تقديرات رسمية: 107.1 مليارات دولار خسائر قطاعي النفط والغاز في سورية

30 اغسطس 2022
موقد طهو للنازحين شماليّ سورية، بينما قطاع الطاقة يتكبد خسائر بمليارات الدولارات (Getty)
+ الخط -

رفعت حكومة بشار الأسد من خسائر قطاعي النفط والغاز، عن تقارير الربع الأول من العام الجاري وقت قدرتها منذ عام 2011 حتى مارس/آذار الماضي بنحو 100 مليار دولار، لتبلغ اليوم 107.1 مليارات، بحسب رسالة أرسلتها وزارة خارجية النظام أمس، إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، مطالبة بتعويض من التحالف الدولي، وتمويل مشاريع التعافي المبكر وعملية إعادة الإعمار.

وقدّرت حكومة النظام السوري الخسائر غير المباشرة، من ضياع الإنتاج السوري من النفط الخام، والغاز الطبيعي، والغاز المنزلي، والمشتقات النفطية المتنوعة، والثروات المعدنية، وذلك بسبب انخفاض الإنتاج عن المعدلات المتوقعة والمخطط لها في إطار ظروف العمل الطبيعية، بنحو 82.9 مليارات دولار.

وبالإضافة إلى ذلك، قدرت وزارة الخارجية ما أسمته سرقات النفط والغاز والثروات المعدنية في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد" الناجمة عن الاستخراج والتهريب والإتجار غير المشروع بالنفط والغاز والثروات المعدنية بنحو 18.2 مليار دولار، واحتسبت تكاليف تخريب وسرقة منشآت استخراج ونقل النفط والغاز والثروات المعدنية السورية من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة بنحو 3.2 مليارات دولار والخسائر الناجمة عن قصف قوات "التحالف الدولي" على المنشآت النفطية والغازية السورية المقدرة بنحو 2.8 مليار دولار.

وأشارت وزارة الخارجية في حكومة الأسد بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أمس، أنه وفقاً لمبادئ القانون الدولي والأمم المتحدة تتحمل حكومات الدول، التي تشارك قواتها المسلحة في صفوف "التحالف الدولي" غير الشرعي، الذي تقوده الولايات المتحدة، وتورطت في أعمال العدوان التي ارتكبها هذا التحالف، كامل المسؤوليات القانونية والأخلاقية والمالية عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاعي النفط والغاز والثروة المعدنية السورية، وبالبيئة أيضاً.

ودعت الوزارة مجلس الأمن لدراسة مضمون الرسالة والتعامل مع الوضع الإنساني والاقتصادي في الجمهورية العربية السورية بمزيد من الجدية والكفاءة، ولا سيما في ظل ما ورد في منطوق قرار مجلس الأمن رقم 2642 لعام 2022 بخصوص حتمية توسيع نطاق الأنشطة الإنسانية في سورية، بما في ذلك مشاريع الإنعاش المبكر الهادفة إلى توفير المياه وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم والمأوى والكهرباء، لاستعادة إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية.

ويتساءل الخبير النفطي، عبد القادر عبد الحميد عن سبب "تجاهل الوزارة" دور وسبب تسليم الدولة السورية لحقول النفط والغاز عام 2012 ومن ثم عام 2013، سواء لـ"القوات الكردية أو لداعش" معتبراً أن بذلك الإجراء الذي اعتمده نظام الأسد، بداية لتبديد الثروات الباطنية وتخريب الآبار شمال شرقيّ سورية.

وكانت خريطة السيطرة على مواقع إنتاج النفط والغاز بسورية، قد تبدلت لمرات عدة، منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار عام 2011، إذ سيطر الثوار على مناطق إنتاج النفط، بعد انسحاب قوات النظام السوري عام 2012 من مناطق شمال شرقيّ سورية، ليسيطر تنظيم "داعش" أواسط عام 2013 على مناطق إنتاج الطاقة، وليتقاسم لاحقاً السيطرة والإنتاج، مع "المليشيات الكردية" حتى سبتمبر/أيلول عام 2017 وقت سيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على مدن الحسكة والرقة بالكامل وشرق دير الزور، التي تضم أكبر 11 حقلاً للنفط في سورية.

وتابعت "قسد" مدعومة من الولايات المتحدة، السيطرة على معمل غاز "كونيكو"، أكبر مؤسسة لإنتاج الغاز الطبيعي في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، ومن ثم السيطرة على حقل "العمر"، أكبر حقل في سورية وبعده على حقول نفط التنك، والورد، وعفرا، وكوري، وجرنوف، وأزرق، وقهار، وشعيطاط، وغلبان شرقي دير الزور، لتبلغ نسبة سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" بحسب مركز عمران للدراسات بدمشق، على أكثر من 70% من مصادر الطاقة في سورية، بسيطرتها على نحو 1400 بئر نفطية.

وتقتصر سيطرة نظام الأسد على حقل الشاعر للنفط وحقل جحر للغاز الطبيعي في دير الزور، وعدد من الحقول الصغيرة غرب الفرات، ليصل الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام الأسد اليوم، إلى أقل من 15 ألف برميل يومياً، ويستورد من روسيا وإيران فارق الاستهلاك اليومي الذي يقدر بنحو 200 ألف برميل.

ويتساءل الخبير النفطي عبد الحميد خلال تصريحات لـ"العربي الجديد" عن سبب عدم إرسال هذه الرسالة وتوضيح كميات النفط التي تسيطر عليها "قسد" منذ عام 2017 وقت أبرم النظام مع "قوات سورية الديمقراطية" اتفاق نقل النفط الخام من الحسكة إلى مصفاة حمص، واستمر حتى قبل شهر عبر شركة القاطرجي.

وفيما لا يتنكر الخبير السوري لـ"حقوق بلاده المسروقة"، يوضّح أن النفط منذ سبعينيات القرن الماضي "لغز سوري ومورد لعائلة الأسد"، ما يعني برأيه "عودة حقوق السوريين بثرواتهم وليس النظام"، مذكراً بالاتفاقات التي وقعها نظام الأسد مع روسيا، للتنقيب والسيطرة على الحقول، والاتفاقات التي وقعها لاستثمار واستخراج الفوسفات، الذي لا يقل قيمة وأهمية عن النفط.

وكانت حكومة بشار الأسد قد أعلنت أن خسائر قطاع النفط والغاز قد تجاوزت 100 مليار دولار في قطاع النفط السوري منذ عام 2011 وحتى نهاية الربع الأول من العام الجاري.

وكشفت وزارة النفط والثروة المعدنية بدمشق أن إنتاج النفط خلال العام الماضي بلغ حوالى 31.4 مليون برميل بمتوسط إنتاج يومي 85.9 ألف برميل، يصل منها إلى مناطق سيطرة النظام السوري 16 ألف برميل يومياً، فيما اتهمت وزارة النفط القوات الأميركية و"قسد" بالاستحواذ على 70 ألف برميل بشكل يومي من حقول المنطقة الشرقية.

كذلك أعلنت وزارة النفط أنّ إنتاج الغاز الطبيعي في سورية بلغ حوالى 4.5 مليارات متر مكعب بمعدل إنتاج يومي بلغ 12.5 مليون متر مكعب (منه 12 مليون متر مكعب يومياً من الغاز النظيف).

ويذكر أن إنتاج سورية المعلن من النفط بلغ حتى عام 2011 نحو 380 ألف برميل يومياً، ولا يزيد الاستهلاك المحلي على 200 ألف برميل، لتصل الصادرات إلى أكثر من 180 ألف برميل نفط خام، ما يوصل مساهمة النفط بنحو 40% من عائدات التصدير، ونحو 24% من الناتج الإجمالي لسورية، و25% من عائدات الموازنة السورية، قبل أن تتحول سورية إلى مستورد بفاتورة سنوية قدرها سابقاً رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس بنحو 2.4 مليار دولار سنوياً.

المساهمون