أعلن البنك الدولي أن مصر تتربع على رأس قائمة أكثر 10 دول تضرراً من تضخم أسعار الغذاء على مستوى العالم، بتسجيل نسبة 36%، وجاءت هذه التحذيرات وسط حالة من الارتفاع المتصاعد والمستمر بأسعار السلع الغذائية والحبوب بالسوق المحلية التي تدفع معدلات التضخم إلى مستويات تاريخية.
وترصد تقارير جهاز التعبئة والإحصاء عن ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلكين على مستوى الجمهورية بمعدل 38.5% لشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مقابل 40.3% في سبتمبر/ أيلول الماضي، مدفوعا بزيادة أسعار الحبوب والخبز والخضراوات والمشروبات واللحوم والألبان. وتضغط أسعار الطعام والمشروبات معدلات التضخم، بنسبة 71.7%، بسبب تغير أسعار الخضراوات بنسبة 101.5%، والسكر والأغذية السكرية 41.9% والحبوب والخبز بنسبة 44.6%، واللحوم والدواجن 97%، والألبان والجبن والبيض 67.1%، والأسماك 80.9%.
قال حسين أبو صدام نقيب الفلاحين لـ "العربي الجديد" إن حالة التضخم في أسعار الغذاء، ستظل مستمرة لفترة غير معلومة المدة، منوهاً بأن السبب الرئيسي وراء الظاهرة المتصاعدة بحدة منذ عامين، هو تراجع قيمة الجنيه، وتدهوره مقابل الدولار والعملات الصعبة، واعتماد الدولة على استيراد معظم المواد الغذائية الأساسية ومستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي.
وأضاف أبو صدام أن الحكومة تستورد 50% من احتياجاتها من الحبوب، و98% من مستلزمات السماد والمبيدات والأدوية الزراعية والبيطرية، و98% من الزيوت، مبيناً أن سعر هذه المنتجات يرتفع محلياً كلما تهاوت قيمة الجنيه.
وتابع أنه "رغم زيادة المساحات الزراعية ورفع معدلات التصدير للخارج، فإن المصدرين يعتمدون على تصدير المنتجات الزراعية الخام، مثل الموالح والمانجو والأعناب والبصل وغيرها، بينما نستورد الحبوب كالقمح والشعير وفول الصويا وفول التدميس والعدس وكل أنواع الحبوب الخشنة اللازمة للبشر وصناعة الإعلاف، بما يؤدي إلى زيادة قيمة الواردات الزراعية عن الصادرات".
وبين أن الدولة تفضل تصدير الغاز مسالاً، طلباً للدولار السريع، دون أن تستفيد منه في زيادة صادرات الأسمدة، رغم قدرة المصانع المحلية على رفع طاقتها الإنتاجية بمعدلات تزيد عن 50% من طاقة التشغيل الحالية.
وأكد نقيب الفلاحين عدم وجود حل في الأفق للقضاء على الارتفاع المستمر في زيادة أسعار الخضراوات والسلع الغذائية وغيرهما طالما ظلت المجموعة الاقتصادية بالوزارة موجودة في أماكنها، والتي تنتهج سياسات اقتصادية غير قادرة على حماية الجنيه من التدهور، والذي توقف سعره رسمياً عند 31 جنيهاً مقابل الدولار، بينما فاق 50 جنيهاً في السوق السوداء.
في جولة لـ"العربي الجديد" بالأسواق تشهد أسعار الأغذية والخضراوات ارتفاعاً تدريجياً، يزيد بنسب مرتفعة بمعدل مرتين شهرياً.
وأشار إبراهيم جمعة، موظف أمن، إلى الصعوبات التي يجدها في كل مرة يتجول بها بالسوق بحثاً عن احتياجات منزله الأسبوعية. وأكد الأربعيني أن حيرته لا تتوقف عند المنتجات المحدودة، بل في تسعيرة كل منها، حيث تعتمد الوجبة على عدة منتجات، فإذا انخفض سعر الطماطم، لكثرة المنتج، يظل سعر البصل مرتفعاً عند مستوى 25 جنيهاً.
وبيّن جمعة أن وقف تصدير البصل لمدة 3 أشهر منذ أكتوبر الماضي، لم يؤثر على الأسعار، لأن التجار يجمعون ما لدى المزارعين لتخزينه وتجهيزه للتصدير عقب انتهاء فترة الحظر، والتي ستواكب ندرة وجوده في الأسواق وقبل فترة الحصاد لبصل الموسم الشتوي الذي يحل في إبريل/ نيسان المقبل، ليتجه السعر إلى مزيد من الارتفاعات.
ويعتبر فصل الشتاء من أفضل المواسم لزراعة وتجارة الخضراوات، مع ذلك تباع البطاطس بـ 23 جنيهاً بالأسواق الشعبية، بضعف أسعارها العام الماضي. وبلغ سعر البصل والبسلة 25 جنيهاً، والفلفل الألوان 30 جنيهاً، والرومي 10 جنيهات، والملوخية 10 جنيهات، والطماطم 7 جنيهات، والثوم البلدي 30 جنيهاً، والقرنبيط 20 جنيهاً، والكرنب 25 جنيهاً للواحدة.
وتضاعفت أسعار الفاكهة المستوردة، كالتفاح والكيوي، ولم يسلم الرومان من زيادة بلغت 10 جنيهات بالكيلو، حيث يباع بـ 25 جنيهاً، رغم كثرة الإنتاج بأهم مزارعه بمحافظات الصعيد جنوب العاصمة.
وتتناقض الأسعار مع ما رصده مؤشر منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" لشهر أكتوبر الماضي، حول تراجع متوسط مؤشر أسعار الأغذية بمعدل 10.9%، خلال شهر أكتوبر الماضي، عن نظيره عام 2022، مدفوعاً بانخفاض أسعار السكر والأزر والشعير والحبوب والزيوت النباتية واللحوم، بسبب زيادة الإمدادات وتنافس المصدرين.
وأطلق برنامج الغذاء العالمي تحذيراً في الربيع الماضي، من تهديد الأمن الغذائي في مصر ودول الشرق الأوسط، جراء زيادة أسعار الغذاء وانهيار العملة أمام الدولار، بما يؤثر على ملايين المواطنين الذين يعيشون في ظل موازنة خانقة، ومستويات عالية من الدين العام، وانخفاض قيمة العملة، ومستويات خطرة من التضخم.