواصل زيادة الإصابات بفيروس كورونا وعودة الاقتصادات العالمية لفترة إغلاق طويلة، وهو ما يدفع المستثمرين إلى العودة لشراء الدولار كـ "ملاذ آمن" بين العملات الرئيسية في أسواق الصرف. وكانت فترة إغلاق الاقتصادات في الربع الثاني من العام قد أحدثت نقصاً مريعا في السيولة الدولارية في الأسواق الناشئة وتحديداً السوق الآسيوي الذي استدان بكثافة.
واستقر المؤشر الذي يتتبع أداء الدولار مقابل سلة من العملات عند 92.55، قرب أضعف مستوى منذ أغسطس/آب. ولكن عموماً يتزايد الرهان في أسواق الصرف العالمية على احتمال تراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية خلال العام المقبل.