تعزيز الاستثمار في عمان يخفّض أعداد الباحثين عن عمل

18 يونيو 2024
سوق مطرح في مسقط، 15 يناير 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سلطنة عمان تشهد تحسناً في سوق العمل بانخفاض نسبة الباحثين عن عمل إلى 2.6%، نتيجة للسياسات الحكومية والمبادرات الاقتصادية مثل "نزدهر" و"تنويع"، التي تعزز الاستثمار وتقلل الاعتماد على النفط.
- تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تؤكد تحسن الاقتصاد العماني بفضل هذه السياسات، مع خطط لخصخصة 35 شركة حكومية لتوفير فرص عمل جديدة ودعم التصدير.
- الاستشاري الاقتصادي علي متولي يحذر من أن انخفاض معدل الباحثين عن عمل لا يعكس بالضرورة ازدهاراً معيشياً، مشيراً إلى التحديات الهيكلية في التوظيف وأهمية إدارة استراتيجيات التدريب لتحقيق توازن مستدام في سوق العمل.

تشهد سلطنة عمان تطورات ذات انعكاس اجتماعي في سوق العمل، حيث تُظهر الإحصاءات الرسمية الأخيرة انخفاضاً في نسبة الباحثين عن عمل إلى 2.6%، ما قدم مؤشراً على تأثير السياسات الحكومية والمبادرات الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتنويع مصادر الدخل.

يأتي ذلك فيما تفيد تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد العماني يشهد تحسناً تدريجياً بفضل السياسات الحكومية الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، والخصخصة المخطط لها لعدد من الشركات الحكومية، والتي قد تساهم في تعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة، ما قد يؤدي إلى تقليل نسبة الباحثين عن عمل أكثر في المستقبل القريب.

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن انخفاض نسبة الباحثين عن عمل في سلطنة عمان يعود إلى نتائج العديد من المبادرات الاقتصادية الوطنية التي تبنتها الحكومة، والتي تقوم على تشجيع الاستثمار الأجنبي وإطلاق برامج وطنية، مثل: "نزدهر" و"تنويع" و"استدامة" و"الحياد الكربوني"، وكلها برامج تدعم التوظيف وتوليد فرص تجارية، تشمل فرص توسع الاستثمارات المحلية.

الاستثمار في عمان

ويضيف الطوقي أن اعتماد حكومة السلطنة استراتيجية وطنية للصناعة ساهم بقوة في توفير فرص العمل وتأمين البضائع محلياً ودعم التصدير، مشيراً إلى أن التوقعات تصب في مصلحة تنافسية هذه الاستراتيجية عبر جذب المستثمرين من خارج عمان، وهو ما سيؤتي ثماراً إيجابية في ما يتعلق بنسبة الباحثين عن عمل في الفترة القادمة.

ويلفت الخبير العماني إلى أن برنامج الخصخصة المنتظر لـ 35 شركة حكومية في سلطنة عمان، عبر اكتتابات عامة أو خاصة، بينها خمس شركات في النصف الثاني من العام الجاري، من شأنه أن يصب في مصلحة تعزيز إنعاش الاقتصاد.

وفي السياق، يشير الاستشاري الاقتصادي في شركة استشارات في لندن، علي متولي، في تصريحات لـ "العربي الجديد" إلى أن انخفاض معدل الباحثين عن عمل في عمان يمكن أن يعزى إلى عدة عوامل تتعلق بديناميكيات السوق وتفضيلات أصحاب العمل والسياسات الاقتصادية. ولا يشير بالضرورة إلى ازدهار معيشي قادم للفئات المجتمعية.

ويوضح متولي أن انخفاض نسبة الباحثين عن عمل في عمان يعكس التفاعل المعقد بين التحديات الاقتصادية المختلفة وظروف سوق العمل، التي تؤثر فيها عوامل عدة، منها تفضيل أصحاب العمل في القطاع الخاص لتوظيف الوافدين لخفض التكاليف، حيث يقبل المغتربون عادة رواتب أقل مقارنة بالخريجين المحليين. ورغم الحوافز التي أقرتها الحكومة العمانية، مثل منحة الـ 200 ريال (520 دولارا) شهريا لتوظيف المواطنين، لا يزال أصحاب العمل يجدون أن توظيف الوافدين أكثر فعالية من حيث التكلفة، بحسب متولي. 

ويضيف الاستشاري الاقتصادي أن عدم التطابق بين تفضيلات الوظيفة والفرص المتاحة يمثل أحد العوامل المؤثرة في نسبة الباحثين عن عمل في سلطنة عمان، إذ يفضل الخريجون العمانيون بشكل عام الوظائف الأعلى أجرا والأقل تطلبا في القطاع العام على وظائف القطاع الخاص ذات الأجور المنخفضة والتي تستغرق ساعات عمل أطول، ما يؤدي إلى انخفاض عدد المتقدمين المحليين لهذه الوظائف. 

وهنا يلفت متولي إلى أن عدد الوظائف المتاحة في القطاع العام والمؤسسات الحكومية العمانية "محدود ومتراجع"، ما يقلل من فرص الخريجين الجدد، مشيرا إلى أن مبادرات مثل تطبيق "معاك" لم تغير تصورات الخريجين العمانيين لوظائف القطاع الخاص بشكل فعال، ما أدى إلى استمرار التردد في قبول مثل هذه الوظائف. ويلفت متولي إلى أن محللي السوق يشككون في جدوى خطط وزارة العمل العمانية لحجز وظائف للعمانيين دون توفير التدريب والإعداد الكافي. 

مشكلة هيكلية

وفي ما يتعلق بالآثار المترتبة على وضع كهذا معيشيا، يؤكد متولي أن انخفاض نسبة الباحثين عن عمل لا يشير بالضرورة إلى الازدهار المعيشي لفئات المجتمع العماني لأن التحديات الهيكلية في التوظيف لا تزال قائمة، حيث يشير تفضيل وظائف القطاع العام على فرص القطاع الخاص بين الخريجين العمانيين إلى وجود مشكلة هيكلية في مواءمة توقعات الوظائف مع واقع السوق. 

وبدون تغييرات كبيرة في الفكر السائد والنظرة تجاه التوظيف في القطاع الخاص، من المرجح أن يستمر الجمود في سوق العمل العماني، بحسب ما يراه متولي، الذي لفت إلى أن حملة "التعمين" المستمرة لتوطين الوظائف "قد تؤدي إلى نقص المهارات إذا لم تتم إدارتها من خلال استراتيجيات التدريب والتطوير المناسبة". فالوافدون يتمتعون بخبرات ومهارات واسعة قد لا تتوافر على الفور بين الخريجين المحليين، ما يشكل تحديا أمام فعالية سياسات توطين الوظائف، بحسب الاستشاري الاقتصادي. 

المساهمون