يتجمع الفلسطينيون في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري على شكل تجمعات داخل المنازل في ظل حالة التدمير التي طاولت عدة أحياء جراء القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي للبيوت، في إطار العدوان الذي يشنه منذ أكثر من أسبوع.
ويعيش السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ظروفًا هي الأقسى منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع قبل 17 عامًا نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والتي شملت إغلاق المعابر الحدودية ومنع إدخال السلع الأساسية والتيار الكهربائي والمياه والوقود.
وعمد الاحتلال إلى قصف البوابة الجنوبية التي تربط القطاع بالأراضي المصرية من خلال استهداف بوابة صلاح الدين وعرقل فتح معبر رفح في أكثر من مرة وهدد السلطات المصرية بقصف المعبر كليًا حال تم فتحه أو تم نقل أي من البضائع والاحتياجات للقطاع.
ودفع النقص الشديد في الإمكانات بالعائلات للتجمع داخل المنازل والأحياء التي بقيت صامدة بعد أن دمرت آلاف الشقق السكنية والوحدات خلال الأيام القليلة الماضية، وبات هناك عجز في توفير البدائل في ظل نزوح أكثر من نصف مليون نسمة من منازلهم.
وينطبق هذا الحال على الفلسطيني عبد الرؤوف جهاد الذي تجمع رفقة عائلته الممتدة المكونة من 30 فردًا داخل أحد المنازل التابعة للعائلة لتقاسم الطعام والشراب وما تبقى من موارد تمكنهم من الصمود لأطول فترة ممكنة في ضوء استمرار العدوان الإسرائيلي.
ويقول جهاد لـ "العربي الجديد" إن المنزل تحول إلى تجمع عائلي كبير في ضوء العدوان الإسرائيلي غير المسبوق مقارنة بالحروب الإسرائيلية السابقة التي تعرض لها القطاع على مدار السنوات 2009 و2012 و2014 و2021 فضلاً عن جولات التصعيد التي عايشها القطاع.
ويشير إلى أن هناك نقصا كبيرا في المياه والأغذية وهو ما يضطرهم للبحث عنها في التجمعات العامة أو المساجد القريبة من الحي السكني الذي يقطن فيه لتلبية احتياجات العائلة وأفرادها من النساء والأطفال وكبار السن، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
ويطالب الفلسطيني بتدخل أممي ودولي يوفر الاحتياجات الأساسية للعائلات الفلسطينية ويساهم في فتح ممر آمن يتم من خلاله إدخال المساعدات الغذائية ويعيد تشغيل محطة توليد الكهرباء ويسمح بضخ المياه عبر الشبكات المختلفة بما يضمن وصولها للسكان.
في الوقت ذاته فقد أقدمت بعض المخابز والمطاعم الشعبية على تقديم مجموعة من المساعدات للنازحين من منازلهم على شكل وجبات طعام، في إطار التكافل الاجتماعي الذي ارتفعت وتيرته منذ بداية الحرب الأخيرة.
ويؤكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف لـ "العربي الجديد" أن الاحتلال عمد إلى استهداف المدنيين من خلال القصف المركز اليومي فضلاً عن التخطيط لنقلهم من مكان لآخر عبر إعلانات ورسالة وتسجيلات يقوم ببثها هدفها إرباك الجبهة الداخلية.
ويقول معروف إن هناك نقصا شديدا على صعيد المياه في ظل انقطاع التيار الكهربائي بفعل توقف محطة التوليد الوحيدة وقطع الخطوط الكهربائية الواردة من الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب إغلاق المعابر ومنع إخال الشاحنات والأغذية للقطاع.
ويلفت رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن ما يحصل حالياً هو جريمة حرب تخالف كل الاتفاقيات والقوانين الدولية التي كفلت حقوق المدنيين خلال الحروب أو التصعيد، فضلاً عن حالة الانحياز الواضحة من قبل المجتمع الدولي مع الاحتلال وتحديدًا الإدارة الأميركية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الاثنين: "لقد أصدرت الأمر بفرض حصار كامل على قطاع غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا غاز، كل شيء مغلق، نحن نقاتل حيوانات بشرية". ولاقى هذا التصريح تنديدات من المنظمات الحقوقية، ووصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بـ"المقزز، وهو دعوة لارتكاب جرائم حرب". ولا يجد معظم سكان قطاع غزة الطعام، وتنقطع عنهم الكهرباء والمياه ومع سقوط مئات الصواريخ الإسرائيلية على مناطقهم الصغيرة، حيث لم يعد لديهم مكان يفرون إليه.
وتوقفت محطة الكهرباء الوحيدة في غزة، والتي كانت تعمل بشكل متقطع لعدة أيام، الأربعاء، بعد نفاد الوقود. وبدون كهرباء، لا يمكن ضخ المياه إلى المنازل. ويعاني قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 من أزمة كهرباء مستمرة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتكرر على محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.
ومنذ يوم السبت، أغلقت إسرائيل كافة المعابر مع قطاع غزة في الاتجاهين. وتفرض إسرائيل، حصاراً برياً وبحرياً وجوياً صارماً على غزة منذ ما قبل "طوفان الأقصى" لكنها اعتادت السماح ببعض المساعدات التجارية والإنسانية عبر المعبرين اللذين تسيطر عليهما هما إيرز وكرم أبو سالم، وكلاهما مغلق.
كما يدخل بعض السلع والأغذية والوقود إلى غزة من مصر عبر معبر رفح، لكن إياد البزم، المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية، قال الثلاثاء إن رفح تعرض للقصف.