افتتح سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان صباح اليوم الخميس على سعر يراوح بين 79500 ليرة و80 ألف ليرة، بعدما كان قد تجاوز مساء أمس الأربعاء عتبة الـ92000 ليرة قبل أن يلجمه تعميم مصرف لبنان المركزي الذي رفع فيه سعر منصته "صيرفة" إلى 70 ألف ليرة.
وانعكس انخفاض سعر صرف الدولار على أسعار المحروقات التي شهدت صباحاً تراجعاً كبيراً تجاوز الـ100 ألف ليرة، بحيث انخفض البنزين 95 أوكتان 180000 ليرة، بنزين 98 أوكتان 184000 ليرة، المازوت 172000 ليرة، والغاز 120000 ليرة. وأصبحت الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان 1437000 ليرة، بنزين 98 أوكتان 1472000 ليرة، المازوت 1366000 ليرة، والغاز 964000 ليرة.
كذلك، انعكس انخفاض سعر الصرف على تسعيرات السلع والمواد الغذائية في السوبرماركت التي بدأت أمس الأربعاء التسعير بالدولار الأميركي. فبعدما احتسبت الدولار على ارقام تراوح بين 88500 ليرة و89500 ليرة و91000 ليرة و93000 ليرة، تبعاً لمسار سعر الصرف في السوق السوداء خلال اليوم، راوح "دولارها" صباح الخميس بين 81000 ليرة و84000 ليرة.
وأعلن رئيس نقابة الأفران والمخابز العربية في بيروت وجبل لبنان، النقيب ناصر سرور، أن سعر ربطة الخبز سيشهد انخفاضاً اليوم لا يقل عن 3000 ليرة إذا اتُّفق على وزن 800 غرام، بعدما شهدنا الانخفاض الكبير لسعر صرف الدولار.
في المقابل، يؤدي رفع سعر منصة صيرفة من 45,400 ليرة إلى 70,000 ليرة تلقائياً، إلى زيادة في أسعار الخدمات التي حددت على سعر صيرفة، وعلى رأسها الكهرباء والاتصالات، ما من شأنه أن يرفع كثيراً الفواتير.
وأصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بياناً مساء أمس، أعلن فيه التدخل بائعاً الدولار الأميركي النقدي وشارياً الليرة اللبنانية النقدية على سعر 70000 ليرة للدولار ابتداءً من اليوم الخميس، كما وتلبيته كامل الطلب الناتج من بيع الليرة من قبل الشركات والأفراد، مشيراً إلى أن الطلبات تقدم عبر المصارف وتسجل عبر منصة صيرفة وتسدد بغضون 3 أيام عمل.
ومن أبرز ما جاء في البيان، تحديد السقوف للأفراد بمبلغ مليار ليرة لبنانية شهرياً عن كل حساب في كل مصرف، بينما تحدد السقوف بـ10 مليارات لكل شركة في كل مصرف.
كذلك، لا يطبق هذا الاجراء على مستوردي المحروقات، فيما تدفع معاشات وتعويضات القطاع العام لشهر شباط على سعر صيرفة في 1 مارس/ آذار 2023، أي 45,400 ليرة للدولار، وتتوقف المصارف عن شراء دولارات لزبائنها بسقف 300 دولار بالشهر لإشعار آخر.
في السياق، يقول الخبير الاقتصادي لويس حبيقة لـ"العربي الجديد"، إن رفع مصرف لبنان سعر منصته إلى 70 ألف ليرة أدى إلى تخفيض سعر الدولار في السوق الحرة بعدما كان قد تجاوز أمس التسعين ألف ليرة، وهو مستعد لبيع كل ما يملك من دولار لحماية السعر، وبالتالي، إنّ المشهد الذي رأيناه أمس طبيعي من حيث التراجع الكبير الذي حصل.
في المقابل، يرى حبيقة أنّ من الصعب ضبط السعر على مدى طويل، باعتبار أن هذا الاجراء يتطلب أن يكون بحوزة مصرف لبنان الكثير من الدولارات، وهو أمرٌ غير متوافر، وسبق لمصرف لبنان أن خاض هذه التجربة ولم تدم، لا بل عاد سعر الصرف في السوق الحرة إلى التفلت أكثر، وبكل الأحوال، الأيام المقبلة كفيلة بإظهار تداعيات التعميم، والفترة القادر على التأثير بها.
وفي وقتٍ يعتبر حبيقة أن سعر منصة صيرفة اصطناعي ومضغوط للتأثير بسعر الدولار في السوق الحرة ودفعه إلى التراجع، يرى أن مصرف لبنان يقوم بالترقيع، والدولار سيعاود مساره التصاعدي، لأن الليرة بكل بساطة هي انعكاس للوضع السيّئ، وانهيار قيمتها مرتبط بوضع البلد والثقة المعدومة به، وذلك في ظلّ عدم انتخاب رئيس للجمهورية واستمرار الشغور منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وعدم تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، وعدم عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي وعدم القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة.
من جهة ثانية، يشير الخبير الاقتصادي اللبناني إلى أن التعميم الصادر تزامن أيضاً مع دخول دولرة قطاع السوبرماركت حيّز التنفيذ، ما يجعل الناس تدفع بالليرة أقل لشراء السلع والمواد الغذائية، ويحدث حكماً صدمة إيجابية لديهم، لكن مؤقتة، لافتاً في المقابل إلى أن سعر منصة صيرفة الجديد سيؤدي إلى زيادة أسعار الخدمات المسعَّرة على أساسه، لكن تبقى أقلّ من سعر السوق الحرة الذي بات هو السعر الحقيقي في لبنان.