توسع حرب غزة قد تدفع أسعار النفط فوق 90 دولاراً

05 يوليو 2024
محطة وقود في شيكاغو، 11 يونيو2024 (أسكوت أولسن/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط**: تتأثر أسعار النفط بشكل كبير بالتوترات الجيوسياسية، خاصة في مناطق الإنتاج الرئيسة مثل الشرق الأوسط. الحروب والنزاعات مثل الحرب على غزة والحرب الروسية في أوكرانيا تساهم في رفع الأسعار.

- **توقعات ارتفاع الأسعار**: المحللون يتوقعون أن تصل أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل بحلول سبتمبر/أيلول المقبل إذا استمرت التوترات، مع تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر التي تساهم في رفع الأسعار.

- **الطلب الصيني**: الصين تواصل زيادة وارداتها النفطية رغم التوترات التجارية مع واشنطن، مما يعزز الطلب العالمي على النفط. يتوقع المحللون استمرار زيادة الواردات الصينية خلال الفترة المقبلة.

رغم أهمية النفط في تدوير عجلة الاقتصاد العالمي وتحقيق النمو، يظل الخام الأسود سلعة سياسية بالدرجة الأولى استخدمت بكثافة في الحروب، وبالتالي فإن أسعاره شديدة الحساسية للتوترات الجيوسياسية في مناطق الإنتاج الرئيسة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تبدو حالياً في حالة شبيهة ببرميل بارود على وشك الانفجار. ويلاحظ أن النفط كان السبب الأساسي في كسب الحلفاء الحرب العالمية الثانية، حيث كان لنفاد الوقود لدى القوات الألمانية في شمال أفريقيا دور كبير في نصرهم، كما أن الدورات التي ارتفعت فيها أسعار النفط تاريخيا، كانت دائماً مرتبطة بالحروب، بدءاً بحرب يونيو/حزيران 1967 مروراً بحرب 1973 والغزو الأميركي للعراق وحتى حرب الإبادة الحالية على غزة.

ومن هنا، فإن الهدوء الحالي في أسعار النفط لم يكن طبيعياً وسط الاضطرابات الجيوسياسية وحرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة والأراضي المحتلة والحرب الروسية في أوكرانيا. ورغم أن الولايات المتحدة نجحت حتى الآن في خفض الأسعار عبر الضخ المستمر للاحتياط الاستراتيجي في الأسواق وزيادة إنتاج النفط الصخري إلى أكثر من 13 مليون برميل يومياً، فإن التوقعات تشير إلى أن أسعار النفط تتجه للارتفاع فوق 90 دولاراً خلال الشهور المقبلة.

وحسب بيانات وكالة بلومبيرغ، تحركت أسعار النفط هذا الأسبوع نحو 90 دولاراً، حيث بلغ سعر خام برنت لعقود أغسطس/آب 86.96 دولارا، بينما بلغت أسعار خام غرب تكساس 83.46 دولارا لنفس العقود في جلسة الظهيرة في بورصة لندن للبترول أمس الخميس.

على صعيد الحرب على غزة واحتمال توسعها، يرى محللون أنه إذا نفذت إسرائيل تهديدها بغزو لبنان، فإن ذلك ربما يجر كلا من واشنطن وموسكو إلى مواجهة عسكرية في الشرق الأوسط. ويقول تحليل في نشرة "أويل برايس"، تخشى واشنطن إذا غزت إسرائيل لبنان أن يؤدي ذلك إلى تسريع التحالف الروسي الإيراني، مع وجود التهديد الحوثي للملاحة في البحر الأحمر.

وعلى الرغم من أن كلاً من لبنان وإسرائيل والدول القريبة من الدولتين ليست لاعبة رئيسة في إنتاج النفط أو حتى استهلاكه، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حريص على جر واشنطن إلى حرب ضد إيران التي يدعي أن برنامجها النووي يهدد وجود إسرائيل، كما أن الصين تتخوف من قطع إمداداتها البترولية في حال دخول طهران الحرب ضد إسرائيل، حيث إن مضيق هرمز يعد أهم ممرات الناقلات البترولية لتزويد الصين باحتياجاتها البترولية. ويمر عبر الممر نحو 17.5 مليون برميل يومياً.

في هذا الشأن، قال كلاوديو جاليمبيرتي، نائب الرئيس الأول في شركة رايستاد إنيرجي النرويجية لأبحاث الطاقة في إبريل/ نيسان الماضي عن الاتجاه التصاعدي لأسعار النفط: "هناك الكثير من الأسباب الجيوسياسية التي تدعو للقلق بشأن مخاطر العرض من الخامات البترولية". وأضاف، "لذلك، أود أن أقول إن أسعار النفط التي تجاوزت ثلاثة أرقام في الماضي ليست بعيدة عن هذا الحد في هذه المرحلة في حال تطورت الحرب الإسرائيلية واتسعت لتشمل غزو لبنان. وهذا هو المكان الذي يمكن أن تصل إليه في الشهور المقبلة".

من جانبه، قال جيم بوركهارد، نائب الرئيس ورئيس أبحاث أسواق النفط والطاقة والتنقل في مؤسسة "ستاندرد أند بورز كوميديتي إنسايت" لأبحاث الطاقة، إن احتمال المواجهة المباشرة بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، كان مصدر الخوف دائمًا لأسواق النفط منذ السابع من أكتوبر الماضي". وقال بوركهارد في تعليقات أول أمس الأربعاء، إن الصراع في الشرق الأوسط لم يكن له تأثير يذكر على إمدادات النفط حتى الآن، لكن الأسواق ستكون على حافة الهاوية حتى ترى كيف ستتطور المواجهة بين إسرائيل وإيران".

على صعيد العامل الجيوسياسي الثاني الذي سيساهم في ارتفاع أسعار النفط، فهو الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ إن روسيا منتج رئيس للنفط. ويرى محللون أنه في اللحظة التي يحتمل أن تقرر فيها موسكو خفض 500 ألف أو مليون برميل يوميًا مؤقتًا فإن أسعار النفط قد ترتفع بمستويات تراوح بين خمسة وعشرة دولارات للبرميل". وحسب المحللة البترولية بمصرف جي بي مورغان، فإن روسيا قالت إنها ستزيد من خفض إنتاجها لدفع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل.

ووفق تقرير بنشرة "أويل إنتليجنس" أول أمس الأربعاء، من المفترض أن تخفض روسيا إنتاج النفط الخام بما يتماشى مع حصتها الجديدة في أوبك بلس. ووعدت موسكو بمزيد من التخفيضات للتعويض عن تجاوز الحصص في إبريل/ نيسان ومايو/ أيار. وهو التعهد الذي، إذا تم الوفاء به، سيفرض تخفيضات إضافية خلال العام الجاري، حسب "أويل إنتليجنس". في ذات الصدد، لاحظ الخبير النفطي ستانلي ريد في تحليل سابق بصحيفة" نيويورك تايمز "أن روسيا في وضع مريح ومتقدم في الحرب الأوكرانية، وبالتالي يمكنها بسهولة التضحية بكميات من الصادرات النفطية لرفع أسعار النفط في سبيل الضغط على أوروبا وواشنطن التي ترتعب حالياً من عودة التضخم للارتفاع.

وقال الخبير النفطي ريد في تحليله، إن أسعار النفط ارتفعت خلال مارس/آذار الماضي مدفوعة بالمخاوف بشأن الإمدادات والمخاطر الجيوسياسية، بما في ذلك الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط. ويقول المحللون إن الزخم قد يدفع الأسعار النفطية إلى الارتفاع. وارتفع سعر برميل خام برنت، وهو المعيار الدولي، أكثر من 20% منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول وحتى إبريل/ نيسان الماضي. ويضاف إلى هذه العوامل صواريخ الحوثي ومسيراته التي تهدد ملاحة التجارة والسفن النفطية التي تمر عبر البحر الأحمر. وهذا العامل يرفع أسعار النفط بين الفينة والأخرى مع كل هجوم كما يرفع أسعار التأمين على السفن.

أما على صعيد الطلب الصيني، فقد لاحظ محللون أن الصين رفعت وارداتها من النفط حتى في فترة تراجع النمو الاقتصادي. ويتوقع محللون أن تواصل بكين زيادة وارداتها النفطية خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن التوتر التجاري مع واشنطن يتزايد وسط احتمال وصول دونالد ترامب للحكم في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. ومعروف عن ترامب سياسته الحمائية وأميركا أولاً وهي سياسة ترفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية المصدرة للسوق الأميركي. وبالتالي من المتوقع أن ترفع الصين من صادراتها النفطية خلال الشهور المقبلة لزيادة احتياطاتها البترولية تحسباً لتطورات التوتر مع واشنطن بخصوص التجارة وجزيرة تايوان أو احتمال إغلاق مضيق هرمز.

وتقدر فورتيكسا مستويات الاحتياط النفطي الاستراتيجي للصين بنحو 290 مليون برميل حالياً. وبالمقارنة، يبلغ احتياطي النفط الاستراتيجي الأميركي 372 مليون برميل اعتبارًا من أواخر يونيو/ حزيران، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

على صعيد معادلة العرض والطلب، في يونيو/ حزيران، من المؤكد أن المحلل يشير إلى أن القدرة الاحتياطية الوفيرة، أو القدرة على ضخ المزيد من النفط في الشرق الأوسط، يمكن أن تساعد في السيطرة على الأسعار. إذ في الشهر الماضي، قالت روسيا إنها ستزيد من خفض إنتاجها، مما دفع ناتاشا كانيفا المحللة في مصرف جيه بي مورغان الأميركي إلى التفكير في وصول سعر خام برنت إلى 100 دولار للبرميل بحلول شهر سبتمبر المقبل.

وعلى الرغم من التقارير الكثيرة عن أزمة الاقتصاد الصيني، وجد تقرير توقعات كبار الاقتصاديين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في مايو 2024، وهو استطلاع لكبار الاقتصاديين حول العالم، أن المحللين يتوقعون على نطاق واسع مزيدًا من النمو في الصين. ومن بين الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع في التقرير، قال ما يقرب من 75% إنهم يتوقعون نمواً معتدلاً في الصين. ويمثل هذا الرقم زيادة 69% عن توقعاتهم في يناير الماضي، وبالتالي فإن الطلب الصيني على النفط من غير المتوقع أن يتراجع خلال الشهور المقبلة، إذا تحققت توقعات استطلاع المنتدى.