تفاؤل اقتصادي في تركيا: توقعات متزايدة بتراجع التضخم وثبات سعر صرف الليرة

22 يوليو 2024
تسعى الحكومة التركية إلى ثبات سعر صرف الليرة / إسطنبول 5 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحسن المؤشرات الاقتصادية في تركيا**: شهدت تركيا تحسناً في نسبة التضخم واستقراراً في سعر صرف الليرة التركية، حيث خفض البنك المركزي توقعاته لمعدل التضخم وسعر صرف الدولار.

- **رفع التصنيف الائتماني وزيادة الاستثمارات**: رفعت وكالة موديز التصنيف الائتماني لتركيا، وزادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 3.8 مليارات دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام.

- **السياسات النقدية والمالية المستدامة**: أكد مسؤولون أتراك على استمرار سياسة التشديد النقدي وتطوير منظومة الضرائب لتحقيق نمو مستدام، مع تسجيل احتياطيات البنك المركزي رقماً قياسياً.

يسود التفاؤل في تركيا لبدء حصاد ثمار الخطة الاقتصادية التي أعلنها وزير المال والخزانة محمد شيمشك، بعد ملامح التبدل بنسبة التضخم وثبات، إن لم نقل تحسن، سعر صرف الليرة التركية المتأرجحة منذ أشهر، بين 32 و33 ليرة للدولار الواحد. وأعلن البنك المركزي التركي عن تحديث توقعاته الاقتصادية للعام الجاري، حيث خفض التوقعات الخاصة بمعدل التضخم من 43.52% إلى 42.95%. كما قام بتقليص تقديراته لسعر صرف الدولار بنهاية العام، من 37.75 إلى 37.37 ليرة مقابل الدولار. 

وتعكس هذه التعديلات التوجهات الحالية في السياسة النقدية والاقتصادية للبنك المركزي، والتي تهدف إلى التعامل مع التحديات الاقتصادية وتحسين الاستقرار المالي في البلاد. سواء من خلال تثبيت سعر الفائدة عند 50% منذ ثلاث جلسات، أو ربما رفع الفائدة قليلاً لضمان ثبات سعر الصرف، كما يرى محللون اقتصاديون، ويأتي هذا التحديث في سياق متابعة الأداء الاقتصادي وتقييم تأثير السياسات النقدية بالمؤشرات الاقتصادية الرئيسية. 

وزاد التفاؤل بعد رفع تصنيف تركيا الائتماني عقب زيادة تدفق الاستثمارات، ليكون الفيصل برأي الاقتصادي خليل أوزون في "نسبة التضخم وتحسين سعر الصرف"، معتبراً خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن "نجاعة أي خطة اقتصادية تأتي من خلال تحسين مستوى المعيشة ورفاهية المستهلك، وكل الذي يجري حتى الآن، لا يدلل على نتائج إيجابية لخطة الحكومة الاقتصادية". وفي حين يشير أوزون لـ"ضرورة تحسين مستوى معيشة الأتراك بعد غلاء الأسعار، يحذر من اللجوء إلى زيادة الأجور أو العودة لطرق الدعم المالي المباشر"، لأن ذلك برأيه، "سيؤثر سلباً في سعر صرف الليرة ويعيد التضخم إلى نسبة مرتفعة، بعد التحسن الطفيف الشهر الماضي".  

وكان مسؤولون اقتصاديون أتراك قد أكدوا أن التضخم في بلادهم على وشك الدخول في فترة تراجع مستدامة، مشيرين خلال لقاء جمع صناع السياسات الاقتصادية في تركيا، مع مستثمرين أجانب ومسؤولين تنفيذيين في شركات وبنوك تركية، ضمن فعالية استضافها بنك جيه.بي.مورغان في إسطنبول أخيراً، إلى أن نتائج الخطة الاقتصادية بدأت تظهر، ولو ببطء على المؤشرات الاقتصادية جراء الجهود المستمرة منذ نحو عام، للسيطرة على التضخم عبر تشديد السياستين المالية والنقدية. 

وقال محافظ البنك المركزي فاتح قره خان في الفعالية ذاتها، إن "سياسة التشديد النقدي التي ينتهجها البنك ستستمر، لأن تركيا على وشك الدخول في فترة تراجع مستدامة للأسعار". كما نقلت مصادر إعلامية عن لقاء صناع السياسة الاقتصادية بالمستثمرين، أن وزير المالية محمد شيمشك تحدث عن "خطوات لتطوير منظومة تحصيل الضرائب، ومراجعة الإنفاق في إطار تحول هيكلي نحو نمو أكثر توازناً واستدامة". 

ويشير الاقتصادي التركي أوزون إلى أن "تراجع التضخم من 75% إلى نحو 72% تبدل مهم بعد سلسلة تعاظم التضخم التي أكلت زيادتي الأجور العام الماضي، معتبراً تثبيت سعر الفائدة عند 50%، بعد رفعه المتتالي، من 8.5% منذ يونيو/ حزيران العام الماضي، بداية لدخول الاقتصاد التركي مرحلة جديدة، بعد التشدد النقدي، وتراجع المؤشرات الاقتصادية، من سعر صرف وتضخم، وحتى نسبة نمو الناتج الإجمالي عن التوقعات".

وبالإضافة للإجراءات الداخلية التي تنفذها الحكومة، يرى المحلل التركي أن "الارتياح وتغيير النظرة الخارجية، سواء من مؤسسات أو مستثمرين، ساعد بالتبدل وربما تزيد آثار الثقة من قدوم الأموال وتحسن سعر الصرف والتضخم، مشيراً بشكل أساسي، إلى رفع تركيا عن القائمة الرمادية، ورفع تصنيفها الائتماني، وقدرتها على تسديد الديون". 

رفع تصنيف تركيا الائتماني 

وكانت مجموعة العمل المالي "فاتف" قد رفعت، الشهر الماضي، تركيا من القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص، مما يمثل دفعة لخطة التحول الاقتصادي للبلاد، بعد أن أدرجتها ضمن القائمة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، بسبب ما وصفته قصور في تمويل الإرهاب ومكافحة غسل الأموال. وقالت المنظمة، وهي الهيئة الدولية المسؤولة عن تنسيق وتقييم سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن "تركيا حققت تقدماً كبيراً في تحسين نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".

كما رفعت وكالة موديز الدولية، قبل أيام، التصنيف الائتماني لتركيا درجتين دفعة واحدة؛ من بي3 (B3) إلى بي1 (B1) وحافظت على نظرتها المستقبلية عند درجة إيجابية. وهذا أول رفع لتصنيف تركيا منذ أكثر من عقد. وقالت "موديز"، في بيان، إن الدافع الرئيسي لرفع التصنيف الائتماني لتركيا كان "التطورات في إدارة الاقتصاد، وخصوصاً العودة الحازمة والراسخة بشكل متزايد إلى السياسة النقدية التقليدية، مشيرة إلى أن ذلك أثمر أول نتائج واضحة على صعيد الحد من الاختلالات الرئيسية في الاقتصاد الكلي بتركيا".

ويأتي رفع الائتمان من "موديز" بعد تحديث في التصنيف جاء في شهر مارس/آذار الماضي من جانب وكالتي "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" اللتين رفعتا تصنيف تركيا من بي (B) إلى بي+ (B+). ويزيد تحسن تصنيف تركيا من جذب الاستثمارات الخارجية، بواقع تقديم تركيا تسهيلات وإغراءات، جذبت شركات سيارات صينية، واستثمارات مالية وطاقة أوروبية، واستثمارات إنتاجية في قطاعات الزراعة والصناعة، من منطقة الخليج، كما تقول مصادر لـ"العربي الجديد".

وبلغ إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا 3.8 مليارات دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، بحسب جمعية المستثمرين الدوليين "YASED" ، بينما استحوذت دول الاتحاد الأوروبي على نحو 44% من من إجمالي الاستثمارات. 

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد دعا المستثمرين لتوظيف أموالهم في تركيا بقوله: إن "أبواب بلاده مفتوحة على مصراعيها لأي استثمار من شأنه أن يضيف قيمة لاقتصادها". وأضاف أردوغان خلال كلمة بعد اجتماع الحكومة في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة الأسبوع الماضي، أن "إجمالي احتياطيات البنك المركزي التركي سجل رقماً قياسياً جديداً بتجاوزه 148 مليار دولار. كما أن معدل التضخم بدأ في الانخفاض اعتباراً من الشهر الماضي"، مؤكداً "استمرار العمل على خفضه إلى المستويات المستهدفة بحلول نهاية العام الجاري".